مصر تحتجز قرابة 200 ناشط أجنبي شاركوا في مسيرة تضامنية مع غزة

احتجزت السلطات المصرية واستجوبت أكثر من 200 ناشط دولي وصلوا إلى القاهرة للمشاركة في المسيرة العالمية إلى غزة، وهي مبادرة شعبية دولية تهدف إلى كسر الحصار المفروض من قبل دولة الاحتلال على قطاع غزة، بحسب ما أعلنه المنظمون يوم الخميس.

ووفقًا للمنظمين، فقد حجز نحو 4000 شخص من أكثر من 80 دولة تذاكر سفر إلى القاهرة، ووصل العديد منهم بالفعل إلى مصر قبل الموعد المقرر لانطلاق المسيرة. 

وكان من المقرر أن ينضموا إلى قافلة الصمود الشعبية التي انطلقت من العاصمة التونسية يوم الاثنين، في مسعى للوصول إلى معبر رفح الحدودي في لفتة رمزية تلفت أنظار العالم إلى الحصار المستمر منذ 18 عامًا على قطاع غزة المحاصر.

وغادرت القافلة، التي تضم 100 مركبة، العاصمة التونسية وعلى متنها متطوعون من الجزائر ومصر وليبيا والمغرب وتونس، في رحلة تضامنية تهدف إلى رفع مستوى الوعي الدولي بالأزمة الإنسانية في غزة، وتقديم مساعدات إنسانية، وفقًا لتصريحات المنظمين، فيما أظهرت بيانات التتبع أنهم وصلوا إلى مدينة مصراتة الليبية بعد ظهر الخميس.

إجراءات مصرية وتجاهل للطلبات

وعلى الرغم من أن الحكومة المصرية أصدرت بيانًا سابقًا طالبت فيه المنظمين بتقديم طلبات رسمية للحصول على الإذن بتنفيذ هذه المبادرة، أكد المنظمون أن السلطات لم ترد على طلباتهم المتكررة حتى الآن، وأنهم ماضون في خططهم.

وجاء في بيان أصدره المنظمون يوم الخميس، ونقله موقع ميدل إيست آي: “نأمل أن نتمكن من العمل جنبًا إلى جنب مع الحكومة المصرية كشريك رئيسي”، مؤكداً: “أولوياتنا هي ذاتها: المطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية للفلسطينيين.”

الاعتقالات والتحقيقات

وصرّح سيف أبو كشك، المتحدث باسم المبادرة، لوكالة فرانس برس، أن أكثر من 200 ناشط مؤيد لفلسطين اعتقلوا في مطار القاهرة، أو يخضعون للاستجواب في فنادق متفرقة في المدينة، من بينهم مواطنون من الولايات المتحدة، وهولندا، وأستراليا، وفرنسا، وإسبانيا، والمغرب، والجزائر.

وأضاف أبو كشك أن الشرطة السرية المصرية قامت باعتقال نشطاء من الفنادق، ومصادرة هواتفهم المحمولة، وتفتيش متعلقاتهم الشخصية، مشيرًا إلى أن بعض المعتقلين أُطلق سراحهم بعد الاستجواب، في حين تم الإبقاء على آخرين قيد الاحتجاز.

وأكد المنظمون في بيانهم أن فرقهم القانونية تتابع هذه الحالات، مشددين على أنهم امتثلوا لجميع المتطلبات القانونية التي فرضتها السلطات المصرية.

وأشار البيان إلى أن “آلاف المشاركين في المسيرة موجودون بالفعل في مصر، ومستعدون للانطلاق إلى مدينة العريش غدًا، ثم مواصلة السير على الأقدام إلى معبر رفح، حيث يأملون في الوصول يوم الأحد.”

قلق دولي وتطورات مقلقة

وصفت ميلاني يوهانا شفايتزر، المتحدثة باسم الوفد الألماني، الوضع بأنه “مقلق للغاية” و”تطور غير متوقع للأحداث”، مشيرة إلى أن وزارة الخارجية المصرية رحبت قبل أيام بالمواقف الدولية الداعمة لحقوق الفلسطينيين، لكنها شددت في بيانها على ضرورة تقديم طلب رسمي إلى السفارات المصرية في الخارج.

وأضافت شفايتزر: “لقد طلبنا الإذن وأرسلنا عدة رسائل إلى السفارات المصرية، وردودهم كانت مشجعة جدًا وأيدت المسيرة.”

وتابعت: “لو كانت السلطات المصرية غير موافقة على المسيرة، لكان بإمكانها إبلاغنا قبل أسابيع، لكنهم بدلاً من ذلك، أبلغونا مؤخرًا أننا لم نستوفِ أحد الشروط، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق.”

ورغم التعقيدات، أكدت شفايتزر أن المنظمين ما زالوا منفتحين على الحوار مع السلطات المصرية، حتى لو تطلب الأمر تعديل مكان المسيرة.

كما كشفت أن أغلب المستهدفين من قبل السلطات المصرية يحملون أصولًا عربية، مشيرة إلى أن بعضهم اعتُقل حتى قبل دخولهم المطار، حيث تم إنزالهم من الحافلات التي تقلهم من الطائرة إلى المطار.

مساع دبلوماسية للإفراج عن المحتجزين

وذكر هشام الغاوي، المتحدث باسم الوفد السويسري، أن “جميع السفارات” متواجدة في مطار القاهرة لمحاولة تأمين الإفراج عن النشطاء، موضحًا أن عددًا من المواطنين الإسبان واليونانيين قد أُفرج عنهم بالفعل.

وبحسب ما نقلته وكالة “مدى مصر”، فقد تم احتجاز 40 مواطنًا جزائريًا صباح الأربعاء وأُفرج عنهم بعد 24 ساعة، بينما أُعيد  10 أعضاء من الوفد المغربي إلى المطار. 

كما أُعيد بعض الأتراك إلى بلادهم بعد أن رفعوا الأعلام الفلسطينية أمام فندقهم، وفقًا لمصدر تحدث إلى “مدى مصر”.

تحذيرات من الاحتلال واتهامات سياسية

وفي سياق متصل، حثّ وزير الحرب في دولة الاحتلال، إسرائيل كاتس، السلطات المصرية على منع ما وصفهم بـ”المتظاهرين الجهاديين”، مدعيًا أنهم “سيعرضون سلامة الجنود للخطر ولن يُسمح لهم بالدخول”، مضيفًا أن قوات الاحتلال قد تتدخل إذا لم تتحرك القاهرة.

ونقلت “مدى مصر” عن مصدر حكومي مصري أن السلطات حاولت التنسيق مع الدول التي انطلق منها المشاركون لمنعهم من الوصول إلى مصر.

وتروج بعض الجهات المقربة من الحكومة المصرية لفكرة أن المسيرة تمثل “مخططًا سياسيًا” مدعومًا من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، ووصفت المبادرة بأنها “كيان معادٍ لمصر”، بالرغم من الطابع التضامني والإنساني الذي يؤكد عليه المنظمون.

مقالات ذات صلة