توقعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) أن تضرب المجاعة شمال قطاع غزة في أي وقت من شهر آذار/ مارس الجاري وصولاً إلى أيار/ مايو المقبل.
ونقلت الوكالة التابعة للأمم المتحدة عن تحليل جديد أجراه التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC) بشأن غزة أن: “جميع سكان القطاع الذين يقدر عددهم بحوالي 2.3 مليون نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، في حين يعاني نصف السكان من مستوى أكبر من انعدام الأمن الغذائي المصنف على أنه كارثي.
وأوضحت الفاو أن التحليل أظهر أن ما يقدر بنحو 79% من سكان غزة وقعوا في “مستويات كارثية من الجوع” في الفترة من منتصف شباط/ فبراير إلى منتصف آذار/ مارس، ومن المتوقع أن يقع 92% آخرين في ذات المستوى من الآن وحتى تموز/ يوليو.
وأشارت نائبة المدير العام للفاو بيث بيكدول: “إذا لم يتم اتخاذ خطوات لوقف الحرب وإتاحة المزيد من فرص وصول المساعدات الإنسانية، فستصبح المجاعة وشيكة”.
وأردفت بالقول أن “من الممكن حدوث ذلك بالفعل، فهناك حاجة إلى الوصول الفوري لتسهيل تقديم المساعدة العاجلة والحرجة على نطاق واسع”.
وقال التقرير الصادر عن المركز الدولي للأمن الغذائي، وهو نظام عالمي تدعمه الأمم المتحدة ويقوم بتقييم مستويات مختلفة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، إن حوالي نصف سكان القطاع يواجهون الآن “جوعاً كارثيا”.
ويُعتقد أن حوالي 300,000 شخص محاصرون في شمال غزة نتيجة القتال ويواجهون الآن كارثة.
وكان تقرير سابق صادر عن المركز الدولي للأمن الغذائي في كانون الأول/ ديسمبر قد وجد أن 17% من سكان غزة كانوا على وشك المجاعة، محذراً من خطر حلول المجاعة بحلول نهاية أيار/ مايو 2024 إذا استمر العدوان الإسرائيلي.
وكشف التقرير الأخير أن 30% من الأسر في غزة تعاني من مستويات “كارثية” من الجوع، وهي المرحلة الأكثر شدة في مقياس المراحل الخمس لقياس المجاعة الذي وضعه التصنيف الدولي.
وبحسب وزارة الصحة في غزة، فإن واحداً من كل ثلاثة أطفال تقريباً يعاني الآن من سوء التغذية الحاد بينما يموت اثنان من كل 10,000 طفل بسبب الجوع.
ويقيم أكثر من نصف السكان الذين هم على حافة المجاعة في المحافظات الشمالية، الذي باتت إمكانية وصول المساعدات الإنسانية فيه محدودة للغاية.
وقال فنسنت ستيهلي، مدير عمليات منظمة العمل ضد الجوع، في بيان له أن: ” السكان المدنيين باتوا يائسين بشكل متزايد، لقد تلقينا تقارير عن أشخاص يتناولون أطعمة الحيوانات، بما في ذلك التبن والقش والأعلاف الأخرى المناسبة للماشية والماعز والأغنام”.
وأضاف:” نحن نعمل في غزة منذ 20 عاماً ولم أر شيئًا كهذا من قبل”، مبيناً أن “80% من الأطفال يعانون من أمراض معدية، و70% يعانون من الإسهال وليس لديهم ما يكفي من الغذاء أما نظام الخدمات الصحية فإنه لا يعمل”.
أزمة من صنع الإنسان
وحذرت الأمم المتحدة ووكالات إغاثة أخرى من أن غزة باتت على شفا المجاعة بسبب منع إسرائيل دخول المساعدات الحيوية من المعابر البرية للقطاع.
قال منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، يوم الاثنين، إن إسرائيل تخلق المجاعة وتستخدمها كسلاح في الحرب، مضيفاً أن الأزمة الإنسانية “من صنع الإنسان”.
ونفت إسرائيل فرض قيود على دخول المساعدات، زاعمة أن الأمم المتحدة هي المسؤولة عن ذلك.
ويخضع معبر رفح بين غزة ومصر، وهو البوابة الوحيدة للدخول والخروج من القطاع التي لا تسيطر عليها إسرائيل، لقيود مشددة وغارات جوية إسرائيلية متعددة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، مما أدى إلى تكدس شاحنات المساعدات على الحدود دون العبور إلى السكان الجوعى.
واعتبارًا من 21 تشرين الأول/ أكتوبر، سُمح بتدفق مساعدات إنسانية محدودة عبر المعبر، مع السماح ببعض المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم في جنوب غزة في أواخر كانون الأول/ ديسمبر، لكن المعبر أغلق مرة أخرى في شهر كانون ثاني/ يناير وسط احتجاجات إسرائيلية تمنع دخول المساعدات إلى القطاع.
وقالت عضوة البرلمان البريطاني أليسيا كيرنز، يوم الاثنين، إن إسرائيل فشلت في الوفاء بالتزاماتها القانونية بالمساعدة في دخول المساعدات إلى القطاع المحاصر، مشيرة إلى إغلاق معبر كرم أبو سالم.
وأوضحت: “لقد عدت للتو من موقع توزيع المساعدات في مصر، وهناك آلاف الشاحنات تنتظر تفريغ المساعدات عن متنها”.
وكانت منظمة أوكسفام قد أصدرت يوم الاثنين تقريراً اتهمت فيه الحكومة الإسرائيلية بتعمد عرقلة مرور المساعدات إلى القطاع.
وشدد التقرير على أنه يجب اتخاذ “قرار سياسي فوري لوقف إطلاق النار مع زيادة كبيرة وفورية في وصول المساعدات الإنسانية والتجارية إلى جميع سكان غزة لتجنب وقوع المجاعة”.
وأضاف التقرير: “يجب بذل كل الجهود لضمان توفير الغذاء والمياه والأدوية وحماية المدنيين، وكذلك استعادة وتوفير خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي والطاقة”.
ووفقاً لبرنامج الغذاء العالمي، فإن قرابة 150 شاحنة تدخل إلى غزة يومياً، ويقدر أن هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 300 شاحنة يومياً لمعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
وقبل شهر تشرين الأول/أكتوبر، كان القطاع يعتمد على دخول 500 شاحنة من المعبر يومياً.
وبحسب لوزارة الصحة الفلسطينية، فقد استشهد ما لا يقل عن 25 فلسطينياً بسبب الجوع، بينهم أطفال.