كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني النقاب عن تلقي الشبكة الإسلامية البريطانية للدعم من مؤسسة خيرية أنشأها رئيس أساقفة كانتربري السابق جوستين ويلبي.
وتخوض الشبكة الإسلامية البريطانية، وهي هيئة حديثة العهد منافسة مع المجلس الإسلامي البريطاني على قيادة المجتمع المسلم في المملكة المتحدة.
وتعتزم الشبكة الإسلامية البريطانية تنظيم حفل إطلاقها في 25 فبراير/شباط، لكنها تواجه أزمة متصاعدة مع رفض أعداد متزايدة من النواب المسلمين الحضور.
وفي يوليو/تموز الماضي، أورد ميدل إيست آي لأول مرة خططاً لإنشاء مجموعة إسلامية جديدة مدعومة من حزب العمال تهدف إلى التواصل مع الحكومة.
لكن تلك المبادرة فقدت معظم موارد دعمها، بما في ذلك مئات الآلاف من الجنيهات الاسترلينية منذ ذلك الوقت.
وذكر العديد من النواب المسلمين في أحاديث خاصة إنهم لن يلبوا دعوات لحضور حفل الإطلاق القادم.
وكانت عقيلة أحمد، المشاركة في تأسيس الشبكة الإسلامية البريطانية قد ذكرت في أواخر يناير/كانون الثاني أن الشبكة “تتحدث إلى الممولين المحتملين داخل المجتمع المسلم البريطاني فقط”.
لكن ثلاثة مصادر مطلعة من داخل حزب العمال أبلغت ميدل إيست آي أن الشبكة تتلقى جزءًا كبيرًا من دعمها من تحالف Together.
يذكر أن تحالف Together هو مؤسسة خيرية شارك في تأسيسها ويلبي وبريندان كوكس، زوج النائبة العمالية جو كوكس التي قُتلت على يد مسلح متأثر باليمين المتطرف في عام 2016.
وبحسب موقعها على الإنترنت فإن رئيس أساقفة كانتربري، وهو اللقب الذي احتفظ به ويلبي حتى وقت قريب يشرف على المجموعة التوجيهية لهذا التحالف.
وكان ويلبي قد استقال من منصبه كرئيس للأساقفة في أواخر العام الماضي بعد أن وجد تقرير أن كنيسة إنجلترا تسترت على اعتداء جنسي من قبل محامٍ على ما يصل إلى 130 فتى وشاباً، دون أن يتم تعيين خليفة لويلبي في منصب رئيس الأساقفة بعد.
ومن بين الأعضاء البارزين في المجموعة التوجيهية لائتلاف Together ماثيو إليوت، الذي كان الرئيس التنفيذي لحملة Vote Leave التي دافعت عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، واللورد ريتشارد دانات، وهو قائد سابق للجيش البريطاني.
كما تنخرط الناشطة في مجال المساواة بين الجنسين جولي صديقي، وهي عضو آخر في المجموعة التوجيهية لتحالف Together بشكل كبير في أنشطة الشبكة الإسلامية.
“لا مصداقية”
هذا وأبلغت مصادر من حزب العمال موقع ميدل إيست آي أن كوكس، الذي يشغل منصب رئيس الاستراتيجية في ائتلاف Together والذي يُعتقد أنه قريب من قيادة حزب العمال، هو شخصية رئيسية وراء الشبكة الجديدة.
كما علم الموقع أن كوكس يشعر بالقلق من أن شخصيات مثل صديقي التي تقف وراء الشبكة تفتقر إلى المصداقية داخل المجتمع المسلم.
“لم تسر الشبكة الإسلامية البريطانية بالطريقة التي توقعوها وبدلاً من جمع الناس معاً، فإنها تخلق المزيد من الانقسام” – مصدر من حزب العمال
وقال مصدر على اتصال منتظم مع الجماعات الإسلامية الشعبية أن “كوكس يدرك أن الشخصيات التي يشاع عن تورطها مع الشبكة، مثل جولي صديقي أو الإمام عاصم حافظ، تفتقر إلى المصداقية داخل المجتمع”.
وكان كوكس، وهو ليس مسلماً، قد أشاد في وقت سابق ببرنامج Prevent المثير للجدل وحذر من أنه “لا داعي لاستدعاء الصراع من إسرائيل وفلسطين إلى المملكة المتحدة”.
وفي عام 2018، اعترف كوكس بارتكاب سلوك غير لائق واستقال من مؤسستين خيريتين بعد ظهور مزاعم متعددة بالاعتداء الجنسي، وإن كان قد نفى بشدة الاتهامات.
وكان ميدل إيست آي قد تلقى إشارات بأن عدداً من المشاركين في مشروع إنشاء منظمة إسلامية جديدة قد عقدوا اجتماعاً في مايو الماضي نظمه ائتلاف Together في كمبرلاند لودج، وهو منزل ريفي يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر في وندسور.
وقدمت الشبكة الإسلامية البريطانية في ذلك الحين نفسها على أنها تسعى إلى تسهيل تواصل الحكومة مع المجتمعات المسلمة البريطانية، وهو ما يهدف إليه المجلس الإسلامي البريطاني (MCB)، الذي تأسس في أواخر تسعينيات القرن العشرين.
وورد في الدعوة إلى حفل إطلاق الشبكة الإسلامية البريطانية أن الشبكة تأسست نتيجة “تآلف العديد من العقول والقلوب على مدى الأشهر القليلة الماضية، وهي مرتبطة بالمحادثات التي كانت تجري في المجتمعات المسلمة البريطانية لسنوات عديدة”.
وذكر مستند الاقتراح الذي نشره موقع ميدل إيست آي في يوليو/تموز الماضي أن الحكومة وصناع السياسات “ليسوا قادرين على الوصول إلى المجتمعات المسلمة البريطانية المتنوعة بسهولة أو الاتصال بها أو طلب المشورة الموثوقة والخبيرة منها مما يخلق حاجة ماسة لمجموعة موثوقة”.
لكن الحكومات المتعاقبة اتبعت سياسة رفض التعامل مع أكبر هيئة مظلة في بريطانيا تدعي تمثيل المسلمين البريطانيين، وهي المجلس الإسلامي البريطاني.
ويضم المجلس الإسلامي البريطاني أكثر من 500 منظمة عضو، بما في ذلك المساجد والمدارس والمجالس المحلية والإقليمية والشبكات المهنية ومنظمات المناصرة.
وفي أغسطس/آب، كشف موقع ميدل إيست آي أن حكومة حزب العمال تجاهلت حتى الاتصالات الواردة من المجلس الإسلامي البريطاني خلال أعمال الشغب اليمينية المتطرفة التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد لأكثر من أسبوع.
وقال مصدر آخر من حزب العمال، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لموقع ميدل إيست آي إن هناك غضبًا بسبب “المحاولات المتكررة لتقسيم المجتمع المسلم إلى ما يسمى بالمسلمين الصالحين الذين سيُسمح لهم بالتعامل مع الحكومة، وما يسمى بالمسلمين السيئين الذين ستتم مقاطعتهم”.
وأضاف المصدر: “هذا أمر خطير بقدر ما هو عنصري، فتورط الأفراد والمنظمات غير المسلمة في قيادة هذه المشاريع المثيرة للانقسام ينضح بشكل خاص بكراهية الإسلام”.
وقال متحدث باسم ائتلاف Together لموقع ميدل إيست آي: “كجزء من عملنا لمعالجة التهديدات التي تواجه تماسك المجتمع، نعمل مع مجموعة واسعة من مجموعات المجتمع المدني للمساعدة في ضمان حصول الأصوات والمجتمعات المهمشة على الدعم الذي تستحقه”.
الوصول والتمثيل
ويُرجح أن يكون كوكس قد لعب دوراً محورياً في تشكيل استراتيجية حزب العمال الأوسع نطاقًا للمشاركة الدينية، حيث يعتمد الحزب بشكل كبير على تحالف Together للتواصل المجتمعي.
ووفقًا لمصدر في حزب العمال، فقد برز كوكس كشخصية رئيسية في هذه الجهود، ويقال إن نفوذه مرتبط باتصالاته داخل الحزب وعمله الأوسع بين أتباع الأديان، وخاصة من خلال العلاقات مع شخصيات مثل رئيس الأساقفة السابق.
وسبق لكوكس أن اتخذ مواقف مثيرة للجدل بشأن قضايا سياسية حساسة مثل حرب غزة.
ففي ديسمبر/كانون الأول 2023، أن تحالف Together نظم وقفة احتجاجية حاشدة تهدف إلى “جسر الانقسامات” من خلال جمع الأشخاص الذين فقدوا عائلاتهم في غزة مع أولئك الذين فقدوا عائلاتهم في إسرائيل.
كما دعا كوكس إلى “زيادة الدعم العام” لبرنامج مكافحة التطرف المثير للجدل Prevent، ودافع عن إصلاحه لكنه دافع عنه ضد الانتقادات التي وجهها في عام 2023 المراجع المعين من قبل الحكومة ويليام شوكروس، الذي اتهم Prevent بعدم استهداف التطرف الإسلامي بشكل كافٍ.
كما عارض كوكس “تصور Prevent على أنه متحيز ضد المجتمعات المسلمة”، قائلاً إن أخطاء السياسة في مراحلها المبكرة “استغلتها مجموعات أرادت تقويض Prevent لأسباب أيديولوجية”.
وفي أواخر يناير/كانون الأول، ذكرت صحيفة التايمز أن من بين المؤيدين البارزين للشبكة الجديدة البارونة سعيدة وارسي، وهي وزيرة محافظة سابقة وعضو في مجلس اللوردات.
وجاء التقرير بعد أيام قليلة من مشاركة وارسي كواحدة ضمن المتحدثين الرئيسيين في العشاء السنوي للمجلس الإسلامي البريطاني، حيث انتقدت الحكومات المتعاقبة لعدم تفاعلها مع المنظمة.
وقالت وارسي في خطابها: “كيف يجرؤون؟ كيف يجرؤون على أن يُقال لنا من يمكننا أن نجعله يتحدث نيابة عنا؟ كيف يجرؤون على ألا يُسمح لنا بوكالة تمثيلنا؟”
ومضت تتساءل: “كيف يجرؤون على أن يُقال لنا إننا سنكون مسؤولين عما قد يكون شخص ما قد قاله قبل عقدين من الزمن؟ كيف تجرؤ على أن نتحمل المسؤولية عن كل كلمة تخرج من كل شخص شارك في مؤسسة؟”
وقال متحدث باسم المجلس الإسلامي البريطاني أن المجلس “يرحب بكل الجهود الحقيقية لخدمة المجتمعات المسلمة البريطانية، فمع وجود أكثر من 500 منظمة تابعة وانتخابات ديمقراطية منتظمة، نواصل التركيز على توحيد وتمكين وخدمة مجتمعاتنا من خلال العمل الشعبي المؤثر والحوار البناء مع جميع الشركاء”.
وختم: “كجزء من هذا الالتزام، تحدد رؤيتنا 2050 خارطة طريق طويلة الأجل لمجتمع مسلم بريطاني واثق وناجح ومنخرط”.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)