من “زيتونة” إلى “إن شاء الله” كلمات عربية لا زالت تتردد على شفاه الإسبان

من زيتونة إلى إن شاء الله كلمات عربية لا زالت تتردد على شفاه الإسبان

بقلم ندى عثمان

إذا سبق لك أن استمعت إلى اللغة الإسبانية واعتقدت أن بعض الكلمات فيها تشبه اللغة العربية، فذلك لأن هناك علاقة عمرها ألف عام بين اللغتين.

ووفقًا لبعض المؤرخين، فإن نحو 4000 كلمة في اللغة الإسبانية الحديثة اشتقت من العربية.

بين القرنين السابع والخامس عشر، كانت معظم شبه الجزيرة الأيبيرية، بما في ذلك إسبانيا والبرتغال الحديثة، تحت الحكم الإسلامي حيث كان السكان يتحدثون العربية طوال الوقت.

تأثرت الثقافة المحلية، بما في ذلك العمارة والطعام والتراث، بالثقافة الإسلامية بشدة، وأصبحت اللغة العربية فيما بعد اللغة الرسمية.

عُرفت مدينة مدريد، التي أسسها الأمير الأموي محمد الأول في العام 865، باسم مايريت، واليوم، يعيش فيها حوالي 300 ألف مسلم، بينما نما عدد المسلمين في إسبانيا إلى حوالي مليوني نسمة.

وفيما يلي نلقي نظرة على بعض الكلمات الإسبانية التي تمت استعارتها من اللغة العربية ولا تزال مستخدمة حتى اليوم، وبعض هذه الكلمات لها أصول في لغات أخرى، مثل الفارسية أو السنسكريتية، ولكنها وصلت إسبانيا من خلال اللغة العربية التي يتحدث بها السكان المسلمون: 

١- Ojala – من التعبير العربي “إن شاء الله”

إذا كنت تتحدث الإسبانية، فمن المحتمل أنك تعرف الكثير من اللغة العربية، ويتجلى ذلك في قول “أوجلا” المشتق من الكلمة العربية “إن شاء الله” بمعنى “إن شاء الله”.

يستخدم المسلمون هذا المصطلح عند التخطيط لفعل قادم أو التحدث عن المستقبل كتذكير بأن المستقبل كله في يد الله، ولا يتم تحقيق الخطط إلا نتيجة إرادة الله، ويستخدم المصطلح في إسبانيا اليوم بمعنى المأمول.

بدأت اللغة العربية في التأثير بشكل أقوى في إسبانيا خلال فترة الاسترداد المسيحي، عندما تم غزو الأراضي التي يحكمها المسلمون، وكان يقيم عدد كبير من الناطقين باللغة العربية في هذه المناطق، خلال القرنين الحادي عشر والثالث عشر.

تأثر جنوب إسبانيا بشكل أكبر من غيره باللغة العربية، ولهذا السبب، فإن عددا أكبر من الكلمات العربية تدخل في اللهجات المستخدمة في الجزء الجنوبي من البلاد، مثل كاستيلانو ميريديونال أو قشتالة الجنوبية.

وفي كتب التاريخ الأوروبية، يُشار إلى المسلمين عادةً باسم “المور”، والتي تُترجم بشكل فضفاض على أنها “ذات بشرة داكنة”.

ويطلق العلماء اليوم كلمة “المستعربة” على العديد من اللهجات الرومانطيقية المعربة التي كان يتم التحدث بها في المناطق الخاضعة للحكم الإسلامي.  

ويُعتقد أن كلمة “أولي” الإسبانية، التي لا تزال تُستخدم حتى اليوم في إسبانيا للتعبير عن الدهشة أو الفرح، تأتي من كلمة “والله”، وهي كلمة عربية تعني “بالله” أو “أقسم بالله”.

٢- Aceituna- من كلمة الزيتونة

حضر التأثير العربي في الطعام الإسباني، كما في اللغة، فمعظم الكلمات الإسبانية التي تبدأ بـ “al” مشتقة من اللغة العربية.

