نشرت شركة سيف ريتش سوليوشنز (SRS) إعلانات توظيف على حساب لينكد إن أعلنت من خلالها عن بحثها الدؤوب عن “ضباط اتصال إنساني” للعمل مع الشركة ليقوموا بدور “حلقات وصل حيوية بين فرقنا العملياتية والمجتمع الإنساني الأوسع”، وفقًا للوصف الوظيفي.
وكانت المقاولات العسكرية الأمريكية الخاصة، المُستعدة للإشراف على توزيع المساعدات في قطاع غزة نيابةً عن دولة الاحتلال قد أعلنت منذ أسبوع عن وظيفة شاغرة أخرى وهي “نائب/مدير فريق” لدعم “الإدارة اليومية والتخطيط وتنفيذ المهام”، قبل أن توقف التقديم لذات المهمة لاحقاً.
ويبدو أن وظيفة ضابط الاتصال تُركز على التحليل، حيث تقول الشركة أن مهام المعينين ستشمل “تقديم المشورة بشأن أفضل الممارسات للتواصل مع السكان المتضررين والسلطات المحلية والمنظمات المجتمعية”، مع مراقبة التطورات التي قد تؤثر على “الوضع العملياتي”.
وتنحصر وظيفة نائب الفريق في المجندين ذوي الخبرة في العمليات، وتشمل متطلبات التقدم لها “الخبرة الميدانية في الشرق الأوسط، وخاصة في المناطق المتضررة من الصراعات أو ما بعد الأزمات”.
ويُشترط في المتقدمين لهذه الوظائف أن يكونوا مواطنين أمريكيين حاصلين على خبرة لا تقل عن سبع سنوات، ويُفضّل من يجيد اللغة العربية منهم.
ومن المفارقات أن SRS تبحث عن أشخاص ذوي خبرة في الأمم المتحدة، لكن خطة تولي توزيع المساعدات تسعى إلى استبدال الأمم المتحدة، القادرة بالفعل على إيصال المساعدات في غزة.
وجاء في إعلان الشركة أن “هؤلاء المهنيون من ذوي المهن المتوسطة إلى العليا سيساعدون على بناء جسور التواصل والتنسيق وبناء الثقة مع المنظمات غير الحكومية والوكالات الدولية وهيئات الأمم المتحدة العاملة في بيئات معقدة.”
وتُظهر البيانات طلباً مرتفعاً على هذه الوظائف، فخلال أسبوعين، تقدّم أكثر من 100 شخص على منصة لينكد إن لشغل وظيفة ضابط اتصال للشؤون الإنسانية.
كما جلب منصب نائب الفريق تعليقات من المستخدمين المهتمين، الذين خاطبوا مستشار التوظيف في الشركة على منصة لينكد إن عارضين مؤهلاتهم ومطالبين إياه بالتواصل معهم للحديث حول المزيد من التفاصيل.
وكانت إدارة بايدن السابقة قد طرحت مشروع رصيف بحري باهظ التكلفة لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة العام الماضي، لكن المشروع اعتُبر فاشلاً على نطاق واسع.
ونُشرت على منصات التواصل الاجتماعي صور لفرق من الرجال يرتدون الزي الموحد شبه العسكري في مطار بن غوريون بتل أبيب فيما يبدو كمشاهد لوصول طلائع المتعاقدين العسكريين الأمريكيين الخاصين إلى دولة الاحتلال.
من هو فيل رايلي وما هي شركته SRS؟
ولم يتمكن موقع ميدل إيست آي من تحديد هوية المجند علي علي الذي يقوم بالإعلان على منصة لينكد إن باعتباره مستشار التوظيف في شركة SRS، لكن حساباته تكشف أن لديه 13 صلة على موقع لينكد إن رغم أنه لم يعرض شخصية له.
أما الذي يرأس شركة SRSفهو الضابط شبه العسكري السابق في وكالة المخابرات المركزية، فيل رايلي، الذي خدم في آسيا وأفغانستان والعراق.
وصرح مسؤولان أمريكيان سابقان لموقع ميدل إيست آي أن رايلي نال ثقة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو والعديد من رجال الأعمال المقربين منه في الدولة العبرية.
أما شركة SRS فظلت تعد الخيار الأمثل لتأمين المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر المشروع الذي قد يُكلّف عقدًا بقيمة “مئات الملايين من الدولارات”، وفقاً لرجال أعمال من دولة الاحتلال.
وكانت شركة SRS إحدى شركات المقاولات العسكرية الخاصة المسؤولة عن تأمين معبر نتساريم في غزة خلال الهدنة قصيرة الأمد التي شهدتها غزة.
