قامت أكثر من 70 امرأة من نساء القرية التي قُتل فيها الناشط عودة الهذالين، الذي شارك في فيلم “لا أرض أخرى”، على يد مستوطن، ببدء إضراب عن الطعام، مطالبين الشرطة الإسرائيلية بإعادة جثمانه وإطلاق سراح السكان الذين اعتقلوا في أعقاب مقتله.
وقد أكدت سيدات القرية المضربات على أن احتجاجهن جاء نتيجة مداهمة القوات الإسرائيلية لمنازل عائلاتهن في القرية كل ليلة منذ مقتل الهذالين، حيث تم اعتقال أزواجهن وإخوتهن وضرب بقية أفراد الأسرة.
في تصريحها لميدل إيست آي، تقول إخلاص الهذالين، زوجة شقيق الناشط الشهيد: “لا ترتدي المرأة ملابس مناسبة وهي مستلقية على السرير ومع ذلك يدخلون ويفتحون الباب ويقولون: نريد زوجك، نريد أخاك، وعندما لم يجدوا من يبحثون عنه، كان أفراد الأسرة الآخرون يتعرضون للضرب بوحشية حتى يتم إحضار الشخص المطلوب”.
كان عودة الهذالين، الذي يبلغ من العمر 31 عاماً، مدرساً للغة الإنجليزية وناشطاً مناهضاً للاستيطان، وقد أطلق مستوطن إسرائيلي، كانت الولايات المتحدة قد فرضت عليه سابقاً عقوبات، قد أطلق عليه النار في مواجهة تم تصويرها بالفيديو.
وبصفته منتجاً مشاركاً بالفيلم الوثائقي الحائز على جائزة الأوسكار “لا أرض أخرى”، فقد تصدر استشهاد الهذالين عناوين الأخبار العالمية وأثار إدانة دولية، فهو واحد من 16 فلسطينياً قتلوا على يد مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية منذ هجمات 7 أكتوبر عام 2023، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وتحتجز السلطات الإسرائيلية جثمانه، وتمنع سكان قرية أم الخير، أحد التجمعات السكانية في تلال جنوب الخليل، وعائلته من إقامة جنازة، ولذلك فقد أضربت زوجته وبنات أخيه منذ 3 أيام عن الطعام، قائلين بأنهم سوف يرفضون تناول الطعام حتى يتم إعادة جثمان الهذالين.
لاحقاً، انضمت العشرات من النساء في القرية للإضراب، حيث شاركت النساء بعد أن عرضت السلطات الإسرائيلية إعادة جثمان الهذالين ولكن بشروط تمثلت بتسليمه بعد منتصف الليل، واقتصار جنازته على 15 شخصاً.
وتقول إخلاص الهذالين: “لقد رأينا أنهم يصرون على عدم إطلاق سراحه ولن يسلموه إلينا إلا بشروطهم، وهذه شروط لن نقبلها أبداً، ونحن أهل أم الخير لن نقبلها أبداً”.
تصاعد في الاعتداءات
ويأتي مقتل الهذالين في الوقت الذي يحذر فيه المراقبون ومنظمات حقوق الإنسان من أن عنف المستوطنين سوف يؤدي إلى تهجير المجتمعات الفلسطينية في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، الأمر الذي تصاعد بشكل كبير بعد 7 أكتوبر عام 2023، حيث نزح ما لا يقل عن 2,894 فلسطينياً بسبب عنف المستوطنين منذ يناير عام 2023، وتم تسجيل 740 حادثة عنف للمستوطنين بين يناير ويونيو من هذا العام، وفقاً لمكتب أوتشا.
في مقابلة لها مع موقع ميدل إيست آي، أشارت رئيسة اتحاد الحماية في الضفة الغربية، أليجرا باتشيكو، وهي مجموعة من المنظمات غير الحكومية الدولية التي تركز على حماية المجتمعات الفلسطينية الضعيفة في الضفة الغربية من التهجير القسري والهجمات، إلى أن عنف المستوطنين في الضفة الغربية “مرتبط بالكامل بغزة”.
وأضافت: “ما يُسمح للجنود والمستوطنين بفعله، وما يُسمح للسياسيين أن يقولوه من الدعوة إلى تدمير غزة واستيطان غزة، كل ذلك مع عدم وجود رفض عام لذلك، هذا ما تسمعه طوال الوقت في وسائل الإعلام الإسرائيلية وهذا ما يسود في الضفة الغربية أيضاً”.
“هذا تحريف للعدالة والسردية، فالأشخاص الذين أصيبوا والذين حاولوا منع الاعتداء هم من في السجن، أما الرجل الذي يحمل البندقية التي أطلق النار بها، يجلس في المنزل ويشرب القهوة!” – أليجرا باتشيكو- رئيسة اتحاد الحماية في الضفة الغربية
السكان الحاليون في أم الخير هم لاجئون من وقت النكبة ويعيشون في القرية على الأراضي التي اشتروها منذ أكثر من 50 عاماً، وقد تم بناء مستوطنة الكرمل الإسرائيلية المجاورة في الثمانينات على أراضٍ يملكها سكانها.
تقول باتشيكو بأن سكان مسافر يطا يواجهون “بيئة غير صالحة للعيش منذ سنوات، فلا تخطيط وهناك قيود على المياه ولا بناء فهناك 16 جولة من هدم المنازل وكل شيء عليه أمر هدم، ولكنهم بقوا وكما يقولون (سوف نبقى حتى آخر شهيد)”.
بالإضافة إلى إضرابهن عن الطعام، فقد أخبرت النساء في القرية باتشيكو أيضاً أنهن كن يحرسن منازلهن وأراضيهن بأنفسهن عقب استشهاد الهذالين لأنه لم يتبقَ سوى عدد قليل جداً من الرجال للقيام بذلك.
تقول باتشيكو: “في كل ليلة، يقوم الرجال بدورية الحراسة حيث يحرسون المنازل من المستوطنين، وفي الليلة الماضية، كان هناك عدد قليل جداً من الرجال لدرجة أن النساء قررن كمجموعة أنه يتعين القيام بأحد هذه المناوبات لأنه لم يعد هناك رجال، فقلت لهن: ماذا كنتن ستفعلن لو جاء مستوطن؟ قالت امرأة: لا أعرف، لكن الله أعطاني هذا الشعور بالقوة بحيث أستطيع أن أفعل أي شيء وفعلت ذلك للتو”.
حالة طوارئ في الضفة الغربية
كانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على ينون ليفي، المستوطن المتهم بقتل الهذالين، في عهد إدارة بايدن، لكن الرئيس دونالد ترامب رفع العقوبات عنه في يناير الماضي، فيما لا تزال المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي يفرضان عقوبات على ليفي.
وقد أفرجت محكمة في القدس عن ليفي ووضعته قيد الإقامة الجبرية، وفي التعليق على ذلك، قالت باتشيكو: “هذا تحريف للعدالة والسردية، فالأشخاص الذين أصيبوا والذين حاولوا منع الاعتداء هم من في السجن، أما الرجل الذي يحمل البندقية التي أطلق النار بها، يجلس في المنزل ويشرب القهوة!”.
ودعت باتشيكو القادة الدوليين إلى توفير قوة حماية للفلسطينيين في الضفة الغربية على الفور وعدم الانتظار حتى سبتمبر، عندما تستعد فرنسا والمملكة المتحدة وكندا وغيرها للاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقالت: “سوف يموت الناس بحلول ذلك الوقت، ونحن في حالة طوارئ في الضفة الغربية”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)