الباييلا، التي يعتبرها الكثيرون طبقًا وطنيًا لإسبانيا، تحتوي على العديد من المكونات التي كانت تستخدم بكثرة في الشرق الأوسط، مثل الزعفران والأرز.

والمكونات الأخرى مثل الخرشوف والمشمش اللتين تلفظان بـ “الكاشوفا” و”الباريكوكي” بالإسبانية على التوالي هي كلمات مشتقة من العربية ووقد سادت هذه المأكولات في العديد من أطباق شمال أفريقيا مثل اليخنات.

ويمكن قول الشيء نفسه عن زيت الزيتون، الذي كان يستخدم للعلاج في الشرق الأوسط وكذلك للطبخ وصناعة مستحضرات التجميل.

وعندما حكم المسلمون إسبانيا، أو الأندلس كما سميت آنذاك، اشتهروا بتزويد باقي شبه الجزيرة الأيبيرية وروما بزيت الزيتون، وتم خلال تلك الفترة إدخال أنواع جديدة من الزيتون إلى هذه المناطق.

واشتقت كلمة أثيتوناس من الكلمة الإسبانيةaceite، والتي تعني الزيت ومشتقة من الكلمة العربية الزيت.

ويمكن أن تساعد العديد من الكلمات الإسبانية التي نشأت من اللغة العربية في تسليط الضوء على الصناعات والأطعمة والحرف التي كانت شائعة في الشرق الأوسط في ذلك الوقت وانتقلت إلى إسبانيا مثل القطن.

كما تأثرت بعض الكلمات، بشكل أكثر تحديدًا، باللهجة المغربية، ويرجع ذلك أساسًا إلى فرض الحماية الإسبانية على المغرب في القرنين التاسع عشر والعشرين.

٣- Algodon – من القطن العربي

كان المسلمون أول من أدخل القطن إلى شبه الجزيرة الأيبيرية، لذا فليس من المستغرب أن تأتي الكلمة الإسبانية للقطن من كلمة “القطن” العربية.

طور المسلمون المناطق التي حكموها في إسبانيا كثيرا، ونتيجة لذلك كان في مدينة قرطبة أكثر من 900 حمام عام وطرق معبدة تضاء بمصابيح الشوارع قبل بقية مدن أوروبا بمئات السنين.

وإلى جانب هذا التطور، جاءت عدد من الحرف والموارد إلى إسبانيا على أيدي المسلمين، بما في ذلك التمور والبرتقال والليمون والحرير والقطن التي مازالت تشكل جزءًا من التجارة الرئيسية في إسبانيا إلى اليوم.

٤-Almohada – من كلمة “المخدة” العربية

أخذت هذه الكلمة من كلمة “المخدة” التي تعني بالعربية الوسادة، ويُعتقد أن أصلها مشتق من الكلمة العربية الفصحى “الخد”، قبل أن تم تطوير الكلمة إلى وسائد لأنها المكان الذي يوضع عليه الخد أثناء النوم.

يومكن أيضًا ملاحظة تأثير الكلمات العربية في عناصر الملابس وكذلك العناصر المنزلية مثل الوسائد. وكلمة “ألفومبرا” والتي تعني السجادة تأتي أيضًا من اللغة العربية ويمكن التعرف عليها بسهولة لأنها تبدأ بلام التعريف العربية.

٥- Azucar – من العربية “السكر” 

نشأت من الكلمة العربية “السكر” كمثال من بين العديد من الأمثلة، لا سيما المتعلق منها بالمواد الغذائية التي جلبها المغاربة.

ومع مرور الوقت، كان المتحدثون باللغة الإسبانية يغيرون من شكل الكلمات العربية لدمجها مع الإسبانية مثل استبدال “al” في بداية الكلمات بحرف “a”

واليوم، لا يزال من الممكن رؤية العديد من مزارع السكر التي أدخلها المغاربة إلى جنوب إسبانيا، ففي الوقت الذي حكم فيه المور، كان السكر صناعة رئيسية وكان جزءًا مهمًا للغاية من الاقتصاد المحلي، حيث كان السكر مهمًا ومربحًا للغاية لدرجة أن ضريبته التي فرضت لقرون كانت توفر إيرادات حيوية لغرناطة.

سمح مناخ البحر الأبيض المتوسط بزراعة عدد كبير من المحاصيل التي كان جزء كبير منها يُزرع في شمال إفريقيا.

وفي نهاية المطاف، تم استخدام مصانع السكر في جميع أنحاء إسبانيا لصنع العسل والمنتجات الغذائية التي تحتوي على قصب السكر.

٦- Ajedrez من العربية الشطرنج

أصبح الشطرنج، الذي قدمه المسلمون كشكل من أشكال الترفيه في عام 711، ذا شعبية كبيرة في جميع أنحاء إسبانيا.

في الإسبانية، يُنطق صوت “J” في الأصل على أنه “sh” أو “ch” ، مما يجعل الكلمة أقرب إلى اللغة العربية مما يظهر فعلا.

وجاء الشطرنج في الأصل من الهند في القرن السادس، وشاعت لعبته بين المغاربة والبربر، قبل أن يتم تغييره لاحقًا ليأخذ المزيد من الأشكال المسيحية، في محاولة لتكريم ملكة إسبانيا إيزابيلا.

في الهند، كانت اللعبة تسمىchaturanga ، وهي كلمة سنسكريتية تعني أربعة فرق من الجيش، بما في ذلك الأفيال وعربات الفرسان وسلاح الفرسان والمشاة، لم يكن للعبة ملك، ومع ذلك استمرت اللعبة لتعكس واقع البلدان والمعتقدات في المواقع التي لعبت فيها.

وخير مثال على ذلك هو اعتقاد العديد من المؤرخين أن الملكة إيزابيلا ملكة إسبانيا أثرت في إدخال حجر “الملكة” إلى لعبة الشطرنج، بعد أن كانت عملية التتويج تعني أنها وفيرديناند الثاني، ملك أراغون، سيحكمون بشكل مشترك ويتمتعون بسلطات متساوية.

ساعدت إيزابيلا لاحقًا في تنظيم استراتيجية الحرب ضد البرتغال وطريقة لغزو غرناطة، التي كانت في ذلك الوقت الجزء الوحيد المتبقي من إسبانيا تحت حكم المسلمين.

وإلى جانب الشطرنج، قدم المور أيضًا فلسفة أرسطو والتوابل والآلات الموسيقية إلى إسبانيا.

٧- -Alcancia من العربية الـ “كنز” 

Alcancia هي كلمة إسبانية تعني حصالة على شكل حيوان، أو وعاء يستخدمه شخص ما لتخزين النقود، ومع ذلك، فإن الكلمة جاءت من الكلمة العربية الفصحى “الكنز”.

تعود أصول الكلمة في الأصل إلى اللغة الفارسية، ولكنها اعتمدت في اللغة العربية، وخلال الفترة التي حكم فيها المسلمون، غالبًا ما كان يتم الاحتفاظ بصندوق نقود في alacena، الخزانة، وهي كلمة مشتقة أيضًا من اللغة العربية للخزانة.

وفي إسبانيا، تم استخدام المصطلح لصناديق النقود أو ما يتم جمعه من الاعمال الخيرية في الكنائس.

ويمكن رؤية التأثير العربي في إسبانيا في مجالات تتجاوز اللغة، ففي عام 716، تم نحت كلمة الأندلس، وهو الاسم الذي أطلق على المجتمع الذي حكمه المسلمون، على العملات المعدنية في ذلك الوقت باللغتين العربية واللاتينية.

للإطلاع على المادة الأصلية من (هنا)

مقالات ذات صلة