من الاستيطان إلى الضم: مشروع إسرائيلي يُعيد تعريف “حل الصراع” بلا سيادة فلسطينية

خلال مؤتمر استيطاني نظمته صحيفة “ماكور ريشون” اليمينية في مستوطنة عوفرا مؤخراً، أكد وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريش، بأن إسرائيل تستعد للمضي قدماً في مشروع استيطاني كان معلقاً شرق القدس، والذي سوف يقسم الضفة الغربية المحتلة إلى قسمين، حيث قال: “هذه هي الطريقة التي نقتل بها الدولة الفلسطينية فعلياً”.

ويتضمن المشروع، المعروف باسم خطة E1، بناء 3412 وحدة سكنية للمستوطنين الإسرائيليين على الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تهدف هذه الخطة إلى ربط مستوطنتي كفار أدوميم ومعالي أدوميم بالقدس الشرقية المحتلة، مما يؤدي إلى عزل المجتمعات الفلسطينية عن بعضها البعض وتعطيل الاستمرارية الإقليمية بشكل كبير، بالإضافة إلى عزل القدس الشرقية عن الضفة الغربية، مما يجبر الفلسطينيين على اتخاذ طرق تحويلية طويلة للتنقل بين المدن والبلدات.

رغم قدم خطة E1 والتي تعود إلى التسعينيات من القرن 20، إلا أن تنفيذها تأخر مراراً بسبب المعارضة الدولية القوية، فقد حذرت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من المضي قدماً بالخطة، مشيرين إلى تأثيرها المدمر المحتمل على آفاق حل الدولتين.

في حديثه مع موقع ميدل إيست آي، حذر مستشار الاتصالات في دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، كزافييه أبو عيد، من أنه لا ينبغي الاستهانة بتصريحات سموتريتش، حيث أن موقف الوزير يعكس إجماعاً أوسع داخل السياسة الإسرائيلية.

يرى أبو عيد أن “سموتريتش ليس صوتاً هامشياً، عندما يتعلق الأمر بفلسطين، فإن هدفه المتمثل في حرمان الفلسطينيين من الحرية يتماشى مع الاتجاه السائد بين الأحزاب الصهيونية، وعندما يتعلق الأمر بالعنصرية، فإن دوره أساسي في الحفاظ على ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سليماً”.

شدد أبو عيد على أن تصريحات سموتريتش السابقة تتوافق مع السياسات الإسرائيلية الأوسع، بما في ذلك “التطهير العرقي والاحتلال في غزة واستهداف مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية والتحرك نحو ضم الضفة الغربية”.

منع إقامة دولة فلسطينية

في حديثه خلال المؤتمر الاستيطاني، أكد سموتريتش التزامه بالمشروع، موضحاً أن الحكومة قد وافقت بالفعل على بناء 15 ألف وحدة استيطانية في عام 2024 وتستثمر 7 مليارات شيكل أي حوالي 1.9 مليار دولار في إنشاء طرق جديدة عبر الضفة الغربية لتسهيل النمو الاستيطاني. 

في شهر مارس الماضي، وافق مجلس الوزراء السياسي الأمني ​​الإسرائيلي على شق طريق منفصل للفلسطينيين جنوب منطقة E1، يربط بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، ويعتبر هذا الطريق بمثابة خطوة تمهيدية لتوسيع البناء الاستيطاني في المنطقة. 

“هذه السياسات تمضي قدماً وتتطلب رداً فلسطينياً موحداً وضغطاً دولياً جدياً واستراتيجيات مقاومة مبتكرة” – إسماعيل مسلماني- المحلل الفلسطيني في الشؤون الإسرائيلية

بموجب الخطة، سوف يتم إعادة توجيه حركة المرور الفلسطينية بعيداً عن الطريق رقم 1، وهو الطريق السريع الرئيسي الذي يربط القدس بمعالي أدوميم، مما يجعله للاستخدام الإسرائيلي في المقام الأول.

في حديثه مع ميدل إيست آي، أوضح المحلل الفلسطيني في الشؤون الإسرائيلية، إسماعيل مسلماني، بأن هذه الخطوات الإسرائيلية تأتي في إطار سياسة إسرائيلية تهدف إلى “فرض واقع استيطاني جديد على الأرض لا رجعة فيه”.

وأضاف مسلماني: “الخطة تجعل إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة أمراً مستحيلاً، فهذا المشروع سوف يؤدي إلى تجزئة الأراضي الفلسطينية إلى كانتونات معزولة ويمنع السيادة الفلسطينية على الحدود الخارجية أو الموارد الطبيعية”.

خلق الحقائق على الأرض

ادعى سموتريتش أن المشروع سوف يعزز عدد السكان الإسرائيليين في الضفة الغربية، فقال: “هذه هي الطريقة التي نجلب بها مليون مستوطن”.

ويعيش نحو 700 ألف مستوطن إسرائيلي في حوالي 300 مستوطنة غير قانونية في أنحاء الضفة الغربية والقدس الشرقية، والتي تم بناؤها جميعها منذ استيلاء إسرائيل على الأراضي في حرب عام 1967، رغم أن بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة يعد غير قانوني بموجب القانون الدولي.

تعهد سموتريتش في كلمته أيضاً بأنه “سوف تكون هناك سيادة خلال هذه الولاية”، في إشارة إلى الضم الرسمي لأجزاء من الضفة الغربية في ظل الحكومة الحالية بقيادة نتنياهو. 

وفي الوقت الذي أكد فيه نيته الضغط من أجل الضم، أقر سموتريتش بأن الاعتراف السياسي وحده غير كافٍ، فقال: “إذا وافقت إسرائيل على الضم واعترف به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ثم جاء رئيس ديمقراطي وألغى هذا الاعتراف، فسوف يكون ذلك بلا معنى، ومع ذلك فإن السيادة الفعلية سوف تتحقق على الأرض”.

وفقاً لمسلماني، فإن هذه المشاريع تهدف بشكل أساسي إلى إعادة تعريف “الحل” للصراع على أنه قائم على الأمن والإدارة فقط، وليس على أساس السيادة، فقال: “هذه السياسات تمضي قدماً وتتطلب رداً فلسطينياً موحداً وضغطاً دولياً جدياً واستراتيجيات مقاومة مبتكرة”،  هذا طبعاً في حال وجود إرادة حقيقية لإبقاء حلم الدولة الفلسطينية حياً!

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة