بقلم ريحان الدين
ترجمة وتحرير مريم الحمد
لقد عززت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد، يسرائيل كاتس، مؤخراً ما قاله الخبراء القانونيون منذ فترة طويلة، وهو أن إسرائيل تعاقب شعب غزة بشكل جماعي، وذلك بعدما نشر كاتس فيديو موجه بشكل مباشر إلى “سكان غزة” باعتباره “الإنذار الأخير”.
قال كاتس: “قريباً، سوف نستأنف عمليات إجلاء السكان من مناطق القتال، وما يلي ذلك سوف يكون أشد خطورة بكثير، ستدفعون الثمن كاملاً”، ودعا الفلسطينيين في القطاع إلى إعادة الأسرى الإسرائيليين وطرد حماس، مشيراً إلى أن “البديل هو الدمار الشامل والدمار”.
ويعد هذا العقاب الجماعي – الذي يُعرّف بأنه إجراء يتم اتخاذه ضد مجموعة رداً على فعل ارتكبه أفراد يُعتقد أنهم جزء من تلك المجموعة – جريمة حرب بعرف القانون الدولي، حيث يُحظر استخدام العقاب الجماعي ضد أسرى الحرب و”الأشخاص المحميين” أثناء النزاعات المسلحة.
“ما يفعله كاتس هو إشارة إلى أن هدف العملية العسكرية هو إثارة الرعب بين السكان المدنيين، وهذا يعني أيضاً أنه يعترف بأن هؤلاء السكان المدنيين، وليس حماس فقط، هم هدف الهجوم، وهذا بيان لا يتعلق فقط بمحاكمة جرائم الحرب، بل أيضاً بالإبادة الجماعية، ولذلك أتوقع أن يطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في نهاية المطاف إصدار أوامر اعتقال ضد كاتس أيضاً” – ألونسو جورمندي دونكلبيرج- الباحث في كلية لندن للاقتصاد
ويعتبر المدنيون الفلسطينيون في غزة وفقاً للتعريف أشخاصاً محميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، باعتبارهم غير مقاتلين يعيشون تحت الاحتلال، ورغم ذلك، فإن الخطاب الإسرائيلي والأفعال الإسرائيلية تعاقب مجموعة لا تتحمل أي مسؤولية عن أي جرائم.
في حديثه لموقع ميدل إيست آي، قال المحاضر البارز في كلية الحقوق بجامعة غالواي، شين دارسي: “إن استخدام المدنيين كأداة لشن الحرب، من خلال الوعد بـ “دمار شامل” إذا لم تتم إعادة الرهائن وإبعاد حماس، يتعارض بشكل أساسي مع القانون الإنساني الدولي”.
منذ أكثر من أسبوعين، منعت إسرائيل دخول جميع شاحنات المساعدات من الدخول إلى قطاع غزة، كما أن الكهرباء مقطوعة منذ أكثر من أسبوع حتى الآن، في تصرف إسرائيلي اعتبرته منظمة أطباء بلا حدود “ورقة مساومة في الحرب”.
في حديثه لميدل إيست آي، أكد الباحث في كلية لندن للاقتصاد، ألونسو جورمندي دونكلبيرج، بأن “سياسات إسرائيل الحالية ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي، خاصة التجويع الذي يستخدم كوسيلة من وسائل الحرب”، حيث استخدمت إسرائيل مثل هذه الإجراءات المتطرفة باستمرار منذ بدء الحرب في أكتوبر عام 2023.
يرى دارسي بأن قيام إسرائيل بحرمان غزة من الغذاء والكهرباء والمساعدات هو “أفظع مثال على العقاب الجماعي في هذا الصراع أو في أي صراع حديث، فالطبيعة المتطرفة لمثل هذه العقوبات الجماعية تشير إلى منطق الإبادة الجماعية الذي تقوم عليه إسرائيل مثل هذه الأعمال”، موضحاً بأن العقاب الجماعي هو أمر تمارسه إسرائيل منذ عقود في الأراضي الفلسطينية، حيث يقول: “إن هدم المنازل كشكل من أشكال العقاب هو أحد أوضح الأمثلة”.
يمكن أن يصبح كاتس مطلوباً لمحكمة العدل الدولية
لقد تم وصف استئناف إسرائيل للحرب بأنه عقاب جماعي من قبل رئيس الوزراء الأيرلندي أيضاً، وذلك بعد أن أنهت قوات الاحتلال الإسرائيلي وقف إطلاق النار الهش من جانب واحد عبر موجة من الهجمات المدمرة في مناطق مكتظة بالسكان في غزة.
ادعى الجيش الإسرائيلي بأن الهدف كان قادة حماس والبنية التحتية للحركة، لكن الحقيقة أن المئات من المدنيين هم الذين تعرضوا للذبح، فمن بين أكثر من 600 شهيد منذ أن استأنفت إسرائيل الحرب، كان هناك أكثر من 200 طفل!
أشار كاتس في الفيديو إلى أن الهجمات كانت “مجرد خطوة أولى وما سيأتي بعد ذلك سيكون أسوأ بكثير”.
يرى جورمندي دونكلبيرج بأن “ما يفعله كاتس هو إشارة إلى أن هدف العملية العسكرية هو إثارة الرعب بين السكان المدنيين، وهذا يعني أيضاً أنه يعترف بأن هؤلاء السكان المدنيين، وليس حماس فقط، هم هدف الهجوم، وهذا بيان لا يتعلق فقط بمحاكمة جرائم الحرب، بل أيضاً بالإبادة الجماعية، ولذلك أتوقع أن يطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في نهاية المطاف إصدار أوامر اعتقال ضد كاتس أيضاً”.
من قبل كاتس، سلفه يوآف غالانت، مطلوب بالفعل من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، كما أن نتنياهو متهم بتجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، والتسبب عمداً في معاناة كبيرة والقتل العمد والهجمات المتعمدة على السكان المدنيين والإبادة من بين تهم أخرى.
أوضح دارسي أن الانتهاكات الإسرائيلية الأخيرة، إلى جانب العديد من الجرائم المحتملة الأخرى، يجب أن تكون موضع محاكمة في إسرائيل، وفي المحاكم الدولية وفي محاكم الدول الأخرى بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، فقال: “لكن المعايير المزدوجة المطبقة جعلت القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل يتهربون من المساءلة، فمثل هذه العدالة الانتقائية تقوض النظام القانوني الدولي وتحرم الضحايا الفلسطينيين من العدالة”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)