كشفت وثائق استخباراتية أن أكثر من 200 من مشجعي نادي مكابي تل أبيب الإسرائيلي الذين تسببوا بأعمال شغب في العاصمة الهولندية أمستردام عام 2024 كانوا “مرتبطين بجيش الاحتلال”.
وأظهرت الوثائق التي اطلع عليها موقع ميدل إيست آي أن مئات آخرين وُصفوا بأنهم “مقاتلون ذوو خبرة” و”منظمون للغاية” و”عازمون على ارتكاب أعمال عنف خطيرة”.
وجاء هذا الكشف في أعقاب قرار الشرطة البريطانية منع جماهير مكابي تل أبيب من حضور مباراة فريقهم أمام أستون فيلا المقررة في برمنغهام يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني، وهو القرار الذي أثار ضجة سياسية واسعة، ووصفته الحكومة البريطانية الشهر الماضي بأنه “معادٍ للسامية”.
غير أن تقييم شرطة ويست ميدلاندز، الذي استندت إليه السلطات في فرض الحظر، كان مبنياً على معلومات استخباراتية من الشرطة الهولندية تتعلق بسلوك جماهير مكابي تل أبيب في تلك الأحداث الدامية بأمستردام.
وتُظهر الوثائق أن الشرطة الهولندية أبلغت نظيرتها البريطانية بأن “أكثر من 200 من مشجعي مكابي تل أبيب كانوا مرتبطين بجيش الاحتلال”، مضيفةً أن “ما بين 500 و600 من المشجعين كانوا مقاتلين ذوي خبرة، منظمين ومنسقين بدرجة عالية، عازمين على ارتكاب أعمال عنف خطيرة، ولم يترددوا في الاشتباك مع الشرطة”.
كما ذكرت التقارير أن هؤلاء المشجعين “شاركوا بنشاط في مظاهرات ومواجهات عنيفة”، وأنهم “استهدفوا بشكل متعمد مجتمعات مسلمة، وارتكبوا سلسلة من الجرائم بدوافع كراهية، من بينها اعتداءات خطيرة على سائقي سيارات أجرة مسلمين، وإلقاء مدنيين أبرياء في النهر، وتمزيق أعلام فلسطين وترديد أناشيد تحريضية مليئة بالكراهية”.
وأضاف التقرير: “أدت محاولات الشرطة لتفريق هذه المجموعة إلى أعمال عنف واسعة”، مشيراً إلى أن يوم المباراة شهد أيضاً “اشتباكات مع مجموعات من المقنعين يُعتقد أنهم من أنصار فلسطين، إضافة إلى حوادث تخريب وهجمات متفرقة على السكان المحليين”.
وعندما أُعلن عن الحظر للمرة الأولى، سارعت وزيرة الثقافة والإعلام والرياضة البريطانية ليزا ناندي إلى انتقاد القرار، معتبرةً أنه استند إلى كون المشجعين “إسرائيليين ويهوداً” لا إلى سلوكهم.
لكن النائب البريطاني جيرمي كوربن، زعيم حزب العمال السابق، قال في تصريحات لـ ميدل إيست آي: “على ليزا ناندي أن تخبرنا ما إذا كانت على علم بهذه المعلومات الصادمة قبل أن تشوّه سمعة من دعموا قرار الحظر”.
وأضاف: “من المثير للاشمئزاز أن تتلاعب الحكومة بحقيقة تتعلق بالسلامة العامة من أجل مكاسب سياسية، لقد كذبوا على الشعب البريطاني، والآن انكشف كذبهم”.
أما النائب المستقل أيوب خان، ممثل دائرة برمنغهام بيري بار، الذي كان من أبرز الداعمين للقرار، فقد أكد أن “هذه المعلومات لم تُكشف من قبل في وسائل الإعلام”، مضيفاً: “من حق الجمهور أن يعرف الحقيقة كاملة عمّا جرى في أمستردام، هذا التقييم يثبت أن هؤلاء المشجعين هاجموا المسلمين واعتدوا على الشرطة بطريقة منظمة”.
وكانت ناندي كانت قد اتهمت خان في وقت سابق بأنه “يسعى إلى تقسيم الناس واستبعاد فئات معينة”، وهو اتهام وصفه خان حينها بأنه “افتراء خطير”.
وعندما طلب موقع ميدل إيست آي من شرطة ويست ميدلاندز التعليق على ما ورد، أحالته إلى تصريح سابق لقائد شرطة برمنغهام توم جويس، قال فيه: “نحن نملك خبرة واسعة في التعامل مع مباريات كرة القدم ذات الحساسية العالية والتظاهرات، ونعمل منذ أسابيع مع مختلف المجموعات الدينية والمجتمعية للاستماع إلى مخاوفهم وآرائهم”.
وورد في ذات التصريح القول أيضاً: “هدفنا هو ضمان أن يستمتع الجميع بالمباراة في أجواء آمنة، مع الحفاظ على السلم العام وتمكين الاحتجاج السلمي”.
ومن المقرر أن تُنفذ الشرطة البريطانية عملية أمنية يشارك فيها أكثر من 700 ضابط لتأمين مباراة الخميس، في ظل دعوات من متضامنين مع فلسطين لمنع إقامة المباراة بسبب إبادة دولة الاحتلال المستمرة في غزة واحتلالها للأراضي الفلسطينية.
وكان مجلس مدينة أمستردام قد حظر بالفعل نادي مكابي تل أبيب من اللعب في العاصمة الهولندية بعد أعمال الشغب التي وقعت العام الماضي حين “حولت جماهيره المدينة إلى ساحة معركة” قبل وبعد مباراتهم مع نادي أياكس ضمن الدوري الأوروبي.
ووفقاً لتقرير الشرطة البريطانية، فقد شهدت أحداث أمستردام “معارك شوارع عنيفة” بين مشجعي مكابي ومتظاهرين مؤيدين لفلسطين، حيث “انتشرت عمليات التخريب والاعتداء على سائقي سيارات الأجرة والسكان المحليين”.
كما أكد التقرير أن بعض مشجعي مكابي “نزعوا أعلام فلسطين ورددوا شعارات معادية للعرب”، وأنهم كانوا “ينسقون تحركاتهم بعناية ويمارسون سلوكاً مشابهاً لتكتيكات عسكرية”.
ويأتي الكشف عن هذه المعلومات في وقت تتزايد فيه الانتقادات للحكومة البريطانية، التي تتهمها أطراف سياسية وإعلامية بـ “تسييس” ملف الأمن العام وتبرئة جماهير دولة الاحتلال من أعمال عنف موثقة.







