نتنياهو يقصف غزة من جديد بهدف إنقاذ حياته السياسية!

نتنياهو يقصف غزة من جديد بهدف إنقاذ حياته السياسية!

بقلم أحمد الطيبي

ترجمة وتحرير مريم الحمد

لقد قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 400 شخص في غزة خلال الـ 24 ساعة، من بينهم أكثر من 100 طفل، في مشهد يدفع فيه المدنيون من الرجال والنساء والأطفال حياتهم ثمناً لحرب لا تهدف إلى إعادة الرهائن الإسرائيليين، بل إلى الإنقاذ السياسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. 

لقد استأنفت إسرائيل قصفها المكثف على قطاع غزة، الذي يصوم فيه سكان القطاع خلال شهر رمضان في ظل ظروف حصار غير إنسانية شملت نقصاً حاداً في المياه والغذاء. 

أما الجمهور الإسرائيلي فهو منقسم، حيث يؤيد البعض الهجوم معتقدين أنه سوف يعيد الرهائن ويقضي على حماس، فيما يحذر آخرون من أن الهجمات الإسرائيلية على غزة تعرض حياة الرهائن للخطر.

ما زال نتنياهو رغم كل شيء يمضي قدماً، فهو على استعداد لحرق كل شيء، من أرواح الأبرياء إلى التماسك المجتمعي الإسرائيلي حتى استقرار الشرق الأوسط، وذلك لمجرد البقاء على قيد الحياة ليوم آخر في السلطة، فنتنياهو ليس خطراً على غزة أو الفلسطينيين فحسب، بل هو خطر على إسرائيل والعالم أجمع!

رغم ادعاءات نتنياهو وحكومته، إلا أن هذه الحرب لم تكن أبداً من أجل إنقاذ الرهائن، فقد انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة من جانب واحد بعد رفضها المضي قدماً في المرحلة الثانية، التي كان من شأنها أن تضمن إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، وقد رفض نتنياهو عروضاً عدة من حماس لإطلاق سراحهم.

لو كانت حكومة نتنياهو ترى قضية الرهائن كأولوية حقاً، لكان من الممكن التوصل إلى اتفاق منذ فترة طويلة وإنهاء الحرب الذي يعني بالضرورة انهيار ائتلاف نتنياهو، وبذلك تحول القتال في غزة إلى أداة سياسية يتم تنفيذها بذريعة أمنية.

أزمة سياسية

يدلل استئناف نتنياهو للقصف على غزة إلى استعداده بذل كل ما في وسعه للحفاظ على حكمه، فليس من قبيل الصدفة أن قصف الثلاثاء قد بدأ مع اقتراب التصويت على الميزانية، فقد هدد أعضاء كنيست يمينيون بإسقاط الحكومة إذا لم يتم إقرار قانون يستبعد مجتمعهم من التجنيد الإجباري، كما أصدر وزير الأمن القومي السابق إيتمار بن غفير تهديدات لنتنياهو.

يأتي استئناف الحرب على غزة أيضاً قبيل مظاهرة ضخمة تم التخطيط لها في القدس، وهذا يؤكد على عمق الأزمة السياسية في إسرائيل وسط دعوات عامة متزايدة لتشكيل لجنة تحقيق حكومية في الإخفاقات التي أدت إلى هجوم حماس في 7 أكتوبر عام 2023. 

 

في ظل هذا الواقع، فإن نتنياهو، وبدلاً من البحث عن حلول واقعية، فإنه يجبر الواقع على الانصياع لاحتياجاته السياسية، فبدلاً من إنهاء الحرب باتفاق تفاوضي، يتجاهل الرهائن، وبدلاً من مواجهة إخفاقاته يسعى إلى إزالة أي انتقاد سياسي أو عسكري أو عام. 

 

كل شيء مسموح به من أجل البقاء السياسي، من قصف السكان المدنيين في غزة إلى تدمير مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية المحتلة وتشريد عشرات الآلاف من الناس، ومن أجل التشبث بالسلطة، فإن نتنياهو على استعداد لإقالة رئيس الشاباك بسبب التحقيق في مكتب رئيس الوزراء وتفكيك النظام القضائي في محاولة للتهرب من محاكمة جنائية قد تؤدي إلى سجنه والتخلي عن الرهائن رغم مناشدات عائلاتهم.

 

دائرة انتقام

 

هناك جزء كبير من المجتمع الإسرائيلي لا يطرح الأسئلة، بل يصدق البعض سيل الأكاذيب الذي لا نهاية له على عمى، أكاذيب تتمحور حول  تبرير المزيد من التفجيرات وقتل مئات آخرين من المدنيين، باعتبار ذلك طريق إعادة الرهائن.

الحقيقة هي أن دائرة الانتقام الإسرائيلية هذه هي ما يقود إسرائيل نحو الانحدار الأخلاقي والعسكري، فهذا لا يعكس اللامبالاة بحياة الفلسطينيين فحسب، بل اللامبالاة بحياة الرهائن الإسرائيليين أيضاً.

إن غالبية الجمهور الإسرائيلي لا يطالب بتفسيرات ولا يتساءل عن أسباب تضييع الحكومة لفرص إعادة الرهائن، وهناك وسائل الإعلام المتواطئة أيضاً، فبدلاً من فضح التلاعبات، يتعاون الصحفيون والمعلقون مع نتنياهو لهندسة الوعي العام. 

سوف يذكر نتنياهو في التاريخ باعتباره المذنب الرئيسي وراء أعظم فشل لإسرائيل، فهو الرجل الذي تخلى عن مواطنيه مراراً وتكراراً وخرب كل مبادرة دبلوماسية وأدام الاحتلال الذي هو أصل كل الشرور، وقد تطور إهماله إلى تكرار ارتكاب جرائم الحرب.

ما زال نتنياهو رغم كل شيء يمضي قدماً، فهو على استعداد لحرق كل شيء، من أرواح الأبرياء إلى التماسك المجتمعي الإسرائيلي حتى استقرار الشرق الأوسط، وذلك لمجرد البقاء على قيد الحياة ليوم آخر في السلطة، فنتنياهو ليس خطراً على غزة أو الفلسطينيين فحسب، بل هو خطر على إسرائيل والعالم أجمع!

مقالات ذات صلة