ميدل إيست آي: لندن تقترب من منع بضائع المستوطنات غير القانونية لأول مرة

أفاد موقع ميدل إيست آي عن مصادر مطلعة بأن الحكومة البريطانية تدرس فرض حظر على استيراد البضائع من المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، حيث أكدت مصادر قريبة من الحكومة بأن وزير الشرق الأوسط، هاميش فالكونر، أبلغ نواب حزب العمال بأن الحظر أمر مرغوب فيه. 

مع ذلك، فإن القرار النهائي يقع على عاتق الحكومة في داونينج ستريت، ومن المعروف أن رئيس الوزراء كير ستارمر متردد في فرض الحظر في الوقت الحالي، ولكن من المرجح أن يتم فرض الحظر إذا حدث توسع كبير آخر في المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة أو إذا حدث عنف أوسع نطاقاً من قبل المستوطنين.

“حظر التجارة مع المستوطنات غير القانونية يمثل بداية متواضعة، ولكنه شرط أساسي للمضي في التزاماتنا بموجب القانون الدولي، وكان ينبغي أن يتم تطبيقه قبل فترة طويلة من بدء حملة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة” – النائب العمالي بيل ريبيرو آدي لميدل إيست آي

ويعد هذا تغير في موقف الحكومة البريطانية، فقبل عامين، رفض حزب العمال فرض عقوبات أو مقاطعة على إسرائيل، ولكن هذا الرأي تغير بشكل جذري الآن.

أوضحت المصادر لميدل إيست آي بأن الوزراء يوافقون على أن حظر سلع المستوطنات سوف يكون متسقاً مع الموقف البريطاني حول الأراضي المحتلة بشكل عام.

في الوقت نفسه، صرحت النائبة العمالية البارزة ورئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان، إميلي ثورنبيري، لموقع ميدل إيست آي: “لطالما جادلت بأن الحكومة يجب أن تحظر على الفور استيراد البضائع من المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، فمن الصواب فرض عقوبات على المستوطنين والمنظمات التي تدعمهم، لكن هذه العقوبات سيتم تقويضها إذا سمحنا ببيع سلع المستوطنات في المملكة المتحدة”.

من جهة أخرى، فقد أوصى تقرير حديث صادر عن لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان خلال الصيف بفرض حظر “على استيراد البضائع من المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية”.

في حديثه لميدل إيست آي،  أكد النائب العمالي آندي ماكدونالد بأنه “طرح أسئلة على العديد من الوزراء، سعياً لكشف الثغرات في نهجنا الحالي والضغط على الحكومة لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة بشأن تجارة البضائع من المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية”.

وأضاف: ” رغم تأكيد الوزراء مراراً بأن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، لكن ردودهم توضح بأن الضوابط الحالية ومتطلبات وضع العلامات لا تزال أقل من المطلوب، ولذلك يتعين على الحكومة التصرف بشكل حاسم لفرض حظر كامل وفعال على سلع المستوطنات”.

مع دول أخرى

في شهر مايو الماضي، فرضت حكومة حزب العمال عقوبات على عدد من المستوطنين الإسرائيليين البارزين في الضفة الغربية، بمن فيهم الناشطة الاستيطانية المخضرمة ورئيسة حركة “ناشالا” دانييلا فايس، كما استهدفت العقوبات بؤرتين استيطانيتين ومنظمتين “تدعمان العنف ضد المجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية”.

وفي يونيو الماضي، فرضت بريطانيا، إلى جانب العديد من الحلفاء، عقوبات على وزيرين إسرائيليين من اليمين المتطرف، هما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بسبب “تحريضهما المتكرر على العنف ضد المجتمعات الفلسطينية” في غزة والضفة الغربية.

وقد أكد مصدر في وزارة الخارجية بأنه “إذا كان هناك إجراء قادم فسوف يكون حظر سلع المستوطنات”، فرئيس الوزراء حريص على عدم فقدان دعم النواب الذين يدعمونه حالياً، خاصة وأن هناك شائعات عن احتمال إقالته خلال أشهر. 

وقد أوضحت المصادر لميدل إيست آي بأنه من غير المرجح أن تفرض بريطانيا حظراً على سلع المستوطنات وحدها، لكنها قد تفعل ذلك بالتزامن مع دول أخرى مثل فرنسا أو هولندا.

يذكر أن دولاً أخرى هي أستراليا وكندا ونيوزيلندا والنرويج قد انضمت إلى بريطانيا في فرض عقوبات على بن غفير وسموتريتش، كما اعترفت الحكومة البريطانية بالدولة الفلسطينية في سبتمبر الماضي إلى جانب فرنسا وكندا وأستراليا، وعليه، فمن المحتمل أيضاً ألا يتم فرض الحظر إلا إذا تلقت الحكومة البريطانية موافقة ضمنية من الولايات المتحدة.

تصاعد الدعوات لفرض الحظر

ويستمر الضغط على الحكومة من داخل حزب العمال، حيث أوضحت النائبة ابتسام محمد، عضو اللجنة الدائمة للقوات المسلحة، لموقع ميدل إيست آي: “كل يوم، يواجه الفلسطينيون القتل على يد المستوطنين أو الطرد من منازلهم أو هدم مناطق بأكملها، وفي هذا العام وحده، تمت الموافقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في القدس الشرقية المحتلة، ويتم بسرعة جعل البؤر الاستيطانية غير القانونية قانونية بموجب القانون الإسرائيلي”.

