أدى تحطم الطائرة الذي أودى بحياة زعيم مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين بالقرب من منطقة تفير الروسية يوم الأربعاء، إلى مقتل الرجل الثاني في قيادة المجموعة، ديمتري فاليريفيتش أوتكين، حسبما ذكره مسؤولون في الطيران المدني الروسي.
لا يُعرف الكثير عن الرجل الذي يُعتقد أنه المؤسس الأصلي لفاغنر واليد اليمنى لبريغوجين، فبينما كان الأخير هو الحاضر دائماً أمام وسائل الإعلام العالمية، نادرًا ما كان أوتكين يظهر علنًا، إذن فمن هو ديمتري أوتكين؟
وُلد أوتكين في أوكرانيا عام 1970، لكنه غادر قريته الأوكرانية إلى لينينغراد، المعروفة الآن باسم سانت بطرسبرغ، حيث التحق بالمدرسة العسكرية، وفقًا لمنظمة تحقيق روسية تعرف باسم مركز “دوسير”.
ثم أصبح أوتكين ضابطًا في جهاز المخابرات العسكرية الروسي وخدم في حرب الشيشان في التسعينيات، وكذلك في سوريا، حيث تنشط فاغنر عسكريًا منذ عام 2015 عندما تم نشر قواتها للقتال إلى جانب قوات الرئيس بشار الأسد.
و يتمركز أحد الأدوار الرئيسية لمجموعة فاغنر الآن حول توفير الأمن لحقول النفط والغاز والفوسفات في الأجزاء الوسطى والشرقية من سوريا.
وبحسب مقال نشرته إذاعة أوروبا الحرة (راديو ليبرتي) والذي تضمن مقابلات مع قادة فاغنر، يبدو أن أوتكين لديه وشم صليب معقوف على كتفه، وهو رمز مرادف للفاشية، كما تؤكد ذلك الصورة التي حصلت عليها صحيفة التايمز.
وأحياناً، يُشار إليه على أنه المؤسس الأصلي لفاغنر، ويُعتقد أن المجموعة سُميت على الاسم الحركي لأوتكين في المعركة، “فاغنر”، وهو اسم الملحن المفضل لدى أوتكين وهو ملحن ألماني اشتهر في القرن التاسع عشر وحاز أيضاً على إعجاب هتلر.
وقال كيريل سيمينوف، الخبير في الشؤون الليبية في مركز أبحاث مجلس الشؤون الدولية الروسي في موسكو، إن أوتكين لم يعلن صراحةً أبدًا عن معتقداته القومية المتطرفة، ولم يكن من الواضح ما إذا كانت معتقداته الخاصة قد انتشرت أوساط فاغنر نفسها.
كما أنه من المعروف أن العديد من القوميين الروس المتطرفين انضموا إلى مجموعة فاغنر، وقال سيمينوف: “لقد شوهدوا في ليبيا على سبيل المثال.”
الوثنية الجديدة
أشار دينيس بريلوف، رئيس المركز الأوروبي للتحليلات الاستراتيجية إلى أن أوتكين ارتقى في وحدات الأغراض الخاصة التابعة لمديرية الاستخبارات الرئيسية بوزارة الدفاع الروسية، موضحاً أنه تمت ترقيته إلى رتبة مقدم بعد مشاركته في حربي الشيشان الأولى والثانية، لينتقل بعد تقاعده إلى العمل في مجال الأمن الخاص، حيث عمل لدى Moran Security Group وأصبح فيما بعد قائد سرية في الفيلق السلافي، النموذج الأولي لفاغنر.
وكانت الوحدة معقلًا للقومية الروسية المتطرفة، حتى أن بعض أعضائها كانوا يتحدثون عن معتقدات وثنية جديدة تعود إلى التاريخ السلافي قبل المسيحية.
وأضاف بريلوف: “لقد قاتل العديد من الوثنيين الجدد في الفيلق السلافي، لكن المجموعة لم تصمد طويلاً، بعد أن خاضت معارك فاشلة في سوريا”.
وفي أيار/ مايو 2014، أصبح أوتكين مع مجموعة من قدامى المحاربين في الفيلق السلافي قائدًا لوحدته الخاصة، والتي سُميت فاغنر تكريمًا للقلب الخاص بأوتكين.
وقال بريلوف: “إلى حد كبير، تم جلب الوثنية الجديدة لأوتكين والعديد من زملائه في المجموعة من القوات الخاصة الروسية، حيث تحظى هذه الأيديولوجية بشعبية كبيرة”.
وأشار بريلوف إلى أنه على عكس سوريا، حيث يقاتل الوثنيون الجدد كمرتزقة، فإن الوثنيين الجدد الروس من النازيين الجدد يقاتلون في أوكرانيا على جانبي الصراع، بعضهم يقاتل إلى جانب أوكرانيا (معظمهم في فوج آزوف)، وبعضهم يقاتلون إلى جانب روسيا (في المقام الأول كجزء من فاغنر).
لكن مصير بريغوجين وأوتكين وغيرهما من الشخصيات الرئيسية في فاغنر أصبح موضع تساؤل بعد التمرد الفاشل الذي قامت به مجموعة فاغنر ضد الدولة الروسية في 23 حزيران/ يونيو من هذا العام، حيث حشد بريغوجين ولاء مجموعته من المرتزقة، وسار من أوكرانيا نحو موسكو وضد الكرملين وقيادته العسكرية.
وبعد أربع وعشرين ساعة، عادت قوات فاغنر وتم التوصل إلى اتفاق سمح لبريغوجين بالسفر بأمان إلى بيلاروسيا مقابل إنهاء التمرد.
لكن زعيم الجماعة وكبار مساعديها قد ماتوا، حسبما أكدت الرسائل التي تمجد أوتكين على قناة تيليغرام الخاصة بمجموعة فاغنر، والتي جاء فيها أن أوتكين “الذي كان وحتى بعد الحادث القائد الدائم لمجموعة فاغنر”، توفي “نتيجة لأفعال خونة روسيا”.
وأضافت الرسالة: “ولكن حتى في الجحيم سيكون الأفضل! المجد لروسيا”.
وتضمنت رسالة أخرى على ذات القناة مقطعاً من مقابلة مع بريغوجين والتي ظهر فيها أوتكين وهو يتحدث بعيداً عن الكاميرا حيث يمكن سماعه يقول: “الموت ليس النهاية، إنه مجرد بداية لشيء آخر” فيما يرد عليه بريغوجين بالقول: “سنذهب جميعًا إلى الجحيم، ولكن في الجحيم سنكون الأفضل”.