ذكر شهود عيان تواجدوا في المبنى الذي تم فيه اغتيال إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران لموقع ميدل إيست آي أن رئيس المكتب السياسي لحماس استشهد بقذيفة أطلقت على غرفته لا بقنبلة كانت قد زرعت فيها.
ونقل موقع ميدل إيست آي أقوال ثلاثة شهود كان أحدهم يقيم في غرفة قريبة من غرفة هنية، يوم الجمعة حيث أكد المتحدثون أنهم سمعوا أصواتاً تشبه أصوات إطلاق الصواريخ قبل أن يهز الانفجار المبنى.
وذكر أحد الشهود الثلاثة: “كانت هذه بالتأكيد قذيفة وليست قنبلة مزروعة”، مضيفاً أنهم شاهدوا آثار الانفجار التي بدت متسقة مع هجوم بصاروخ.
كما شهد المتحدثان الآخران، اللذان كانا يقيمان في طابقين منفصلين، آثار الضربة، التي أسفرت عن انهيار جزئي للسقف والجدار الخارجي لغرفة هنية.
واستشهد هنية، المسؤول المخضرم في حركة حماس والذي لعب دوراً رئيسياً في محادثات وقف إطلاق النار المحتمل في غزة بعد ساعات من حضورهما حفل أداء اليمين للرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
وإلى جانب هنية، استشهد حارسه الشخصي وسيم أبو شعبان في ذات عملية الاغتيال يوم الأربعاء.
وكان استشهاد هنية هو الاغتيال الثاني الذي ينفذه الاحتلال بحق شخصيات رفيعة المستوى في غضون ساعات، وذلك بعد غارة في بيروت أسفرت عن مقتل القائد الكبير في حزب الله فؤاد شكر مما زاد من المخاوف من انزلاق المنطقة نحو حرب شاملة.
وقال مصدر مقرب من المسؤولين في الرئاسة الإيرانية لـ “ميدل إيست آي” أن المبنى الذي كان يقيم فيه هنية والعديد من الضيوف الفلسطينيين المدعوين الآخرين يقع بالقرب من قصر سعد آباد في طهران تحت حماية الحرس الجمهوري.
ووفقاً لتحليل المنطقة، فإن المبنى يقع على تلة على الحافة الشمالية لطهران، عند سفح جبال البرز، ولا توجد مبان سكنية أخرى في المنطقة المجاورة مباشرة للمجمع.
وبعد وقت قصير من عملية الاغتيال، قال خليل الحية، المسؤول الكبير في حماس، للصحفيين، نقلاً عن شهود عيان، أن الهجوم نُفذ بصاروخ “ضرب هنية بشكل مباشر”.
وأضاف الحية في مؤتمر صحفي في طهران أنه ورغم عدم سعي حماس ولا إيران إلى حرب إقليمية، إلا أن الجريمة تتطلب الانتقام.
لا تزال المعلومات اليقينية حول ظروف استشهاد هنية نادرة، حيث أبدى المسؤولون الإيرانيون حتى الآن تردداً في الكشف عن العديد من تفاصيل التحقيق في الهجوم.
وعقدت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني يوم الاربعاء اجتماعاً طارئاً لمناقشة اغتيال المسؤول من حماس.
لكن مسؤولاً كبيراً في الشرطة أبلغ اللجنة أنه ليس لديه معلومات لينقلها إلى النواب، ولم يحضر أحد من الحرس الثوري الإيراني الاجتماع.
وتثير روايات الشهود تساؤلات حول التقارير التي تفيد بأن هنية ربما استشهد بقنبلة وضعت داخل المبنى الذي كان يقيم فيه.
ويوم الخميس الماضي، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن هنية استشهد بقنبلة متطورة زرعت في غرفته قبل شهرين تقريباً.
لكن وكالة أنباء فارس الإيرانية ذكرت أن التحقيق أشار إلى أن هنية “أصيب بقذيفة” وخلصت إلى أنه من غير المستبعد تورط إسرائيل.
ولم تنكر دولة الاحتلال مسؤوليتها عن الاغتيال، لكن المتحدث العسكري دانييل هاجاري قال يوم الخميس أنه: “باستثناء القضاء على القيادي الكبير في حزب الله فؤاد شكر في لبنان، لم ننفذ أي غارات جوية تلك الليلة في أي مكان في الشرق الأوسط”.
“الغضب والانتقام”
وفي رده على اغتيال شكر، قال زعيم حزب الله حسن نصر الله في خطاب متلفز يوم الخميس أن دولة الاحتلال “تجاوزت الخط” بقتل شكر، مضيفاً أنها ستلاقي رداً عنيفاً مقابل ذلك.
وأشار نصر الله إلى أن الاحتلال يجب أن يتوقع “الغضب والانتقام على كافة الجبهات المؤيدة لغزة”، لكن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قال أن بلاده “مستعدة لما قد يأتي”.
وقال نتنياهو أن “إسرائيل في حالة استعداد عالية للغاية لأي سيناريو، سواء في الدفاع أو الهجوم، وسنطالب بثمن باهظ للغاية لأي عمل عدواني ضدنا من أي جهة كانت”.
ولم يشر نتنياهو إلى عملية اغتيال هنية، لكنه قال في الأيام الأخيرة أن إسرائيل وجهت ضربات ساحقة إلى وكلاء إيران وسترد بقوة على أي هجوم.
وقال “نحن مستعدون لأي سيناريو وسنقف متحدين وعازمين ضد أي تهديد، وستطالب إسرائيل بثمن باهظ لأي عدوان ضدنا من أي ساحة”.
ويبدو أن الاغتيالات الأخيرة قد أعاقت فرص التوصل إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار في الحرب الدائرة منذ ما يقرب من عشرة أشهر على غزة.
من ناحيته، قال بيان صادر عن الجناح العسكري لحركة حماس أن استشهاد هنية “سيأخذ المعركة إلى أبعاد جديدة وسيكون له عواقب وخيمة”.
أما إيران، فتعهدت بالرد وأعلنت الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام وقالت إن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية أيضاً بسبب دعمها للاحتلال.
وفي حديث له من منغوليا يوم الخميس، حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من أن المنطقة تتجه نحو المزيد من “الصراع والعنف والمعاناة وانعدام الأمن، ومن الأهمية بمكان أن نكسر هذه الدائرة”.