هل اقتربنا من هرمجدون؟! بنو إسرائيل يرعون بقراتهم الحمراء في شيلو ويخططون لبناء الهيكل الثالث

هل اقتربنا من هرمجدون؟! بنو إسرائيل يرعون بقراتهم الحمراء في شيلو ويخططون لبناء الهيكل الثالث

بقلم دانيال هيلتون

ترجمة وتحرير نجاح خاطر 

تمضي خمس بقرات من نوع ريد أنجوس الوقت في قضم العشب والقش على قمة تلة في الضفة الغربية المحتلة، ويتجمع من حولها عدد من الإسرائيليين الذين ينظرون إليها باهتمام، وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فيمكن لهذه الأبقار أن تكون النذير لنهاية العالم الذي نعرفه.

إذ وبحسب التقاليد اليهودية، فإن طقوس التطهير التي تسمح ببناء الهيكل الثالث في القدس تتطلب ذر رماد بقرة حمراء تماماً.

وتؤمن الجماعات اليهودية المتطرفة بأن بناء هذا المعبد يجب أن يتم على الهضبة المرتفعة في مدينة القدس القديمة والمعروفة باسم جبل الهيكل، حيث يقع المسجد الأقصى قبة الصخرة اليوم، حيث يعتقد البعض أن اكتمال بناء الهيكل سوف يبشر بوصول المسيح.

وتجمع بضع عشرات من الإسرائيليين يوم الأربعاء في مؤتمر على مشارف شيلو وهي مستوطنة إسرائيلية غير قانونية بالقرب من مدينة نابلس الفلسطينية لمناقشة الأهمية الدينية والحتمية للأبقار وإلقاء نظرة عليها أيضاً.

وقال حاييم، وهو مستوطن إسرائيلي يبلغ من العمر 38 عاماً، بينما كان يستعد لشغل مقعده: “هذه لحظة جديدة في التاريخ اليهودي”.

أمضى أعضاء مجتمع الهيكل الثالث، بقيادة معهد الهيكل في القدس، الذي نظم المؤتمر، سنوات عديدة وهم يبحثون عن بقرة حمراء تناسب الأوصاف المطلوبة للتطهير في التوراة.

ووفقاً لما يزعمون أنه “التوارة” فإنه لا ينبغي أن يكون في البقرة عيب واحد، ولا شعر أبيض أو أسود ويجب أن لا تكون البقرة قد وضعت تحت نير أبداً أو جرى تشغيلها في أي عمل.

وذكر يهودا سنجر (71 عاماً) من مستوطنة متسبيه يريحو الذي ترجم كتباً عن العجول الحمراء أنه: “تم جلب هذه الأبقار من تكساس وجرت تربيتها في ظروف خاصة للحفاظ على نقائها”.

وقالت إدنا، زوجة سينجر، البالغة من العمر 69 عاماً: “لا يمكن لأحدٍ أن يتكئ على هذه الأبقار إن مجرد وضع سترتك على ظهورها يجعلها نجسة”.

وفي الأساطير اليهودية، فإن البقرة الحمراء المثالية لم تُشاهد منذ 2000 عام، عندما دمر الرومان الهيكل اليهودي الثاني، والذي يُعتقد أنه كان قائماً على قمة جبل الهيكل في عام 70 بعد الميلاد.

لذلك قرر بعض النشطاء اليهود، إلى جانب المسيحيين الإنجيليين الأمريكيين الذين يعتقدون أن بناء الهيكل الثالث سيعجل بالمجيء الثاني للمسيح وبوقوع ملحمة هرمجدون أن ينشئوا معبدهم الخاص.

وفي عام 2022، وصلت خمس من هذه الأبقار الصغيرة الواعدة، التي تتمتع بجلود كثيفة لامعة، إلى إسرائيل من مزرعة في تكساس وسط ضجة كبيرة، وبات يمكن الآن رؤيتها في حديقة أثرية في مستوطنة شيلو مفصولة بأعمدة فولاذية مرتفعة عن الآثار التوراتية وشجيرات إكليل الجبل المزهرة.

