على مدار سبعة أسابيع، عاش حسام سليم على وقع أصوات القنابل التي تتساقط في محيط منزله في مدينة غزة.
بعد دخول الهدنة المؤقتة بين إسرائيل وحماس حيز التنفيذ يوم الجمعة، فإن الحصول على قسط من النوم يتربع على رأس أولويات الرجل البالغ من العمر 60 عاماً.
يقول سليم: “نحن بحاجة ماسة إلى هذا الاستراحة، نريد أن ننام، ونذهب إلى السوق، ونبحث عن الاحتياجات الأساسية التي لم نتمكن من توفيرها لأطفالنا خلال الأسابيع الماضية”.
وأخيرًا، سينال سليم و2.3 مليون فلسطيني آخر في قطاع غزة بضعة أيام من الراحة، مع وقف القتال لمدة أربعة أيام ما يسمح بتبادل 50 من المحتجزين لدى المقاومة و150 من الأسيرات والأسرى الأطفال الفلسطينيين.
“لا نريد توقفاً مؤقتاً فحسب، بل نريد أن تنتهي هذه الحرب مهما حدث، قطاع غزة دمر بالفعل، ولا يمكننا تحمل المزيد من القتل والدمار” – حسام سليم، غزة
وبعد انتهاء الأيام الأربعة، يمكن تمديد الهدنة بيوم واحد لكل 10 أسرى يتم إطلاق سراحهم، بحد أقصى 10 أيام، حيث يُعتقد أن حوالي 240 شخصًا أسرهم المقاتلون الفلسطينيون في 7 تشرين الأول / أكتوبر موجودون في غزة.
ويعتقد سليم أن فترة التوقف عن القتال قصيرة جدًا، وقال إنه وعائلته يأملون في أن تستغل إسرائيل وحماس هذا الوقت للتفاوض على وقف إطلاق نار أكثر استدامة لإنهاء هذه الحرب.
وكانت إسرائيل قد قطعت بشكل كامل خلال عدوانها على غزة دخول الغذاء والوقود والمياه إلى القطاع، وأجبرت مئات الآلاف من الفلسطينيين في شمال غزة، بمن فيهم سكان مدينة غزة، على النزوح إلى المناطق الجنوبية.
وينص اتفاق وقف إطلاق النار على دخول المساعدات الإنسانية، فضلاً عن إتاحة الفرصة للفلسطينيين للتحرك بحرية دون العودة إلى شمال القطاع الذي طالبت إسرائيل بإخلائه من السكان.
أما ريماس محمد، وهي فتاة تبلغ من العمر 13 عامًا تقيم في مدينة غزة، بقيت مع عائلتها رغم التهديدات التي وجهتها لهم القوات الإسرائيلية، التي تحتل الآن جزءًا كبيرًا من المدينة.
وقالت ريماس أن التوقف عن القتال سيمنحها الفرصة لزيارة أصدقائها وأقاربها الذين ما زالوا هناك.
ورغم أن فترة الراحة من الحرب تحظى بالترحاب، إلا أن البعض في غزة يشعرون بالانزعاج إزاء شروط الاتفاق.
وقالت إحدى النساء من سكان غزة، وقد طلبت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، إنها تعتبر اتفاق الهدنة صادماً، لأنه يقدر حياة الإسرائيليين أكثر من حياة الفلسطينيين.
وأضافت: “هذه الأيام الأربعة من الهدنة لا تساوي العدد الكبير من القتلى والجرحى، والمنازل التي دمرت، والعدد الهائل من الذين شردوا أو أصبحوا بلا مأوى”.
وقالت حماس إنها توصلت إلى الاتفاق انطلاقا من “مسؤوليتها” تجاه الشعب الفلسطيني بهدف “تخفيف معاناته وتضميد جراحه وتعزيز تصميمه على المقاومة ضد إسرائيل”.
العثور على الشهداء
ومن المتوقع أن يرتفع عدد الذين فقدوا حياتهم في غزة بشكل كبير خلال الهدنة، مع انتشال آلاف الفلسطينيين المدفونين تحت أنقاض المباني المدمرة.
وقالت السلطات الصحية في غزة يوم الثلاثاء إنها تواجه تحديات في التوثيق الدقيق لعدد الشهداء الذين بلغ عددهم بحلول وقت متأخر من يوم الأربعاء 14,532 شخصًا بينهم حوالي 6,000 طفل، وفقاً لما أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة،
وتشير التقارير إلى أن سبعة آلاف فلسطيني أصبحوا في عداد المفقودين في القطاع، بينهم أكثر من 4700 امرأة وطفل.
كما أعاق انهيار النظام الصحي في جزء كبير من القطاع والتعقيدات في انتشال الجثث من المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية أيضًا من القدرة على إحصاء الضحايا.
وكان خلف صبحي، أحد سكان مدينة غزة، ينتظر دخول الهدنة ليتمكن من الذهاب لتفقد منزل جده الذي تعرض للقصف مؤخرًا، دون أن يتمكن أحد من الوصول إلى جثث أقاربه منذ تعرضه للقصف.
وتقول حماس إن 40% من الفلسطينيين الذين قتلوا خلال الأسابيع السبعة الماضية كانوا في المناطق الجنوبية والوسطى التي طلبت إسرائيل من السكان الانتقال إليها بحثًا عن الأمان، كما ورد أن القوات الإسرائيلية اعتقلت وقتلت عدة أشخاص أثناء مرورهم عبر “الممر الآمن” الذي حددته إسرائيل.
وتقول الأونروا إن 1.7 مليون فلسطيني نزحوا في غزة، وإحدى هؤلاء، نور أحمد، التي فرت إلى الجنوب وقالت أنها تأمل في أن يمنحها التوقف عن القتال الفرصة للعثور على أي معلومات عن والديها، اللذين بقيا في مدينة غزة.
ورغم أن إسرائيل لن تسمح لنور بالعودة إلى المدينة، فقد وعدها أصدقاؤها بتفقد منزل والديها لمعرفة ما إذا كانا لا يزالان على قيد الحياة.
وقالت إنها ستحاول الاستفادة من فترة التهدئة للحصول على الدقيق لأطفالها، الذين كافحت من أجل إطعامهم لأسابيع.
وقالت: ” سعر كيس الدقيق الواحد الآن أكثر من 200 شيكل (53 دولاراً)، بينما كنا نشتريه بأقل من 40 شيكلاً قبل الحرب”.
وختمت: “آمل أن يساعد تدفق المزيد من المساعدات الإنسانية في توفير الطعام الذي يحتاجه أطفالي.”