تكافح ولاء رباح لإبقاء البطانيات التي تغطي بها أطفالها جافة دون أن يبللها المطر الذي يهطل على خيمتهم داخل مدرسة تديرها وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في دير البلح وسط قطاع غزة.
نزحت السيدة البالغة من العمر 38 عامًا إلى المدرسة تحت وطأة القصف الإسرائيلي المتواصل، لكن حلول الشتاء وهطول المطر وانخفاض درجات الحرارة أصبحت مصدراً جديداً لمعاناتها يضاف إلى خطر الغارات الجوية الدائم.
وبالنسبة للفلسطينيين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي وقلة المياه الصالحة للشرب والتهديد المستمر بالموت في غزة، فقد زادت الأحوال الجوية من معاناتهم.
وقالت ولاء: “منذ اليوم الأول لوصولنا إلى المدرسة كان القلق يساورنا من حلول اليوم الذي ستمطر فيه بغزارة علينا أثناء وجودنا في خيامنا”.
وأضافت: “الوضع سيئ للغاية من الأساس، ولكنه أصبح لا يطاق بعد هطول الأمطار، ليس فقط لأننا نبتل ولا نستطيع النوم طوال الليل، ولكن أيضًا لأن الطين يغطي جميع أمتعتنا وطعامنا الذي ليس لدينا مكان نحتفظ به فيه غير أن نضعه على الأرض”.
وأضافت ولاء وهي أم لخمسة أطفال إن المطر يترك سكان المخيم في حالة من الذعر، حيث يجبرون على الركض بشكل محموم بحثاً عن أكياس بلاستيكية لتغطية أمتعتهم.
عندما وصلت عائلة رباح إلى المدرسة في 17 تشرين الأول / أكتوبر، كانت الفصول الدراسية ممتلئة أصلاً بمئات العائلات التي نزحت من منازلها إلى المدرسة التي تبلغ سعتها الأصلية 700 شخص فقط، لكنها تؤوي الآن حوالي 7000 نازح فلسطيني في عشرات الخيام.
وقد شكلت كثافة وجود النازحين ضغطاً على مرافق الصرف الصحي، كما أن تدفق مياه الأمطار يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه.
نعمة ونقمة
في ذات الوقت، يعد تدفق الأمطار نعمةً بالنسبة للسكان المحرومين من إمدادات المياه بعد أن قطعتها إسرائيل عنهم في الأسابيع الأولى من عدوانها على غزة.
وفي مدرسة أخرى تديرها الأونروا في خان يونس بجنوب القطاع، هرعت الأسر النازحة لجمع مياه الأمطار الغزيرة في حاويات بغية استخدامها في التنظيف والشرب والاستحمام.
ويقول النازحون في المدرسة إنهم وعلى مدى ثلاثة أسابيع لم يتمكنوا من الحصول على المياه المعبأة أو غيرها من المياه الصالحة للشرب، في حين أن المياه التي يحصلون عليها “صفراء وملوثة”.
وقال أبو أحمد قرداية: “أنا لا أكذب عليك عندما أقول أن هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها مياه نظيفة خلال الأيام العشرين الماضية”.
وأوضح الرجل البالغ من العمر 61 عامًا: “عندما جئنا إلى هنا، أحضرنا بعض زجاجات المياه معنا، ولكن بعد نفاد تلك العبوات، لم نتمكن من العثور على مياه نظيفة في أي مكان”.
وتابع: “مياه الأمطار ليست نظيفة جداً مقارنة بالمياه المعدنية، لكنها أقل تلوثاً من المياه التي نشربها هنا والتي تسبب الأمراض”.
وأشار قرداية إلى أن الأجواء الباردة والماطرة ليلاً والمياه المتدفقة بفعل المطر قد ألحقت أضرارًا بممتلكات النازحين.
ونزح حوالي 1.6 مليون فلسطيني في غزة من منازلهم منذ أن بدأت إسرائيل عدوانها على القطاع، حيث يقيم عدد كبير من هؤلاء في المرافق التي تديرها الأمم المتحدة بما فيها المدارس.
ودمرت إسرائيل ما لا يقل عن 253 مدرسة خلال الأسابيع الستة الماضية، بحسب المكتب الإعلامي للحكومة الفلسطينية.
وقال قرداية: “في الليل يصبح الجو بارداً جداً وكل واحد منا لديه بطانية واحدة فقط تم إعطاؤها لنا كجزء من حقيبة المساعدات التي حصلنا عليها من الأونروا”.
وتابع: “عندما نزحنا من منازلنا، لم نحضر معنا أي بطانيات أو فرشات، وبالكاد تمكننا من إحضار الضروريات، نحن ننام على الأرض منذ أسابيع، بلا مراتب ولا وسائد، فقط نضع بطانية واحدة تحتنا”.
وقد غمرت مياه المطر البطانيات وتسببت في بلل أرض المدرسة، مما جعل من الصعب النوم أو حتى الجلوس، بحسب قرداية.
وأضاف: “بعضنا ترك خيامه وتوجه للاحتماء من المطر في أروقة المدرسة وعلى الدرج، وهناك من وقفوا تحت الأشجار أو غطوا رؤوسهم بأكياس بلاستيكية”.
وختم بالقول: “حياتنا في المدارس تستمر في الصعوبة، في كل مرة نصل فيها إلى نقطة نقول أنها الأصعب، نكتشف أن اليوم التالي يصبح أكثر صعوبة”.