يذكر أن القتال في غزة كان قد توقف لفترة وجيزة في يناير/كانون الثاني، لكنه استؤنف في مارس/آذار عندما استأنفت دولة الاحتلال من جانب واحد عدوانها على القطاع.
ووفقًا لتقرير رويترز الصادر في يناير/كانون الثاني، كان المتعاقدون الأمريكيون يتقاضون 1100 دولار يوميًا للعمل في غزة، مع دفعة مقدمة قدرها 10000 دولار للمحاربين القدامى.
وصرح مسؤول أمريكي لموقع ميدل إيست آي بأن الولايات المتحدة ودول الخليج هي التي دفعت بشكل رئيسي تكاليف عمل شركة SRS خلال وقف إطلاق النار.
ومن المرجح أن تكون الولايات المتحدة هي من زوّد المتعاقدين العسكريين الخاصين بالأسلحة والإمدادات.
وذكر مسؤول أمريكي لموقع ميدل إيست آي أن نطاق الرواتب يتجاوز ما كانت تدفعه شركة الأمن الأمريكية السابقة بلاك ووتر للمحاربين القدامى.
وعلى موقع لينكد إن، لا تُخفي شركة SRS صلتها بغزة، فقد نشرت مقالاً مُثيراً للاهتمام من ABC News في أبريل/نيسان بعنوان “كيف تمكّن فريق من آباء الضواحي من تأمين نقطة تفتيش رئيسية في ممر الموت بغزة.
الأمم المتحدة تُعلن عدم توزيع أي مساعدات في غزة
الجدير بالذكر أن شركة SRS أخذت تكثف إعلانات التوظيف عبر لينكد إن في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تُطالب الأمم المتحدة والدول الأوروبية في وقت سابق من شهر مايو/أيار بالموافقة على إنشاء مؤسسة غزة الإنسانية، للإشراف على توزيع المساعدات.
وفي حال مضت الخطة الأمريكية قدماً، فإن هذه المؤسسة ستحل إلى حد كبير محلّ دور الأمم المتحدة في توزيع المساعدات في غزة، وهي تقول إنها تُخطط لبدء نشاطها بحلول نهاية شهر مايو/أيار الجاري.
وتكشف صفحة طلبات التوظيف في شركة SRS أن دولة الاحتلال والولايات المتحدة تتجهان بسرعة نحو خصخصة توزيع المساعدات في غزة وعسكرتها.
وتعمل SRS بجد على توظيف فني أنظمة تصوير، قادر على تحليل مقاطع الفيديو بالحركة الكاملة في الوقت الذي أعلنت فيه دولة الاحتلال أنها تُخطط لإنشاء “مراكز” لتوزيع المساعدات.
وسبق أن تم استخدام نقاط تفتيش في غزة لفصل الرجال والنساء الفلسطينيين، وفي وقت سابق من هذا الشهر، وافق مجلس وزراء الاحتلال على خطة تُلزم الفلسطينيين بتطبيق تقنية التعرف على الوجه قبل حصولهم على أي مساعدات.
هذا وتسعى SRS للحصول على تمويل خارجي لخطتها التي تواجه انتقادات شديدة من منظمات الإغاثة المختلفة، حيث أعلنت الأمم المتحدة أنها لن تشارك في عمل الشركة.
وفيما زعمت دولة الاحتلال يوم الاثنين أنها ستسمح بدخول بعض المساعدات الإنسانية إلى القطاع، أعلنت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء أن سلطات الاحتلال سمحت بدخول أربع شاحنات محملة بأغذية الأطفال إلى القطاع، وبضع عشرات من الشاحنات الأخرى المحملة بالدقيق والأدوية والإمدادات الغذائية، دون أن تتمكن الأمم المتحدة من توزيع الإمدادات.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك: “تُلزمنا سلطات الاحتلال بتفريغ الإمدادات على الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم وإعادة تحميلها بشكل منفصل بمجرد أن تضمن وصول فريقنا من داخل قطاع غزة”.
وأضاف دوجاريك: “عناصر إحدى فرقنا انتظروا اليوم عدة ساعات للحصول على الضوء الأخضر من الاحتلال للدخول إلى منطقة كرم أبو سالم وجمع الإمدادات الغذائية، وللأسف، لم يتمكنوا من إدخال تلك الإمدادات إلى مستودعاتنا”.
ويقول خبراء في المجال الإنساني إن غزة على شفا مجاعة جماعية، حيث ذكر توم فليتشر، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، الثلاثاء، إن 14 ألف طفل قد يموتون خلال الـ48 ساعة المقبلة إذا لم تصل إليهم المساعدات في الوقت المناسب.