أثار مقترحان إسرائيليان لنقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر المخاوف من نكبة ثانية، في الوقت الذي يواصل فيه الجيش الإسرائيلي شن الغارات الجوية على القطاع منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر.
وفيما طالبت إسرائيل جميع سكان شمال القطاع بالتحرك جنوباً نحو الحدود المصرية، تناول العديد من المسؤولين الإسرائيليين البارزين فكرة إخراج 2.3 مليون فلسطيني منه، مما حدا بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى التحذير من مثل هذه الخطط.
ورغم أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم تروج لمثل هذه الخطوة كسياسة معتمدة، إلا أن أعضاء الحكومة أو المقربين منها وضعوا على ما يبدو خططًا تفصيلية للتعاطي معها.
فقد ذكرت صحيفة “كالكاليست” الإسرائيلية اليومية أن وزيرة المخابرات الإسرائيلية جيلا غملئيل أوصت مجلس الوزراء بنقل سكان غزة إلى سيناء في مصر بعد الحرب.
ووفقاً للصحيفة، فإن الوثيقة تحمل ختم وزارة الاستخبارات وجرى تمريرها بين الوزارات للتشاور، قبل تسريبها إلى حركة استيطانية تعرف باسم مقر المستوطنات – قطاع غزة، والتي تعمل على إعادة إنشاء المستوطنات في القطاع بعد إخلائها منه عام 2005.
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن المقترح قد لا يؤثر في نهاية المطاف على سياسة الحكومة، ولكن من الممكن أن تكون صياغته قد تمت “لتقديم الدعم” لـ “حركة الاستيطان المتطرفة”.
ويزعم تقرير جملئيل أن أفضل نتيجة ممكنة بعد الحرب الإسرائيلية “والتي ستؤدي إلى نتائج استراتيجية إيجابية وطويلة الأمد” هي نقل الفلسطينيين في غزة إلى شبه جزيرة سيناء.
وستتم هذه الخطة وفقاً للمقترح على ثلاث مراحل تشمل إنشاء مدن خيام في سيناء وإنشاء ما يسمى بممر إنساني يسمح للفلسطينيين بالفرار من خلاله، يليه بناء مدن في شمال سيناء.
وأخيراً، ستقوم إسرائيل، وفقاً للمقترح، بإقامة منطقة عازلة على عمق عدة كيلومترات داخل الأراضي المصرية لضمان عدم تمكن الفلسطينيين من العودة إلى غزة.
وتدعو الوثيقة أيضًا إلى التعاون بين إسرائيل والدول العربية والأوروبية لاستقبال النازحين الفلسطينيين.
وتناول تقرير منفصل أصدره معهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية، الجدوى الاقتصادية لنقل سكان غزة إلى سيناء.
وتم في وقت لاحق حذف التقرير الذي نشر على منصة X تحت عنوان “خطة لإعادة التوطين وإعادة التأهيل النهائي في مصر لجميع سكان غزة: الجوانب الاقتصادية”.
“توجد حاليًا فرصة فريدة ونادرة لإخلاء قطاع غزة بأكمله بالتنسيق مع الحكومة المصرية” – أمير ويتمان، معهد مسغاف
ويرأس معهد مسغاف حالياً مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق مئير بن شبات، الذي يعتبر أيضًا أحد مهندسي اتفاقيات التطبيع التي وقعتها إسرائيل مع الإمارات والبحرين والمغرب في السنوات الأخيرة، والذي يُعتقد أنه قريب من بيئة المخابرات الإسرائيلية حيث خدم لمدة 30 عامًا في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي شين بيت.
وبحسب الوثيقة فقد وضعت خطة “مستدامة ومجدية اقتصاديا” لطرد سكان غزة تتوافق مع “المصالح الجيوسياسية” لإسرائيل ومصر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة.
وتشير الورقة إلى إمكانية تسكين الفلسطينيين في أكبر مدينتين تابعتين للقاهرة هما 6 أكتوبر و10 رمضان، علماً أن المدينتين تحملان اسم حرب عام 1973 بين مصر وإسرائيل.
وزعم التقرير أن المدينتين تحويان ما يكفي من الشقق لإيواء ستة ملايين ساكن، وهي فارغة إلى حد كبير لعدم قدرة المواطنين المصريين العاديين على شراء الوحدات السكنية هناك.
ومع أن تكلفة كل وحدة سكنية تبلغ حوالي 19 ألف دولار، فإن التقرير يقدر أن تكلفة إسكان فلسطينيي غزة في ضواحي القاهرة ستصل إلى 8 مليارات دولار.
وذكر التقرير أن كلفة هذا المشروع تمثل 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي، والذي يمكن “تمويله بسهولة” من قبل الدولة.
ويرى التقرير أن الحالة المتردية للاقتصاد المصري قد تدفع القاهرة إلى دراسة العرض، مبيناً أنه إذا لزم الأمر، يمكن لإسرائيل أن تفكر في جمع ما يصل إلى 32 مليار دولار لإقناع مصر بالموافقة على المشروع.
“ستوفر غزة مساكن عالية الجودة للعديد من المواطنين الإسرائيليين” – ورقة بحثية لمعهد مسغاف
وقال التقرير: “هذا حل مبتكر ورخيص ومستدام”، مضيفًا: “بمرور الوقت، يعد هذا في الواقع استثمارًا مفيدًا جدًا لإسرائيل”.
وقالت إن “استثمار” إسرائيل في مصر سيخدم أوروبا أيضًا من خلال استقرار اقتصاد البلاد والمساعدة في وقف موجة الهجرة.