مرارة القصف الإسرائيلي في غزة تحول حياة الأطفال الفلسطينيين إلى نقمة!

بقلم بهزاد الأخرس

ترجمة وتحرير مريم الحمد

من الشائع بين الناس أن يتمنى المرء منا العودة لأيام الطفولة والبراءة ولو لبعض الوقت والذكريات، ففترة الطفولة من أعظم النعم التي نبدأ من خلالها التعرف على العالم، إلا أنه في غزة تجربة من نوع آخر!

هل تساءلت يوماً كيف يمكنك أن تشعر لو كنت طفلاً يواجه ما يواجه في غزة اليوم؟ تخيل أنك فاطمة من غزة مثلاً، فهي لا تستيقظ على ابتسامات والديها وعناقهما، بل تستيقظ بمفردها في ممر المستشفى مرتبكة وخائفة ومصدومة، كما أن لديها غباراً في عينيها ودماء على خديها، وألماً شديداً في ساقها بسبب الكسر!

أشباح بشرية 

تساءل فاطمة نفسها عن الخطأ الذي ارتكبته حتى تعيش مثل هذا الكابوس، فلماذا لم توقظها والدتها؟ أين والدها ليطمئنها ويعانقها كما يفعل دائمًا عندما تكون خائفة؟!

تنتظر فاطمة فيما الوقت يمضي ببطء، حيث تبدأ بالتعرف على واقعها الجديد المر، فوالدها مفقود تحت الأنقاض ووالدتها جثة هادمة في الممر وإخوتها إما في العناية المركزة أو في غرفة العمليات أو في ثلاجة المشرحة.

حقائق مرة يعيشها أطفال القطاع كل يوم، فمرارة القصف قد حولت حياة أولئك الأطفال إلى نقمة!

تبدأ فاطمة بملاحظة ملامح الوجوه من حولها، كل من حولها من البشر، لكن ماذا الذي حدث معهم ليتحولوا إلى أشباح هكذا؟ لماذا تبدو وجوههم فارغة من الحياة هكذا؟ ثم تسمع صوت أختها الكبرى بيسان والتي تتدرب لتصبح طبيبة أسرة.

أخيرًا تقابل فاطمة شخصًا عزيزًا عليها، فوجود أختها سوف يمنحها بعض الراحة، وتسمع أحدهم يقول “بيسان قادمة”، ولكن عندما تصل بيسان، لا تجد فاطمة إلا قطعاً من اللحم المتفحم!

كانت تلك المعجزة الوحيدة في عائلة الرضيعة، أما الباقون فقد لقوا حتفهم جراء الغارة الجوية وتحطمت أجسادهم ودُفنت تحت الأنقاض، تاركين ملاكهم الصغير الناجي الوحيد!

تحدق فاطمة بصدمة واضحة، فأختها الطبيبة هي من يجب أن تعالج الجروح، فكيف انقلب الأمر هكذا رأساً على عقب؟! ثم تبدأ فاطمة بالبكاء والصراخ في محاولة أخيرة للاستيقاظ من هذا الكابوس المستمر، ولكنها لا تنجح بذلك.

دُفنت تحت الأنقاض

على بعد بضع مئات من الأمتار فقط، يرقد أحمد، ابن عم فاطمة وفي نفس عمرها، في ظلام دامس وهو يصرخ طلباً للمساعدة دون أن يتلقى أي مجيب، فهو عالق مذعور ولم يدرك بعد أنه مدفون تحت أنقاض المبنى المكون من 6 طوابق!

يشعر أحمد ببعض الراحة عندما يعتقد أن والده، الذي كان يحميه دائمًا، سيجده في النهاية وينقذه، وهنا يتحسس ملامح جسد تحته، ويبدأ باستحضار ما حصل لحظة القصف، فقد أمسكه والده وحاولا الفرار من الشقة، لكن لم يكن هناك وقت!

كان والده قد جعل من نفسه درعًا بشريًا يحمي به أحمد من المعدن والخرسانة المنفجرة، ويموت هو بعد أن أنجز مهمته بإبقاء أحمد على قيد الحياة، والآن دور فرق الإنقاذ لتقوم بانتشاله من تحت الأنقاض.

في مكان قريب آخر، كانت حنان البالغة من العمر 11 شهرًا، أول رضيعة في العالم تختبر رحلة طيران مجانية من مبنى مكون من 4 طوابق، فقد كانت مع والدتها على سطح منزلهما الذي يفترض أنه كان آمناً عندما حملها صدى انفجارات القصف نفسه في الهواء، مثل طائرة ورقية، إلى مزرعة قريبة حيث هبطت بسلام بين أغصان شجرة.

كانت تلك المعجزة الوحيدة في عائلة الرضيعة، أما الباقون فقد لقوا حتفهم جراء الغارة الجوية وتحطمت أجسادهم ودُفنت تحت الأنقاض، تاركين ملاكهم الصغير الناجي الوحيد!

هذه ليست قصصًا من نسج الخيال، ولكنها أحداث حقيقية حدثت كلها خلال ليلة واحدة فقط في أحد أحياء غزة، فتخيل كم من المآسي تحدث كل يوم في مراكز الإيواء، فهناك قصص هناك أيضاً، وحقائق مرة يعيشها أطفال القطاع كل يوم، فمرارة القصف قد حولت حياة أولئك الأطفال إلى نقمة!

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة