ممثل باكستان لدى الأمم المتحدة يؤكد أن بلاده لا تدعم خطة السلام التي طرحها ترامب بالكامل

مؤخراً، انتشر مقطع فيديو لمندوب باكستان الدائم لدى الأمم المتحدة، عاصم افتخار أحمد، على وسائل التواصل الاجتماعي خلال جدال محتدم مع نظيره الإسرائيلي داني دانون في اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول الضربات الإسرائيلية على الدوحة في سبتمبر الماضي.

في الفيديو، انتقد أحمد إسرائيل ووصفها بأنها “معتدٍ أجنبي ومحتل” وبأنها “تمارس أسوأ أنواع إرهاب الدولة ثم تلعب دور الضحية”، حيث كان أحمد صريحاً حول الأزمة الإنسانية في غزة.

خلال مقابلة مع موقع ميدل إيست آي في البعثة الباكستانية في مدينة نيويورك في 2 أكتوبر، وذلك بعد يوم من اعتراض إسرائيل واحتجاز نشطاء من أسطول الصمود العالمي، أدان أحمد الغارات ووصفها بأنها “انتهاك صارخ للقانون الدولي”، وبما أن باكستان ليست على علاقة دبلوماسية مع إسرائيل، فقد حاولت باكستان الاطلاع على أوضاع المشاركين الباكستانيين في أسطول الصمود من خلال سفارتها في القاهرة والاتصالات الدبلوماسية الأخرى الصديقة لإسرائيل.

“لكنها لم تكن مسودة جلست جميع الأطراف حول الطاولة لكتابتها، لقد كانت خطة بقيادة الولايات المتحدة والتي نقلنا وجهات نظرنا حولها، فما أعلنوه لا يتماشى مع التغييرات التي اقترحناها” – عاصم افتخار أحمد- مندوب باكستان الدائم لدى الأمم المتحدة

وقد اعترضت إسرائيل الأسطول بعد يومين من موافقتها على خطة الولايات المتحدة المكونة من 20 نقطة لإنهاء حربها المستمرة منذ عامين على غزة والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 66 ألف فلسطيني وتدمير البنية التحتية للبلاد وتشريد الفلسطينيين عدة مرات.

وفق تصور الخطة المذكورة، تصبح غزة منطقة منزوعة السلاح في ظل لجنة فلسطينية انتقالية تكنوقراطية بإشراف دولي، يرأسها ترامب نفسه، إلى أن تصبح السلطة الفلسطينية “التي تم إصلاحها” بالكامل جاهزة للحكم. 

كانت باكستان واحدة من 8 دول تمت دعوتها لحضور اجتماع مغلق مع الرئيس دونالد ترامب في 23 سبتمبر الماضي، وذلك خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة اتفاق السلام في غزة، فيما لم تتم دعوة أي فلسطيني لحضور الاجتماع.

وبعد أن أصدر البيت الأبيض الخطة رسمياً، أصدرت الدول الثماني بياناً مشتركاً رحبت فيه بجهود ترامب لإنهاء الحرب وأكدت استعدادها لوضع اللمسات النهائية على الاتفاقية وتنفيذها، فيما نأى وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار بإسلام آباد عن خطة ترامب للسلام.

ماذا حصل؟

في تصريحه لميدل إيست آي، أكد أحمد بأن أياً من الدول لم تتلقَ خطة قبل أو أثناء اجتماع 23 سبتمبر، فقال: “كان هناك اعتراف واضح من جانب الرئيس ترامب وفريقه بأن ما يحدث في غزة أكثر من اللازم، وكانت هناك حاجة لوضع حد له، فقد كان اجتماعاً عاماً ولم تكن لدينا الخطة أمامنا”.

أشار أحمد أيضاً إلى أن الدول الثماني جميعها لديها “أهداف واضحة” وتشمل وقف إطلاق النار الفوري وغير المشروط وإنهاء الحرب وتوفير المساعدات الإنسانية وتبادل الأسرى مع الأسرى الفلسطينيين وأشياء أخرى كثيرة.

وأضاف: “من جانبنا، كانت المطالب واضحة للغاية، وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب والمساعدة الإنسانية وعدم التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة وعدم الضم وحل دائم ودائم للقضية الفلسطينية ودولة فلسطينية مستقلة، والولايات المتحدة شاركت بعض العناصر حول ما يمكن أن تكون عليه الخطوات التالية فيما يتعلق بإعادة التأهيل وإعادة الإعمار في غزة ونوع الترتيبات المؤقتة التي يمكن أن تكون هناك”.

أوضح أحمد بأن اجتماعات أخرى عُقدت بعد ذلك، بما في ذلك اجتماع بين وزراء الخارجية والمبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، تلته اجتماعات داخلية فردية في الفترة التي سبقت إعلان ترامب هذا، وأضاف بأنه تمت مشاركة نسخة من مسودة الخطة في مرحلة لاحقة.

وأضاف: “لكنها لم تكن مسودة جلست جميع الأطراف حول الطاولة لكتابتها، لقد كانت خطة بقيادة الولايات المتحدة والتي نقلنا وجهات نظرنا حولها، فما أعلنوه لا يتماشى مع التغييرات التي اقترحناها”.

وأضاف أحمد بأن البيان المشترك يهدف إلى تحديد الأهداف المشتركة للدول والقول “هذا ما نريد رؤيته ونأمل أن يتم ضمان هذه الأشياء عند التنفيذ”، وليس الموافقة الضمنية!

أوضح أحمد كذلك بأنه يرحب بالخطط الأمريكية لوقف إطلاق النار لأن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لم يتمكن من إصدار أي قرارات حول وقف إطلاق النار في غزة، حيث استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضدها جميعاً، والولايات المتحدة هي إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التي تمتلك حق النقض.

قال: “كان الجميع يقولون إن الولايات المتحدة وحدها هي التي يمكنها الضغط على الإسرائيليين وإحداث التغيير على الأرض، وقد رأينا ذلك من خلال وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه في يناير”.

ويعتقد أحمد بأن الولايات المتحدة تتعرض لضغوط هائلة بسبب دعمها لإسرائيل وهو أمر لا يمكنها الاستمرار في تجاهله، فقال: “يمكنك دائماً القول بأن هناك عناصر ليست جيدة أو لم يكن من المفترض أن تكون موجودة في الخطة، ولكن الأمور الأساسية موجودة فهي تتحدث أيضاً عن تقرير المصير وإقامة الدولة”.

وأضاف: “يمكنك أيضاً العثور على هذه الأشياء في إعلان نيويورك، فالولايات المتحدة لم تفعل ذلك من خلال الأمم المتحدة، بل فعلت ذلك بشكل منفصل، لكنه يظهر أنهم أدركوا أيضاً بأن الوقت قد حان لوضع حد لهذا الأمر”.

عندما تم الضغط عليه، أشار بأن المقترحات التي قدمتها الدول حول الجداول الزمنية وترتيبات الانسحاب لم يتم تضمينها، ولهذا السبب لا توافق باكستان بشكل كامل على جميع العناصر الواردة في هذه الخطة، لكنه يعتقد أن الخطة تسير في الاتجاه الصحيح ويمكن الاستمرار في البناء عليها.

من جهة أخرى، فقد أعرب أحمد عن عن مخاوفه من تورط رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، فقال: “يعتقد الكثير من الناس بأنه لا يتمتع بالمصداقية وأنا أعتقد أنه سيكون من الأفضل لو لم تكن مثل هذه الشخصيات المثيرة للجدل موجودة، يمكنها أن تكون في بعض الأدوار الاستشارية، ولكن ليس كشخصية تدير المشهد لأن ذلك سيؤثر بشكل خطير على العملية برمتها، وأعتقد أنه سيتعين عليهم إعادة النظر في هذا الجانب”.

العلاقات الباكستانية الأمريكية

بعد وقت قصير من شن إسرائيل غارات على الدوحة استهدفت اجتماعاً لحماس لمناقشة اقتراح لوقف إطلاق النار، وقعت السعودية وباكستان اتفاقاً للدفاع المشترك، الأمر الذي وصفه أحمد بـ “الإشارة مهمة” نظراً للتوقيت.

“هناك مناقشات حول مسارات مختلفة مثل التجارة والاستثمار والأمور الثقافية، وأنا متأكد من أن مكافحة الإرهاب والدفاع والقضايا الأكبر جزء من ذلك، فنحن نريد تجنب الصعود والهبوط الذي حدث في الماضي” – عاصم افتخار أحمد- مندوب باكستان الدائم لدى الأمم المتحدة

يؤكد أحمد بأن التصورات الدولية حول القوة العسكرية الباكستانية تحسنت بعد أن شنت الهند هجوماً جوياً قصيراً ضدها في مايو الماضي، حيث أثبتت باكستان قدرتها على الدفاع عن نفسها ضد “المتنمر الإقليمي”.

وقال: “الشيء الأكثر أهمية هو أننا دافعنا عن أنفسنا ضد دولة أكبر في هذه البيئة حيث ترى العدوان يرتكب والدول غير قادرة على الدفاع عن نفسها، وهذا هو الأساس المنطقي لامتلاك باكستان هذه القدرة، لأنه في هذه الأوقات، لا يمكنك الاعتماد على أي شخص، هو في الأساس اعتماد على الذات”.

من الجدير بالذكر بأن الضربات الجوية الهندية غير المبررة على باكستان في مايو الماضي جاءت بعد أن فتح مسلحون النار في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من عشرين شخصاً.

وقد زعمت الهند أن باكستان هي التي دبرت الهجمات، فيما رفضت باكستان هذه الاتهامات ودعت إلى إجراء تحقيق دولي، وهو ما رفضته دلهي، ثم هاجمت الهند باكستان في انتهاك للاتفاقيات والقوانين الدولية دون تقديم أي دليل يدعم ادعاءاتها.

أسقطت باكستان 6 طائرات هندية في المناوشات التي تلت ذلك، بما في ذلك طائرات رافال الفرنسية المتقدمة، مما أثار تساؤلات جديدة حول قدرات باكستان وأكبر داعم لها، وهي الصين.

كان الأداء العسكري الباكستاني ضد الهند واتفاقها مع السعودية وإشراك الولايات المتحدة لاحقاً لباكستان في عملية السلام في غزة، سبباً في إخراج البلاد من الغموض الدبلوماسي الذي انزلقت إليه بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وكبح جماح ما يسمى بحربها العالمية على الإرهاب.

وترى باكستان الآن فرصة لإعادة توجيه علاقتها مع الولايات المتحدة من خلال ترامب، الذي لم يبدي اهتماماً على الإطلاق بسجن السياسي المحبوب عمران خان، فإن كان من الممكن تجنب القضية الشائكة المتعلقة بحالة الديمقراطية الوليدة في باكستان، فإن الحكومة الباكستانية الحالية ترى نافذة لتأسيس أساس جديد للعلاقات الباكستانية الأمريكية.

أشار أحمد إلى أن باكستان تتطلع إلى تجنب بعض المزالق التي كان موجودة في تاريخ العلاقات الباكستانية الأمريكية حتى لا تعتمد “على شيء واحد فقط”، والذي غالباً ما يكون إما الأمن أو مكافحة الإرهاب، فقال: “هناك مناقشات حول مسارات مختلفة مثل التجارة والاستثمار والأمور الثقافية، وأنا متأكد من أن مكافحة الإرهاب والدفاع والقضايا الأكبر جزء من ذلك، فنحن نريد تجنب الصعود والهبوط الذي حدث في الماضي”.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة