كشف تقرير أصدرته وكالة أسوشيتد برس مؤخراً عن قيام مقاولي الأمن الأمريكيين الذين يعملون مع مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) بإطلاق الذخيرة الحية والقنابل الصوتية على الفلسطينيين الذين يتضورون جوعاً خلال اصطفافهم للحصول على الغذاء والإمدادات.
وقد استند التقرير إلى شهادة اثنين من المتعاقدين الأمريكيين ومقاطع فيديو حصلت عليها وكالة أسوشيتد برس، حيث أكد المقاولان بأن زملاءهم ألقوا قنابل صوت وأطلقوا رذاذ الفلفل في جميع الاتجاهات بما تجاه الفلسطينيين، كما أشارو إلى أن الكثير من الموظفين الذين تم تعيينهم لتأمين مواقع توزيع المساعدات غير مؤهلين ومدججين بالسلاح ولديهم ترخيص مفتوح للقيام بما يريدون.
قال أحد المقاولين في شهادته: “هناك أناس أبرياء يتعرضون للأذى بشكل سيء وبدون داع”، مضيفاً بأن الموظفين يراقبون أي شخص يعتبر “مشبوهاً” ويمررون تلك المعلومات إلى الجيش الإسرائيلي.
يذكر أن صندوق الإغاثة الإنسانية المدعوم من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل بدأ العمل في أواخر شهر مايو الماضي، وذلك بعد حصار كامل فرضته القوات الإسرائيلية على قطاع غزة لمدة 3 أشهر، وقد قتل منذ ذلك الحين أكثر من 500 فلسطيني وأصيب حوالي 4000 آخرين أثناء محاولتهم الوصول إلى إمدادات الغذاء والمساعدات.
وقد كشفت الاتصالات الداخلية التي اطلعت عليها وكالة أسوشيتد برس بأنه وخلال عملية توزيع واحدة للمساعدات الشهر الماضي، استخدم المقاولون الأمنيون 37 قنبلة صوتية و 27 مقذوفة مطاطية ودخانية و60 علبة من رذاذ الفلفل بالإضافة إلى استخدام الذخيرة الحية.
شارك أحد المقاولين صورة مع وكالة أسوشيتد برس تظهر امرأة مستلقية في عربة يجرها حمار بعد أن أصيبت بقنبلة صوت في رأسها، كما أظهرت مقاطع فيديو حشوداً من الفلسطينيين يحاولون تلقي المساعدات “وسط أصوات الرصاص والقنابل الصوتية ولسع رذاذ الفلفل” بحسب وصف تقرير الوكالة.
“غير محسوبة”
أظهرت مقاطع فيديو أخرى أصوات رجال يتحدثون بالإنجليزية ويتكلمون عن كيفية تفريق الحشود ويشجعون بعضهم البعض بعد وابل من إطلاق النار.
في شهادته، أكد أحد المقاولين بأنه رأى مقاولين آخرين يطلقان النار على الفلسطينيين من برج فوق الموقع أثناء مغادرتهم المنطقة لجمع الطرود الغذائية، مضيفاً بأنه من غير الواضح سبب إطلاق النار على الأشخاص الذين يغادرون الموقع.
أشار المقاولان في شهادتهما أيضاً إلى أن الجيش الإسرائيلي يستخدم أيضاً نظام توزيع المساعدات للحصول على المعلومات الاستخبارية،
مؤكدين بأن الكاميرات التي تراقب المواقع يتم فحصها من قبل محللين أمريكيين وجنود إسرائيليين في غرفة تحكم على الجانب الإسرائيلي من معبر كرم أبو سالم إلى غزة.
وقد أوضح أحد المقاولين بأن بعض الكاميرات يوجد بها برنامج للتعرف على الوجه لتحديد الأشخاص محل الاهتمام، مشيراً إلى أن الجنود الإسرائيليين غالباً ما يشاهدون الشاشة ويتحققون منها من خلال لقطات الطائرات بدون طيار الخاصة بهم من المواقع.
من ناحية أخرى، أوضح متحدث باسم شركة Safe Reach Solutions، وهي شركة لوجستية متعاقدة مع GHF، لوكالة أسوشيتد برس بأنه لم تكن هناك أي إصابات خطيرة في مواقعهم، كما ادعت منظمة GHF بأن فريقها يتكون من متخصصين متمرسين في المجال الإنساني واللوجستي والأمني وأن الأشخاص ذوي “المصالح الخاصة” يحاولون إفشال منظمة الإغاثة.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، دعت أكثر من 170 منظمة غير حكومية إلى اتخاذ إجراءات فورية لإغلاق برنامج صندوق النقد الدولي والعودة إلى آليات تنسيق المساعدات التي تقودها الأمم المتحدة.
من الجدير بالذكر أنه وخلال وقف إطلاق النار الذي استمر لمدة شهرين بين منتصف يناير الماضي ومنتصف مارس الماضي، فقد كان هناك 400 نقطة لتوزيع المساعدات تعمل في الجيب وتشرف عليها الأمم المتحدة، وقد تم استبدالها الآن بأربعة مواقع توزيع عسكرية، مما أجبر أكثر من مليوني شخص على العيش في مناطق مزدحمة حيث يواجهون إطلاق النار الإسرائيلي.
رحلة مميتة لجلب المساعدات!
روى يوسف العجوري، وهو فلسطيني يبلغ من العمر 40 عاماً من مدينة غزة، لموقع ميدل إيست آي، كيف كانت رحلته المميتة أثناء محاولته الحصول على الطعام من نقطة توزيع تابعة لمنظمة GHF.
شبه العجوري التجربة بلعبة الحبار الشهيرة، واصفاً كيف كان يخشى على حياته وسط القناصة الإسرائيليين وكيف رأى العديد من الجثث واضطر إلى دفع الفلسطينيين الجائعين الآخرين لمحاولة الحصول على طرود الطعام.
على الجانب الآخر، ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة هآرتس مؤخراً، فقد اعترف مسؤولون عسكريون إسرائيليون بأنهم أطلقوا النار على مدنيين فلسطينيين كانوا يصطفون للحصول على المساعدات في غزة رغم من أنهم لا يشكلون أي تهديد، ويأتي هذا الاعتراف في أعقاب تقرير نشرته الصحيفة اعترف فيه جنود إسرائيليون بأنه تم توجيههم لإطلاق النار على المدنيين الذين يتضورون جوعاً في نقاط توزيع GHF في غزة.
ذكرت صحيفة هآرتس بأن المسؤولين في وحدة القيادة الجنوبية قالوا بأنهم “تلقوا أوامر بإطلاق النار على حشود غير مسلحة قرب مواقع توزيع الغذاء في غزة حتى في حالة عدم وجود تهديد”، وأن كبار الضباط الإسرائيليين اعترفوا بمقتل مدنيين بسبب نيران المدفعية “غير الدقيقة وغير المحسوبة”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)