خلص تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية يحمل عنوان “تشعر وكأنك دون البشر: الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة”، إلى أن إسرائيل تنفذ إبادة جماعية في قطاع غزة.
يستند التقرير إلى بحث وتحليل قانوني تم إجراؤه منذ أكتوبر عام 2023، وقد خلص إلى أن حرب إسرائيل على القطاع يتم تنفيذها “بقصد محدد هو إبادة الفلسطينيين في غزة”.
تجدر الإشارة إلى أن منظمة العفو الدولية تعد أبرز منظمة حقوقية تصل إلى خلاصة أن أفعال إسرائيل في غزة تستوفي تعريف أعمال الإبادة الجماعية على النحو المنصوص عليه في اتفاقية الإبادة الجماعية حتى الآن.
“كل واحدة من هذه الهجمات أصابت أهدافاً مدنية، وفي جميع الحالات باستثناء واحدة، لم تقدم إسرائيل أي تحذير قبل تنفيذ الهجوم، وحتى في الحالة الأخيرة، لم يكن التحذيرفعالاً، وعليه لم تجد منظمة العفو الدولية في أي من هذه الهجمات أدلة على وجود أي هدف عسكري مشروع في الموقع الذي تم ضربه أو بالقرب منه” – أنييس كالامار- الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية
وقد شمل التقرير مقابلات مع 212 شخصاً، من بينهم ناجون من الغارات الجوية الإسرائيلية وآخرون شهود عليها، بالإضافة إلى ضحايا التهجير والاعتقال وضحايا تقييد إسرائيل لإيصال المساعدات.
أكدت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامارد، خلال مؤتمر صحفي في لاهاي، أن إسرائيل تخلق “كابوساً” للفلسطينيين في قطاع غزة، مشيرة إلى أن “دولة إسرائيل ارتكبت وتواصل ارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة وهذا هو الاستنتاج القاطع الذي توصلت إليه منظمة العفو الدولية”.
أضافت بالقول: “إن ادعاءات إسرائيل لحلفائها وآخرين بأن هجومها على غزة كان رداً مشروعاً على “الجرائم المروعة” التي ارتكبتها حماس غير مشروعة، فهذا الادعاء ببساطة لا يصمد أمام التدقيق”.
“نداء تنبيه”
خلال 14 شهراً من الحرب على غزة، قتلت القوات الإسرائيلية ما يقرب من 45 ألف فلسطيني، فيما ظل عدد أكبر في عداد المفقودين حتى لقوا حتفهم تحت الأنقاض، ووفقاً للأمم المتحدة، فإن ما يقرب من 70% من الضحايا هم من الأطفال والنساء.
لقد تسببت الحرب أيضاً في نزوح 90% من سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، وتدمير عدد كبير من المنازل والمساجد والمواقع التاريخية والمستشفيات ومباني الأمم المتحدة والأراضي الزراعية وغيرها من المرافق. تم القضاء عليها من خلال الهجمات.
أشارت منظمة العفو إلى أنها بنت بحثها على دراسة 15 غارة جوية إسرائيلية وقعت في شمال ووسط وجنوب غزة بين 7 أكتوبر عام 2023 و20 أبريل عام 2024.
جاء في التقرير أن الضربات “العشوائية المتعمدة” أصابت 12 منزلاً ومبنى سكنياً آخر وكنيسة وشارعاً، مما أسفر عن مقتل 334 مدنياً، بينهم 141 طفلاً على الأقل وإصابة مئات آخرين.
وفقاً للتقرير، فإن التحقيقات لم تجد “أي دليل على أن أياً من الضربات كانت موجهة نحو هدف عسكري”، في حين أظهرت الأدلة المتاحة أن جميع القتلى “كانوا مدنيين”.
“يجب على الدول الغربية أن تتصرف بناءً على هذه الأدلة، والأدلة التي قدمها عدد لا يحصى من المنظمات غير الحكومية الأخرى وهيئات الأمم المتحدة، فاستمرار التقاعس يؤكد على وجود تجاهل لاتفاقية الإبادة الجماعية” – جوناثان بورسيل- المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين
أردفت كالامار بالقول: “كل واحدة من هذه الهجمات أصابت أهدافاً مدنية، وفي جميع الحالات باستثناء واحدة، لم تقدم إسرائيل أي تحذير قبل تنفيذ الهجوم، وحتى في الحالة الأخيرة، لم يكن التحذيرفعالاً، وعليه لم تجد منظمة العفو الدولية في أي من هذه الهجمات أدلة على وجود أي هدف عسكري مشروع في الموقع الذي تم ضربه أو بالقرب منه”.
علاوة على ذلك، فقد أشارت منظمة العفو الدولية إلى التعليقات التي أدلى بها مجموعة من المسؤولين الإسرائيليين كدليل على أنهم “يفرضون عمداً على الفلسطينيين في غزة ظروف حياة تهدف إلى تدميرهم جسدياً، فيما تزعم إسرائيل أنها تتحرك دفاعاً عن النفس”.
في حديثها لموقع ميدل إيست آي، أشارت الخبيرة القانونية البارزة في منظمة العفو الدولية، غراتسيا كاريتشيا، إلى أن “أحد أسباب نشر هذا التقرير هو إصدار نداء تنبيه للمجتمع الدولي والتأكد من اعتراف الدول بأن هذه إبادة جماعية ويجب أن تتوقف الآن”.
وأضافت: “أمام الدول خيار واضح، فإما أن تقرر الاستمرار في منح إسرائيل الحصانة على جرائمها الفظيعة ضد الفلسطينيين، أو التحرك الآن لوقفها، ويجب على الدول التي تواصل نقل الأسلحة إلى إسرائيل أن تعرف أنها تواجه خطر التواطؤ في إبادة جماعية إذا واصلوا القيام بذلك”.
“على الدول الغربية التحرك”
وصفت العديد من جماعات المناصرة الفلسطينية تصرفات إسرائيل في غزة بأنها إبادة جماعية، في الوقت الذي يستمر فيه التداول في ملف القضية في محكمة العدل الدولية.
أصدرت محكمة العدل الدولية في مايو الماضي حكماً أولياً مفاده أنه من المعقول أن تكون إسرائيل قد انتهكت اتفاقية الإبادة الجماعية، وكإجراء طارئ، أمرت المحكمة إسرائيل بضمان امتناع جيشها عن ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين ووقف هجومه على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، إلا أن إسرائيل لم تلتزم بأوامر محكمة العدل الدولية، ووصفت المحكمة العليا في العالم بأنها معادية للسامية!
في مقابلة له مع موقع ميدل إيست آي، أكد المتحدث باسم المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين، جوناثان بورسيل، ترحيبه بنتائج منظمة العفو الدولية ويأمل أن تؤخذ على محمل الجد، حيث قال: “يجب على الدول الغربية أن تتصرف بناءً على هذه الأدلة، والأدلة التي قدمها عدد لا يحصى من المنظمات غير الحكومية الأخرى وهيئات الأمم المتحدة، فاستمرار التقاعس يؤكد على وجود تجاهل لاتفاقية الإبادة الجماعية”.
على الجانب الآخر، أصر حلفاء إسرائيل الغربيون على أن إسرائيل تدافع عن نفسها، حيث قال الرئيس الأمريكي جو بايدن أن تصرفات إسرائيل في غزة لا تشكل إبادة جماعية، ومثله فعل كل من رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ووزير خارجيته ديفيد لامي.