بقلم ولاء الصباغ
ترجمة وتحرير مريم الحمد
اضطرت الفلسطينية نسرين، وهي أم لستة أطفال، إلى مغادرة منزلها في خان يونس في 13 ديسمبر، مع اشتداد هجمات القناصة والاقتحامات من قبل الدبابات الإسرائيلية في منطقتها، فلجأت إلى مدرسة قريبة تابعة للأمم المتحدة ومنها إلى خيمة مؤقتة، مع صعوبة شديدة في الحصول على المياه الصالحة للشرب أو مياه التنظيف.
تقول نسرين البالغة من العمر 49 عاماً: ” لقد اضطررت إلى حلق رأسي فليس لدي ماء لغسل شعري، وهذا ما فعلته أيضًا مع ابنتي البالغة من العمر 16 عامًا وابني البالغ من العمر 12 عامًا من أجل حمايتهم من أمراض فروة الرأس”، وتستطرد نسرين بالقول أن “حلق الرأس قرار مؤلم لأي امرأة ولكننا مجبرون على القيام به”.
لقد أدى العدوان الإسرائيلي الشرس على غزة إلى تشريد أكثر من 1.9 مليون فلسطيني، يعانون من شح المياه النظيفة ومرافق النظافة الأساسية، وحتى قبل الحرب، كانت تعتبر أكثر من 96% من إمدادات المياه في غزة “غير صالحة للاستهلاك البشري” بسبب الحصار، إلا أن الوضع تفاقم بعد قرار الحكومة الإسرائيلية قطع المياه عن غزة بأوامر في 9 أكتوبر 2023.
“المياه تستخدم كسلاح حرب في غزة” – جولييت توما- المتحدثة باسم الأونروا
إضافة إلى ذلك، فقد استولى الجيش الإسرائيلي على غالبية محطات تحلية المياه في الجزء الشمالي من غزة منذ 30 أكتوبر، وفي الجزء الجنوبي من مدينة غزة مع دخول شهر نوفمبر، وذلك وفقًا لما بينته صور الأقمار الصناعية الصادرة عن Planet Labs PBC.
وتؤكد نسرين: “ليس لدينا مياه جارية ضرورية للتنظيف والاستحمام وغسل الملابس، فأنا كنت أقضي 3-4 ساعات في طابور لأتمكن من ملء جالون ماء من بئر في منزل جيراننا لاستخدامه في التنظيف”.
وعن الوضع في مدرسة الشيخ جابر التابعة للأمم المتحدة، حيث كانت تأوي قبل أن تنتقل إلى خيمتها الحالية، تقول نسرين: “كنا نصطف لساعات من أجل استخدام المراحيض، لكن لم يكن لدينا ما يكفي من الماء للاستحمام ولا الشامبو”.
وبعد أن اقتربت دبابات الاحتلال من المنطقة وألقت منشورات للنازحين لإخلاء المدرسة، اضطرت نسرين للنزوح مرة أخرى إلى خيمة بظروف أقسى ومياه أقل.
تقول نسرين: “الشرب والبقاء على قيد الحياة هو بالطبع أولوية أعلى من غسل الشعر”، موضحة أن الماء الوحيد المتاح للغسيل والاستحمام هو مياه البحر.
المياه “سلاح حرب”
في مقابلة لها مع ميدل إيست آي، أوضحت الطبيبة زينب الشواف من رفح، أن عدم العناية بالشعر وغسله قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض مثل الثعلبة وسعفة فروة الرأس والالتهابات البكتيرية، مما يؤدي في النهاية إلى ظهور خراجات الشعر، مؤكدة أن هذه الأمراض “تأتي من عدم كفاية ممارسات النظافة والعناية بالشعر، ونقص العناصر الغذائية الأساسية مثل حمض الفوليك والكورتيزون، وتدهور الصحة النفسية والعقلية للأشخاص المتضررين”.
تقول الشواف: “هذه الأمراض تسبب الحكة، مما يؤدي إلى اعتلال الغدد الليمفاوية وخلق بيئة رطبة تساعد على نمو البكتيريا، مما يؤدي إلى ظهور القيح في فروة الرأس والمزيد من تساقط الشعر”، وبالتالي الحاجة إلى أدوية غير متوفرة في غالبيتها، حيث تقول الشواف: “لدينا فقط أدوية مضادة للجراثيم لكن ليس لدينا أي أدوية لعلاج القمل المنتشر بين الأطفال مثلاً”.
حذرت منظمة الصحة العالمية من خطر انتشار الأمراض المعدية في غزة نتيجة استهلاك المياه الملوثة مع اكتظاظ مراكز إيواء النازحين وانهيار النظام الصحي بشكل عام، كما أكدت المنظمة على أن إغلاق محطات تحلية المياه وتعطيل جميع عمليات جمع النفايات الصلبة، أدى إلى خلق بيئة خصبة للحشرات والقوارض التي يمكن أن تنقل الأمراض.
من جانبها، حذرت المتحدثة باسم الأونروا، جولييت توما، ، من أن “المياه تستخدم كسلاح حرب” في غزة، وأضافت “يلجأ الكثير من الناس إلى مصادر غير آمنة للمياه، فالمياه النظيفة في غزة إما غير متوفرة أو متوفرة بكميات صغيرة جدًا”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)