ميدل إيست آي: قمة الدوحة تسقط مقترح مصر لتأسيس قوة دفاع عربية على غرار “الناتو”.. والسيسي يصف إسرائيل بالعدو لأول مرة

كشفت مصادر دبلوماسية مصرية لموقع ميدل إيست آي أنّ المقترح الذي تقدمت به القاهرة لتشكيل قوة دفاع عربية جماعية على غرار حلف شمال الأطلسي (الناتو) قوبل بالرفض خلال قمة الدوحة هذا الأسبوع، بعدما اعترضت عليه كل من قطر والإمارات، في مؤشر على عمق الانقسامات حول الأمن الإقليمي والتهديد الإسرائيلي.

وقال دبلوماسي مصري رفيع المستوى: “اقترحت مصر تشكيل قوة دفاع إقليمية في إطار معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي الموقعة عام 1950، بهدف إنشاء تحالف سريع الاستجابة لحماية الدول الأعضاء من التهديدات الخارجية، وعلى رأسها إسرائيل. لكن قطر والإمارات كانتا الطرفين الرئيسيين في عرقلة الخطة”.

وأوضح المصدر أن وزير الخارجية بدر عبد العاطي عرض المقترح على نظرائه الخليجيين باعتباره “خطوة دفاعية لحماية المنطقة بعيدًا عن الاعتماد على القوى الأجنبية”. وأضاف أن الخلاف الأساسي دار حول مسألة القيادة؛ إذ طالبت السعودية بتولي زمام القيادة، بينما أصرت القاهرة على أحقيتها في ذلك بحكم خبرتها العسكرية الطويلة.

لكن بعد أيام فقط، وقّعت السعودية اتفاقية دفاع مشترك مع باكستان النووية، في ظل تصاعد القلق الخليجي من استعداد واشنطن للجم التمدد الإسرائيلي.

وقال المصدر: “الدول الخليجية استبعدت أيضًا إشراك إيران أو تركيا، وفي النهاية اختارت حصر الموضوع في إطار مجلس الدفاع الخليجي”.

وأشار الدبلوماسي إلى أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي غادر الدوحة وهو “شديد الاستياء”، بعدما اصطدمت طموحاته برفض خليجي واضح.

ورغم أن ميدل إيست آي حاول التواصل مع وزارات الخارجية في قطر والسعودية والإمارات للتعليق، إلا أنه لم يتلق أي رد حتى وقت النشر.

قمة مثقلة بالخلافات

انعقدت القمة في 15 سبتمبر بمشاركة قادة من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، بعد أيام قليلة من الغارة الإسرائيلية التي استهدفت قيادات في حركة حماس بالدوحة وأدت إلى مقتل ستة أشخاص.

وقال دبلوماسي مصري إن القاهرة كانت تأمل أن تخرج القمة بخطوات عملية أو على الأقل بموقف صريح يطالب بوقف الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة ويرفض بشكل قاطع أي محاولات لتهجير الفلسطينيين قسرًا إلى شمال سيناء.

النفوذ الأميركي

لكن، وبحسب مصادر مصرية، فإن النفوذ الأميركي لعب دورًا حاسمًا في صياغة مخرجات القمة، التي اقتصرت على بيانات دعم لغزة وإدانة لإسرائيل دون أي إجراءات عملية.

وكشف دبلوماسي مصري آخر أن وفدًا قطريًا عاد من واشنطن برسائل واضحة إلى الدول العربية مفادها أنه “لا يجب اتخاذ أي قرارات ضد إسرائيل”. وأضاف: “الأميركيون وعدوا بأن الرئيس دونالد ترامب سيتولى إدارة الأزمة ويكبح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن شن هجمات مماثلة على دول خليجية أخرى، وهو ما أيدته الإمارات بقوة”.

وبحسب المصدر، “وجدت الدول العربية الأخرى نفسها في الزاوية بعدما هيمن الموقف القطري المدعوم إماراتيًا على الاجتماع”، موضحًا أن وزراء الخارجية الخليجيين أجروا نقاشات مكثفة مع نظيرهم المصري عبد العاطي خلف الأبواب المغلقة، لكن من دون الإعلان عن أي منها.

وانتهى البيان الختامي للقمة إلى إدانة الضربة الإسرائيلية على الدوحة، لكنه لم يتجاوز حدود المواقف التقليدية، الأمر الذي سلط الضوء مجددًا على الانقسامات العربية في مواجهة إسرائيل وحربها على غزة، فيما خرجت مصر بمزيد من شعور العزلة داخل التحالف العربي الأوسع.

السيسي: إسرائيل “عدو”

ويرى محلل سياسي بارز أن رفض المقترح المصري كشف “انقسامات عميقة داخل العالم العربي حول كيفية مواجهة إسرائيل”. وأضاف: “القمة لم تتفق سوى على عقد اجتماع لمجلس الدفاع الخليجي، وهو مؤشر واضح للقاهرة بأن الدول الخليجية غير مستعدة لدعمها”.

وتابع: “النتيجة شكلت نكسة لمصر في وقت تتوسع فيه التهديدات الإسرائيلية خارج غزة. فقد كان السيسي يطمح إلى ترسيخ موقع مصر كقائد للدفاع العربي والإسلامي، لكن القمة انتهت من دون التزامات حاسمة”.

وفي سابقة لافتة، وصف السيسي إسرائيل بأنها “عدو”، وهي المرة الأولى منذ توليه السلطة عام 2014، ما يعكس تنامي المخاوف في القاهرة. وقال المحلل: “تهديدات إسرائيل باستهداف قيادات حماس في القاهرة واحتمال تهجير الفلسطينيين إلى شمال سيناء أثارت قلقًا بالغًا لدى مصر”.

خلفية تاريخية

تعود جذور الطرح المصري إلى معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي الموقعة في القاهرة عام 1950، التي سعت لتوحيد الدول العربية تحت مظلة أمن جماعي وتعاون اقتصادي. ورغم طموحها على الورق، اصطدمت المعاهدة بخلافات سياسية وأولويات متعارضة ونزاعات إقليمية أفقدتها فعاليتها.

وفي عام 2015 حاولت مصر إحياء المعاهدة خلال قمة شرم الشيخ باقتراح تشكيل قوة عسكرية عربية موحدة، لكن الخلافات حول القيادة والتمويل حالت دون ذلك مجددًا.

وقال المحلل إن “الإخفاقات المتكررة تعكس صعوبة تحقيق تماسك عسكري عربي حقيقي”.

ورغم أن مصر كانت أول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979 برعاية أميركية، فإن الرأي العام المصري ظل ينظر إليها كـ”عدو”، وهو ما عاد السيسي ليؤكد عليه مؤخرًا.

وفي 12 سبتمبر الجاري، كشف موقع ميدل إيست آي أن القاهرة أحبطت مخططًا إسرائيليًا لاغتيال قيادات في حماس داخل أراضيها، محذرة تل أبيب من أن أي محاولة ستكون موضع رد مباشر بالقوة. هذا التطور الأمني الأخير أضفى مزيدًا من الإلحاح على الطموحات الدفاعية المصرية ومخاوفها من توسع العمليات الإسرائيلية.

مقالات ذات صلة