نجاح منتخب المغرب للسيدات يلهم المنطقة بأسرها

بقلم مصطفى محمد

ترجمة وتحرير مريم الحمد

بعد فوزه على كوريا الجنوبية في استاد مدينة أديليد الأسترالية، يكون فريق كرة القدم النسائي المغربي قد حقق أكبر انتصار له حتى الآن خلال كأس العالم للسيدات، بهذا الفوز تكون لبؤات الأطلس قد صنعن التاريخ بالفعل بعد التأهل للبطولة، ليصبحن بذلك أول فريق عربي يصل إلى النهائيات في كأس العالم للسيدات.

تغلب المغرب على كوريا الجنوبية، الذي يعد فريقاً قوياً وصاحب المركز 55 في الترتيب العالمي، بهدف واحد في الدقيقة السادسة حققته المهاجمة ابتسام الجريدي، وقد ساهم هذا الانتصار في المباراة الثانية للبطولة بعد الخسارة الكبيرة أمام ألمانيا 6-0 في المباراة الافتتاحية، في زيادة الإثارة والدعم الكبير في الشرق الأوسط للفريق المغربي، وبعد المباراة، أهدت الهدافة الجريدي الفوز للجماهير في المنطقة كلها، قائلة “هذا الانتصار للمغرب والعرب، إنه ثمرة عملنا الجاد”.

تجربة المغرب مهدت الطريق لأرضية جديدة لكرة القدم النسائية في المنطقة، بما في ذلك تحدي المحرمات المجتمعية

بعد الهزيمة الثقيلة أمام ألمانيا، قام مدرب المنتخب، الفرنسي رينالد بيدروز، بإجراء 5 تغييرات على التشكيلة الأساسية، من أجل إضافة المزيد من الصلابة الدفاعية، فيما دخلت المدافعة نهيلة بنزيمة التاريخ بكونها أول لاعبة ترتدي الحجاب في كأس العالم.

تحدي المحرمات

من جانب آخر، منح فوز كولومبيا على ألمانيا الذي جعلها متصدرة لمجموعتها، المغرب فرصة جيدة للتقدم من مجموعته إلى دور 16، ومع ذلك، حتى لو انتهت رحلة الفريق المغربي بمباراة كولومبيا، سيظل شعور الفخر موجوداً لأن الفريق لم يشارك فحسب، وإنما تنافس على أعلى مستوى، مما مهد أرضية جديدة لكرة القدم النسائية في المنطقة، بما في ذلك تحدي المحرمات المجتمعية، حيث تشكل التجربة مصدر إلهام حقيقي لجيل من المغربيات للمشاركة في الرياضة بكثافة أكبر مستقبلاً سواء داخل المغرب أو خارجه.

ومن أمثلة التأثير المباشر، أن عضوات من فريق القدم النسائي الأفغاني، وبعضهن من سكان ملبورن في استراليا أصلاً، حضرن أول جلسة تدريب عامة للفريق المغربي، وفي ذلك تحدً لحكم طالبان التي تمنع النساء من المشاركة في أي رياضة كانت، وبذلك فإن مشهد دولة أخرى ذات أغلبية مسلمة في البطولة يمكن أن يكون مصدر إلهام حقيقي ويجعل الأمور تسير باتجاه جديد.

في تصريح لها لوكالة أسوشيتد برس، وصفت إحدى اللاعبات الأفغانيات، والتي تطلق نفسها فريدة، مشاركة المغرب باعتبارها “فرصة للفريق المغربي ليثبت للعالم أن المرأة المسلمة يمكنها أن تشارك في كل بلد”، مشيرة إلى حجاب بنزيمة الذي شكل رمزاً قوياً لذلك.

ولا يعد ظهور المغرب كقوة في كرة القدم النسائية محض صدفة أو ضربة حظ، فقد قطع هذا الفريق شوطاً طويلاً في فترة زمنية قصيرة من خلال استراتيجيات منسقة بدعم السلطة الوطنية والملك المغربي محمد السادس، حيث زادت الميزانية السنوية لكرة القدم للسيدات 10 أضعاف لتصل إلى 65 مليون دولار، من أجل تشجيع الإناث على المشاركة في الرياضة، فالاتحاد المغربي لكرة القدم يهدف إلى مشاركة 90 ألف امرأة في كرة القدم بحلول عام 2024.

إشادة عالمية

 لقد تم تسليط الضوء بشكل أكبر على الاستثمار في مجال البنية التحتية، خاصة بعد النجاح الذي حققه فريق الرجال المغاربي في مونديال قطر العام الماضي، بالوصول إلى الدور نصف النهائي قبل الخسارة أمام فرنسا، الأمر الذي أكسبه شهرة وإشادة عالمية.

بعد المشاركة المشرفة في كأس العالم للسيدات، وبغض النظر عن النتيجة، فإن فريق السيدات المغربي أصبح بالفعل نموذجاً يُحتذى به لدى جميع بلدان المنطقة، فاتحاً الباب أمام بيئة رياضية أكثر شمولاً وتنوعاً

وتساعد مرافق مثل أكاديمة الملك محمد السادس لكرة القدم ومجمع الملك محمد السادس التدريبي في تطوير لاعبي كرة القدم المغاربة الشباب، رجالاً ونساء، كما أن قرار الاتحاد المغاربي لكرة القدم بتحويل دوري كرة القدم الوطني للسيدات إلى الاحتراف في أغسطس عام 2020، كان له دور مباشر فيما حصدته لبؤات الأطلس اليوم.

تتلقى أندية كرة القدم النسائية في المغرب ما يصل إلى 130 ألف دولار من اجل تمويل مكافآت اللاعبات والطاقم، كما يمكن أن تتقاضى اللاعبات في الدوري المغربي للمحترفين ما يصل إلى 1000 دولار شهرياً، ضمن قرار أشار رئيس الاتحاد فوزي لقجع، إلى أنه يهدف إلى “تطوير كرة القدم النسائية ونشر ممارستها في جميع مناطق المملكة”، واصفاً الخطوة بالمهمة ” من أجل إتاحة الفرصة للمواهب النسائية بممارسة كرة القدم في ظروف جيدة مع متابعة حياتهم المهنية”.

استثمار وتخطيط

في عام 2022، أصبح المغرب أول بلد في شمال إفريقيا يستضيف كأس الأمم الإفريقية للسيدات، فقد أتاح ذلك فرصة لفريق السيدات لعرض مواهبهن أمام الجمهور المحلي في محاولة لتغيير المفاهيم السائدة حول مشاركة النساء في الرياضة.

حصد فريق السيدات المغاربي على المركز الثاني في كأس الأمم الإفريقية، حيث هتف أكثر من 50 ألف متفرج في ملعب الأمير مولاي عبد الله في الرباط مشيدين بذلك النجاح، الذي كان نتيجة استثمار وتخطيط وضع المغرب في طليعة كرة القدم النسائية عبر العالم العربي والإسلامي.

والآن بعد المشاركة المشرفة في كأس العالم للسيدات، وبغض النظر عن النتيجة، فإن فريق السيدات المغربي أصبح بالفعل نموذجاً يُحتذى به لدى جميع بلدان المنطقة، فاتحاً الباب أمام بيئة رياضية أكثر شمولاً وتنوعاً.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة