بعد ثلاثة أيام من تدمير منزله في مدينة غزة في غارة جوية إسرائيلية، قرر خالد الإخلاء والنزوح إلى الجنوب، ليقيم مع بعض أشقائه ووالديه الذين كانوا يقيمون هناك أصلاً.
وقعت الغارة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر وأسفرت عن استشهاد 10 فلسطينيين، بينهم شقيقة خالد وشقيقه، فيما أصيب هو بحروق وجروح طفيفة.
وعلى الرغم من إصابته، كان على خالد، وهو اسم مستعار للشاب، أن يسير على قدميه مسافة 10 كيلومترات برفقة عشرات الآلاف من النازحين الفلسطينيين، إلى أن وصل إلى حاجز عسكري إسرائيلي حيث تم اعتقاله.
وقال خالد البالغ من العمر 28 عاماً: “لقد جردوني من ملابسي وتركوني بملابسي الداخلية، ثم عصبوا عيني وكبلوا يدي بقيود بلاستيكية”.
وأوضح الشاب الغزيّ تفاصيل ما جرى معه قائلاً: “عند الساعة الثانية صباحًا، أخذوني إلى سجن سديروت الواقع بالقرب من حدود غزة، كنا 15 شخصًا، وكان جنديان يقومان باقتياد كل واحد منا، وكانوا يضربوننا ويصفعوننا بوحشية مع كل حركة”.
كان هناك اثنان من المعتقلين مصابان بكسور في ساقيهما، وثالث مصاب بكسر في اليد، حيث أكد خالد أن الجنود تعمدوا تركيز الضرب على الجبائر المثبتة على الكسور.
وتابع الأسير المحرر: “لقد استجوبوني بوحشية وظلوا يسألونني عن حماس وعن الذين عبروا إلى الغلاف في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، في إشارة إلى الهجوم الذي وقع في جنوب إسرائيل وأدى إلى مقتل ما لا يقل عن 1200 شخص واحتجاز المئات كرهائن في غزة.
وتابع: ” لقد تعرضت للإهانة والضرب والتعذيب مع كل كلمة كنت أقولها، أجبروني على فتح حسابي على الفيسبوك وتركونا بملابسنا الداخلية تحت المطر رغم أن الجو كان شديد البرودة، لقد كان الأمر قاسياً جداً”.
قضى خالد، ثلاثة أيام مرهقة في سجن سديروت، وكان يشعر أن كل يوم يمر عليه وكأنه سنة، ثم جرى نقله إلى سجن عوفر قرب القدس حيث كانت الظروف أفضل نسبياً.
وتابع: “في عوفر قدموا لنا الطعام والملابس والدواء وعُرضنا على الطبيب ولم نتعرض للتعذيب هناك”.
ظروف مهينة
وكانت منظمات حقوق الإنسان قد وثقت العديد من الشهادات التي تم جمعها من فلسطينيين جرى اعتقالهم بعد إجبارهم على النزوح من شمال غزة الذي دمره العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أسابيع.
فقد أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن إسرائيل تعرّض الفلسطينيين في غزة إلى “إذلال متعمد” أثناء نزوحهم جنوباً.
تم إطلاق سراح خالد مع مجموعة من المعتقلين الآخرين بعد تسعة أيام من الاحتجاز في ظروف وصفها بالـ “مهينة”.
وشرح ذلك بالقول: ” قاموا بتقييد أيدينا بطريقة وحشية ومؤلمة للغاية وعصبوا أعيننا طيلة الطريق إلى معبر كرم أبو سالم الذي استغرق ثلاث ساعات، تعرضنا خلالها للتعذيب”.
وتابع: “عندما وصلنا إلى المعبر أمرونا بالوقوف في صف واحد تلو الآخر، ثم أزالوا العصائب عن أعيننا وفكوا القيود البلاستيكية عن أيدينا وضربونا على ظهورنا بأحذيتهم العسكرية”.
وتابع: ” سقطنا على الأرض وقاموا بضربنا، ثم صرخ جندي طالباً منا الوقوف وطلب منا العودة إلى المنزل باللغة العبرية”.
وأضاف “كانوا يطلقون النار على الأرض بمحاذاتنا فبدأنا بالركض نحو الجانب الفلسطيني لمسافة ثلاثة أو أربعة كيلومترات، وعندما وصلنا إلى المعبر كنا مرهقين للغاية”.
وأثناء الاعتقال، صادر الجيش الإسرائيلي جميع ممتلكات خالد ومن معه، مما جعلهم غير قادرين على الاتصال بأسرهم أو حتى ركوب سيارة أجرة، حيث لم يكن لديهم المال.
وفي نهاية المطاف، استعار خالد هاتف شخص غريب ليتصل بشقيقه الذي دفع أجرة التاكسي.
وفي 23 تشرين الثاني / نوفمبر، تم لم شمله مع والده وأمه وعدد قليل من إخوته للمرة الأولى منذ اعتقاله.
وإلى جانب فقدانه المأساوي لشقيقته وشقيقه، لا يزال خالد يعاني من أعراض جسدية ويصارع كوابيس مزعجة ناجمة عن التعذيب الذي تعرض له.