في نواحٍ عديدة، كان مؤتمر البقرة الحمراء مثل أي مؤتمر آخر، حيث تعمق الحاخامات وعلماء الدين في رواية التوراة، لكن متحدثين اثنين ظهرا في المؤتمر بطريقة فريدة حين وقفا على المنصة تحت الأضواء الخافتة وهما يحملان بنادق هجومية على أكتافهما.

وقال كوبي مامو، رئيس موقع شيلو الأثري القديم، في كلمته الافتتاحية: “لقد علم حزب الله بهذا الحدث وتحدث عنه على تلغرام”.

كان ذلك اليوم قد بدأ بإطلاق وابل من صواريخ حزب الله على أهداف إسرائيلية في الشمال الفلسطيني المحتل، وبالعموم، فقد استرعى المؤتمر الكثير من الاهتمام على وسائل التواصل الاجتماعي العربية.

وقال أحد الأشخاص في ليبيا مازحاً أن صورة البقرة الحمراء الضاحكة المشهورة على أغطية علب الجبن تكشف أن مثلثات الجبن القابلة للدهن هي مؤامرة صهيونية، مضيفاً: “هل سألت نفسك يوماً لماذا كانت البقرة الضاحكة حمراء؟”.

وأشار آخرون بشكل أكثر جدية إلى وجود خطط لذبح عجلة وشيكة على جبل الزيتون في القدس، حيث تم توفير الأراضي من قبل نشطاء الهيكل الثالث لهذا الغرض.

وقال الحاخام يتسحاق مامو، من مجموعة المعبد الثالث أوفني القدس، لشبكة البث المسيحية في وقت سابق أنه تم التخطيط لإقامة الاحتفال بعيد الفصح هذا العام، والذي سيأتي في أواخر نيسان/ أبريل.

وكانت حماس، الحركة الفلسطينية التي تقاتل إسرائيل في غزة، قد أثارت المخاوف بشأن جلب الأبقار من قبل المستوطنين.

ففي تشرين الثاني/ نوفمبر، قال مصدر فلسطيني رفيع المستوى على اتصال بقيادة حماس لموقع Middle East Eye إن الحركة كانت تراقب عن كثب الجهود المبذولة لتأمين وجود يهودي دائم في المسجد الأقصى.

وقال المصدر: “الشيء الوحيد المتبقي هو ذبح العجول الحمراء التي استوردوها من الولايات المتحدة، إذا فعلوا ذلك، فهذه إشارة لإعادة بناء الهيكل الثالث”.

وفي كانون الثاني/ يناير، ألقى أبو عبيدة، المتحدث باسم الجناح العسكري لحركة حماس، خطاباً بمناسبة مرور 100 يوم على الهجوم الذي شنته الحركة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر على مستوطنات غلاف غزة.

وربط المتحدث باسم القسام في كلمته بشكل مباشر بين قرار الهجوم على إسرائيل وتحرك نشطاء الهيكل الثالث الذين يستوردون الماشية، وهو ما قال إنه “اعتداء على مشاعر أمة بأكملها”.

لم تقتصر الحفاوة اليهودية الحداثية على اؤلئك المقيمين على الأرض الفلسطينية، فهذا شاب يهودي أمريكي اكتفى بالتعريف بنفسه باسم ياكوف قد جاء من الولايات المتحدة إلى مستوطنة شيلو للحصول على فرصة رؤية الأبقار بنفسه.

وقال ياكوف وهو طالب مدرسة دينية في لوس أنجلوس يبلغ من العمر 19 عاماً: “لقد سمعت عن البقرات الحمراء والهيكل الأول والثاني طوال حياتي، لذلك أنا متحمس حقاً لفرصة رؤية واحدة منها اليوم”.

ويدرك ياكوف أن احتمال بناء الهيكل الثالث في موقع الأقصى مثير للجدل، “لكنني لا أعتقد أنه ينبغي أن يكون كذلك”.

“تم جلب هذه الأبقار من تكساس وتم تربيتها في ظروف خاصة للحفاظ على نقائها” – يهودا سنجر، مستوطن إسرائيلي

وأضاف: ” في هذا المكان كانت هناك كنيسة ذات يوم، ثم مسجد، وقد كان في الأصل معبداً يهودياً، لذا ينبغي أن يكون كذلك مرة أخرى، وليس من الضروري أن يتم ذاك بعنف”.

من ناحيته ذكر بوروخ فيشمان، وهو عضو مخضرم في حركة المعبد الثالث أن هناك طريقاً طويلاً يجب قطعه بين ذبح بقرة حمراء وبناء معبد ثالث.

وحدد فيشمان 13 مشكلة تحتاج إلى حل قبل أن يبدأ البناء بما في ذلك إقناع البرلمان الإسرائيلي، الكنيست، بإضفاء الشرعية على مثل هذه الخطة. 

وقال: “هذا هو المكان الذي يمكنني المساعدة فيه على الجانب السياسي”.

ومنذ أن احتلت إسرائيل القدس الشرقية في عام 1967، فرضت الحكومة الإسرائيلية قيوداً صارمة تعود إلى العصر العثماني على صلاة اليهود وتواجدهم في باحات المسجد الأقصى.

كما تم حظر الدخول إلى المسجد الأقصى من قبل الحاخامية الكبرى في القدس منذ عام 1921، مع صدور مرسوم يقضي بمنع اليهود من دخول الموقع ما لم يكونوا “نظيفين شعائرياً”، وهو أمر مستحيل دون رماد بقرة حمراء.

لكن وفي ظل تحول السياسة والمجتمع الإسرائيلي نحو اليمين الديني، تم السماح لبعض الإسرائيليين اليهود وهم في الغالب مستوطنون بزيارة الموقع بانتظام تحت حراسة مسلحة.

ويأمل مجتمع الهيكل الثالث أن يؤدي ذبح أبقار شيلو الحمراء إلى تطهير الشعب اليهودي حتى يتمكنوا من أداء الطقوس والعبادة في باحات المسجد. 

وقدر البحث الذي أجراه أحد الأساتذة في جامعة بار إيلان أن رماد بقرة واحدة يمكن تحويله إلى مياه تطهير تكفي لـ 660 مليار عملية تنقية.

ويقول فيشمان: “إن إحدى القضايا الرئيسية هي “الوقف”، في إشارة إلى الوقف الإسلامي الذي يديره الأردن والذي يدير المسجد الأقصى. 

وأوضح فيشمان: ” يحصل الوقف على أموال كثيرة من الأردن ولا أعتقد أنهم يريدون التخلي عن ذلك، لكن يمكن إقناعهم بجمع التبرعات”.

ووفقاً لفيشمان، يجب اتخاذ خطوات صغيرة لتأمين الوجود اليهودي في جبل الهيكل”، وأضاف: “المجتمع الإسلامي يتألم كثيراً في الوقت الحالي، وعلينا أن نكون حساسين، فكل ما نريده هو مذبح صغير”.

وقد سعى بعض نشطاء الهيكل الثالث والحاخامات في السابق إلى أداء طقوس الأضحية اليهودية في باحات الأقصى في عيد الفصح، لكن الجنود الإسرائيليين منعوهم من ذلك.

وأردف فيشمان: “بالطبع، لا يمكن لأي شخص أن يأتي بشيء للتضحية به، لأن ذلك قد يفتح حمام دم، لكني أعتقد أن هناك فرقاً بين ما يقوله الوقف في العلن وفي السر، ومن الممكن أن يقتنع”.

ورداً على ذلك، قال فراس الدبس، المتحدث باسم الوقف: “دعوهم يقولون ما يريدون في مؤتمراتهم، فالأوقاف تؤكد دائماً في بياناتها على رأيها الحاسم بأن المسجد الأقصى للمسلمين فقط، وأنه لا يقبل الشراكة أو القسمة”.

وأضاف: “لا قيمة لما يتم تداوله في هذه المؤتمرات طالما أنها ليست رسمية”.للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة