بقلم : جوزيف مسعد
كشف مقال للكاتب جوزيف مسعد لموقع “ميدل ايست آي” البريطاني عن ظهور جماعة اسرائيلية جديدة تدعو اليهود الى الهجرة خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وذكر المقال أن “هذه الدعوة جاءت بعد الانتخابات الأخيرة كجزء من تقليد طويل من مغادرة المستعمرين اليهود للأراض الفلسطينية، بخيبة أمل”.
ونقل المقال عن صحيفة “معاريف” الإسرائيلية كشفها، هذا الأسبوع، عن حركة جديدة هدفها تسهيل هجرة اليهود الإسرائيليين إلى الولايات المتحدة بعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة التي تخالف معتقداتهم عن العلاقة بين الدولة الصهيونية والدين.
وأضاف المقال أن “المجموعة نشطة جدا على مواقع التواصل الاجتماعي وقد بدأت حملة تحت شعار “دعونا نغادر البلاد معا” لإقناع 10 آلاف إسرائيلي” بالهجرة، خلال المرحلة الأولى من الخطة.
ومن بين قادة المجموعة الناشط الإسرائيلي المناهض لنتنياهو يانيف غوريليك ورجل الأعمال الإسرائيلي الأمريكي مردخاي كاهانا.
وفي هذا الشأن، قال كاهانا للصحيفة الإسرائيلية: “بعد سنوات من تهريب اليهود من مناطق الحرب في سوريا وأفغانستان والعراق واليمن وأوكرانيا إلى إسرائيل، قررت مساعدة الإسرائيليين على الهجرة إلى الولايات المتحدة “.
وأضاف: “لدي مزرعة ضخمة في نيوجيرسي، وقد عرضت على الإسرائيليين الانضمام إلى مزرعتي، مع حكومة كهذه في إسرائيل، يجب على الحكومة الأمريكية السماح لكل إسرائيلي يمتلك شركة أو لديه رغبة بالعمل بمهنته في الولايات المتحدة، كالأطباء والطيارين مثلا، بالهجرة إلى الولايات المتحدة “.
كاهانا ليس أول رجل أعمال يهودي يمتلك مزرعة ضخمة في نيوجيرسي مع خطط لتحويلها إلى مستعمرة استيطانية يهودية.
الاستيطان اليهودي في الولايات المتحدة
في خضم الهجرة اليهودية الهائلة في الفترة الواقعة بين عامي 1882 و1914، والتي جلبت حوالي مليوني مهاجر يهودي روسي إلى الولايات المتحدة للهروب من الفقر المتزايد وصعود معاداة السامية، كان الممول اليهودي الألماني الفرنسي والبارون المعروف بفعل الخير، موريس دي هيرش، رائدًا في هذا المجال، حيث أسس جمعية الاستعمار اليهودية (JCA) في لندن عام 1891.
وكان تهدف الجمعية لتمويل المستعمرات الزراعية اليهودية لليهود الروس داخل روسيا وحول العالم، وخاصة في الأمريكيتين.
ولم تكن هذه الجمعية المؤسسة الوحيدة التي شجعت ودعمت انتقال اليهود الى مستعمرات لهم داخل الولايات المتحدة، حيث نجحت تلك الجهود والخطط في إرسال 10 الاف مهاجر يهودي إلى جنوب غرب الولايات المتحدة بحلول عام 1914، واليوم، يبدو كاهانا مهتمًا بمخططات مماثلة.
وأوضح التقرير أن رحيل المستعمرين اليهود من فلسطين لا يشكل الظاهرة جديدة، بل هو في الواقع أمر قديم قدم الاستعمار اليهودي الصهيوني للبلاد، والذي بدأ في ثمانينيات القرن التاسع عشر، حيث غادر في ذلك الوقت، المستعمرون اليهود القادمون من أوكرانيا، وأعضاء في حركة بيلو في خاركوف وأوديسا، فلسطين إلى الولايات المتحدة وروسيا، بعد أن خاب أملهم من نتائج جهودهم الاستعمارية.
ووفقًا للباحث الإسرائيلي مئير مارغاليت، أراد آلاف المستعمرين الآخرين الهجرة لكن لم يكن لديهم وسيلة للمغادرة، كما ناشد آلاف آخرون الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية “لإدراجهم في قوائم اللاجئين الذين يحق لهم العودة إلى وطنهم في أوروبا، على غرار النازحين المنتشرين في جميع أنحاء القارة”.
كما طالبت منظمة المهاجرين الألمان العائدين، ومقرها فلسطين، الأمم المتحدة بمساعدتهم على العودة إلى النمسا وتشيكوسلوفاكيا.
وأضاف التقرير أنه في عام 1947، قدم المستعمرون اليهود 485 طلبًا للحصول على جوازات سفر نمساوية، بينما أفاد القنصل البولندي في تل أبيب أن ما يزيد عن 14 ألفا من يهود بولندا طلبوا تأشيرات للعودة إلى وطنهم، لكن القادة الصهاينة تآمروا مع البولنديين لإحداث تأخيرات لا نهاية لها في معالجة الطلبات من أجل ثني المهاجرين المحتملين عن الهجرة.
وبعد قيام دولة إسرائيل، كانت الهجرة لا تزال سمة من سمات تجربة اليهود في البلاد، حيث غادر 10٪ من المستعمرين الجدد بين عام 1948 ومنتصف الخمسينيات من القرن الماضي.
بدورها، فرضت الحكومة الإسرائيلية قيودًا صارمة على هجرة اليهود في الفترة الواقعة بين عامي 1948 و1961، نظرًا لقلقها من فشل مشروعها الاستيطاني الاستعماري الهادف إلى إبقاء المستعمرين اليهود في البلاد، حيث رفضت معظم طلبات تأشيرة الخروج من البلاد.
وعلى الرغم من هذه القيود، استطاع 100 ألف إسرائيلي من اليهود الرحيل بحلول الذكرى العاشرة لتأسيس دولة إسرائيل عام 1958، كما هاجر أكثر من 180 ألف آخرين، معظمهم من اليهود، بحلول عام 1967.
وأشار التقرير إلى وجود 230 ألف إسرائيلي ولدوا في الولايات المتحدة لآباء يهود من المهاجرين الذين يعيشون في مستعمرات يهودية في أمريكا والمقدر عددهم بين ال 600 و750ألف، في الوقت الذي تصرح فيه الحكومة الإسرائيلية أن 720 ألف يهودي هاجروا البلاد بين عامي 1948 و2015 ولم يعودوا أبدًا.
وأضاف التقرير أن أكثر من مليون يهودي إسرائيلي حصلوا على جنسية مزدوجة في العقدين الأخيرين، وكانت الجنسية الثانية من الجنسيات الأوروبية والأمريكية حصريا، استعدادًا لمغادرة المستعمرة الاستيطانية في حال سقوطها.
إن رغبة المستعمرين اليهود المحبطين في الانسحاب من مستعمرتهم الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية والانتقال إلى مستعمرة أخرى، حيث يحصلون على امتياز العرق الأبيض، ليس بالأمر الغريب، حيث حدث ذلك بالفعل في عام 2016، عندما هاجر 30٪ من اليهود الفرنسيين إلى إسرائيل وانتهى بهم الأمر بالعودة إلى ديارهم في فرنسا، على الرغم من الجهود المكثفة التي تبذلها إسرائيل والجماعات الصهيونية لجذبهم وإبقائهم في المستعمرة الاستيطانية.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن أهمية الحركة الجديدة “لنترك البلاد – معًا” تكمن في أنها النتيجة المباشرة لأحدث وصول للسلطة من قبل حكومة إسرائيلية جديدة.