كانت إسرائيل الشريك التجاري رقم 42 لبريطانيا خلال الفترة التي غطتها أحدث البيانات الحكومية، حيث قدمت بريطانيا أسلحة ومعلومات استخباراتية من رحلات المراقبة الجوية فوق غزة إلى إسرائيل طوال فترة الإبادة الجماعية

وأشارت النائبة إلى أن بريطانيا والدول الأوروبية تعتبر المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية، وانطلاقاً من ذلك، تقول: “طلبت مناقشة فرض حظر على سلع المستوطنات الإسرائيلية في البرلمان، وهو الاقتراح الذي أيده العشرات من النواب، فلفترة طويلة جداً، كان نهجنا هو العقوبات الفردية، لكن الحكومة يمكنها، بل وينبغي لها، أن تذهب إلى أبعد من ذلك وتفرض حظراً على سلع المستوطنات، الأمر الذي سوف يؤكد على جدية الحكومة بشأن التزاماتها الدولية”.

في الوقت نفسه، قال النائب العمالي بيل ريبيرو آدي لموقع ميدل إيست آي بأن “حظر التجارة مع المستوطنات غير القانونية يمثل بداية متواضعة، ولكنه شرط أساسي للمضي في التزاماتنا بموجب القانون الدولي، وكان ينبغي أن يتم تطبيقه قبل فترة طويلة من بدء حملة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، واليوم مع تفاقم عنف المستوطنين، لا تستطيع الحكومة تأخير التنفيذ بعد الآن”.

زيادة التجارة بين بريطانيا وإسرائيل

هناك مشروع قانون برلماني يرعاه النائب العمالي ريتشارد بورغون، ويمر الآن بقراءته الثانية، لفرض “عقوبات شاملة” على إسرائيل، مستشهداً بحكم محكمة العدل الدولية لعام 2024 الذي يلزم الدول قانوناً باتخاذ إجراءات لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية لأنه غير قانوني.

في حديثه لميدل إيست آي، أشار بورغون إلى أن هناك ضغوطاً متزايدة في البرلمان على الحكومة لتطبيق العقوبات على إسرائيل، بدءاً بسلع المستوطنات، فقال: “يصر النواب أيضاً على أنه يجب على الحكومة أن تؤيد حكم محكمة العدل الدولية بأن جميع الحكومات تتحمل مسؤولية قانونية لاتخاذ خطوات ذات معنى، بما في ذلك العقوبات التجارية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني”.

وأضاف: “كان الضغط واضحاً في الرسالة المشتركة بين الأحزاب التي نظمتها في الصيف، والتي وقعها أكثر من 80 نائباً ولوردات من 9 أحزاب سياسية، دعت الحكومة إلى فرض عقوبات شاملة على إسرائيل، بما فيها حظر السلع الاستيطانية بسبب انتهاكاتها المتكررة للقانون الدولي”.

يذكر أنه في الفترة بين يونيو عام 2024 ويونيو عام 2025، بلغت التجارة في السلع والخدمات بين بريطانيا وإسرائيل 6.2 مليار جنيه إسترليني (8.15 مليار دولار)، بزيادة 218 مليون جنيه إسترليني (3.7%)، وفقاً للبيانات التي نشرتها وزارة الأعمال والتجارة، وكان حزب العمال قد دخل الحكومة في يوليو عام 2024، مباشرة بعد بدء الفترة المشمولة في البيانات.

ورغم إيقاف بريطانيا للمحادثات حول اتفاقية تجارة حرة جديدة مع إسرائيل في وقت سابق من هذا العام، إلا أن إجمالي صادرات بريطانيا إلى إسرائيل قد ارتفعت بمقدار 342 مليون جنيه إسترليني (10.5%) إلى 3.6 مليار جنيه إسترليني، في حين زادت الواردات بمقدار 124 مليون جنيه إسترليني (4.6%) إلى 2.6 مليار جنيه إسترليني.

وكانت إسرائيل الشريك التجاري رقم 42 لبريطانيا خلال الفترة التي غطتها أحدث البيانات الحكومية، حيث قدمت بريطانيا أسلحة ومعلومات استخباراتية من رحلات المراقبة الجوية فوق غزة إلى إسرائيل طوال فترة الإبادة الجماعية، رغم تدهور العلاقات الدبلوماسية خلال العام الماضي.

في سبتمبر الماضي، علقت حكومة حزب العمال المنتخبة حديثاً حوالي 30 ترخيصاً لتصدير الأسلحة المصنوعة في المملكة المتحدة، استثنت منها مكونات طائرات F-35 المصنوعة في المملكة المتحدة والتي تم إرسالها إلى مجموعة عالمية من طراز F-35، والتي قد ينتهي بها الأمر في إسرائيل. 

وتشكل مكونات طائرات إف-35 بريطانية الصنع 15% من كل طائرة، وهي واحدة من أكثر الطائرات المقاتلة تطوراً في العالم، والتي استخدمتها إسرائيل على نطاق واسع في حملتها في غزة، وكذلك في لبنان ومؤخراً في إيران.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة