تواصل قوات الدعم السريع شبه العسكرية حصارها لمدينة الأبيض السودانية عاصمة ولاية كردفان ذات الأهمية الإستراتيجية منذ 40 يوماً، نفد خلالها الماء والطعام وتعطلت شبكة الكهرباء ومرافق الرعاية وشح فيها الوقود.
وتقوم القوات شبه العسكرية بنهب المركبات التي تدخل المدينة أو تغادرها، وقد فرضت ضريبة على الذين يتنقلون بين الريف والأحياء داخل المدينة.
وتغلبت وحدات الدعم السريع على قوات الجيش في الأبيض ما حدا بقائده عبد الفتاح البرهان إلى استنفار الشباب السوداني لحمل السلاح في مواجهة قوات حميدتي.
ويقول شهود محليون إن قوات الدعم السريع كانت وراء نهب مستودعات برنامج الغذاء العالمي في الأبيض، بداية حزيران / يونيو، ثم قام المدنيون بنقل البضائع المنهوبة إلى السوق لبيعها.
وتم تغيير اسم السوق إلى “دقلو”، على اسم محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع المعروف باسم حميدتي.
وقال شاهد عيان محلي وهو عالم اجتماع إن عناصر من القوات المسلحة السودانية قتلوا مدنيين عن طريق الخطأ في مدينة شرم الشيخ.
تحت الحصار
وتعد الأبيض ذات أهمية استراتيجية لوقوعها على تقاطع عدة طرق تربط غرب السودان وجنوبه بالعاصمة الخرطوم، ما أدى لاندلاع قتال حولها منذ بداية الحرب، مع تكثيف حصار قوات الدعم السريع في الأسابيع الأخيرة.
في المقابل، احتفظت فرقة المشاة الخامسة في الجيش بمقرها الرئيسي وهي تحتفظ بسيطرة اسمية على المدينة نفسها.
وقال محلل عسكري غربي، لم يتم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية إن حامية الجيش “تجاوزت التوقعات في الدفاع عن حدود المدينة، لكن من المحتمل أنها باتت تحتاج إلى تعزيزات.
وذكر أحمد علي، وهو عضو بارز في لجنة المقاومة بالمدينة أن “المدينة محاصرة بالكامل من جميع الاتجاهات الأربعة من قبل قوات الدعم السريع منذ أكثر من 40 يومًا، والقوات المسلحة السودانية تراقب فقط أثناء قيامهم بحماية مقر الجيش في المدينة وكذلك مطار الأبيض”.
وأضاف أن قوات الدعم السريع ” ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان ضد المدنيين في ولاية شمال كردفان، وكذلك في مدن وقرى أخرى، يمكننا أن نرى أن غالبية الدولة في أيدي قوات الدعم السريع”.
بحثا عن الماء
وقال شاهد العيان المحلي الذي تحدث أولاً رافضاً الكشف عن اسمه أن “هناك نقص في المياه لأن قوات الدعم السريع تهيمن على البنية التحتية لشبكاتها التي تحتاج إلى إصلاح”، مضيفاً أن الناس يشترون الماء من براميل تباع على عربات تجرها الحمير”.
وأوضح عبد الله وهو محامٍ وفقيه في الأبيض، إن سعر المياه ارتفع بما يصل إلى خمسة أضعاف، ما يعني أن الكثير من الناس يبحثون الآن عن مصادر مائية خارج المدينة.
وقال عالم الاجتماع:” انقطع التيار الكهربائي لمدة شهر تقريبًا قبل أن يتفاوض بعض قادة الإدارة المحلية مع قوات الدعم السريع، التي أصلحت محطة الإمداد”.
وأضاف أن “قوات الدعم السريع تحكم قبضتها على السفر والحركة داخل وخارج المدينة بنقاط التفتيش”، مؤكداً أنهم قاموا بفرض ضريبة على الذين ينقلون البضائع في الجانب الغربي فيما أوقفوا التجارة تماماً ونهبوها في الجنوب.
أسواق البضائع المنهوبة
وبينما لا يزال السوق المركزي يعمل، فقد الكثير من الناس مصادر دخلهم بسبب الصراع، بحسب عبد الله.
وقال:” أصبح جميع موظفي الدولة عاطلين عن العمل بمن فيهم المحامون في المحاكم أو النيابات أو حتى الشرطة، التي لم يعد لها حضور كبير”.
وقالت عدة مصادر محلية وعسكرية إن قوات الدعم السريع تسيطر الآن على مصنع الأبيض الذي يتصدر البنى التحتية للنفط في السودان، لكنها لا تتحكم في مصفاة منفصلة على طول خط الأنابيب الذي يمتد من جنوب السودان إلى بورتسودان.
وقال عبد الله:” المشكلة الرئيسية هي الطرق والوقود”، مبيناً أن “قوات الدعم السريع موزعة على طول الطرق، وكل وحدة منفصلة تعمل بمفردها وتسرق وحدها”
وبحسب المحامي عبد الله، فقد “تسبب النهب في ارتفاع أسعار السلع بشكل عام بسبب الخسائر التي تكبدها التجار”.
ودفع الوضع العسكري بعض النشطاء المدنيين للاعتقاد بأن الأطراف المتحاربة تتواطأ مع بعضها البعض.
وقال عصام أبو سندة، عضو لجنة المقاومة أن “الجيش لم يدافع عن أهالي الأبيض، وقد حدث ذلك في مدن سودانية أخرى، مثل الجنينة”.
وأضاف:” من تجربتنا المحدودة مع القوات العسكرية، نشعر أن هناك نوعًا من المؤامرة الجارية بين الجانبين، لا سيما في الأبيض، فنحن لا نرى معارك فعلية مستمرة، نحن فقط نرى الجانبين يسلمان المواقع لبعضهما البعض”.