هل تستند تحقيقات الهجرة الأمريكية إلى “كناري ميشن” لتجريم مؤيدي فلسطين؟

أبلغ مسؤول كبير في إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) قاضي محكمة فيدرالية يوم الأربعاء أن تحقيقها مع الطلاب المتظاهرين المؤيدين لفلسطين استند بشكل كبير إلى موقع إلكتروني داعم للاحتلال يُدرج الأكاديميين والطلاب المنتقدين للدولة العبرية في قائمة سوداء.

وشهد بيتر هاتش، مساعد مدير الاستخبارات في إدارة تحقيقات الأمن الداخلي (HSI) التابعة لإدارة الهجرة والجمارك الأمريكية، والمُخصصة لتفكيك المنظمات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية، في محكمة مقاطعة ماساتشوستس بأن فريقه جمع 100 تقرير بناءً على قائمة تضم 5000 شخص، “معظمهم” من موقع “كناري ميشن” الإلكتروني للتشهير، والذي يُدار بشكل مجهول.

وجاءت شهادة هاتش في اليوم الثالث من أول محاكمة رئيسية في ظل ولاية ترامب الثانية، والتي سعت إلى قمع النشطاء المؤيدين لفلسطين في الجامعات الأمريكية.

وقال هاتش إن فريق التحقيقات في وزارة الأمن الداخلي، الملقب بـ”فريق النمر”، يتألف من ضباط جُندوا من إدارات أخرى للعمل على إعداد التقارير.

وأدى استهداف ترامب للأصوات المؤيدة لفلسطين إلى اعتقالات ومحاولات لترحيل أعضاء هيئة التدريس في الجامعات والطلاب المولودين في الخارج.

وأوضح هاتش أن الفريق حصل على أسماء من “مصادر مختلفة عديدة”، لم يُفصّل فيها، مُضيفًا أنهم ركّزوا على أشخاص شاركوا في الاحتجاجات الطلابية في جامعة كولومبيا وجامعات أخرى، مبيناً أن التحقيقات توسّعت لتشمل آخرين “ربما لم يكونوا على صلة بالجامعة إطلاقًا”.

وفي إحاطة لقيادة معهد الأمن القومي في مارس/آذار، قال هاتش إنه طُلب من الموظفين البحث عن “انتهاكات للقوانين الأمريكية، بما في ذلك قوانين الهجرة والجمارك، والتي قد تتعلق بالعنف والتحريض على العنف ودعم المنظمات الإرهابية والأنشطة غير القانونية أثناء الاحتجاجات”.

وتُمثّل شهادة هاتش المرة الأولى التي تُقرّ فيها الحكومة الأمريكية باعتمادها على مواقع مثل “كاناري ميشن”، حيث أكّد هاتش أن تركيز “فريق النمر” استند إلى الأمر التنفيذي لترامب، “حماية الولايات المتحدة من الإرهابيين الأجانب وغيرهم من تهديدات الأمن القومي والسلامة العامة”.

ويهدف الأمر التنفيذي إلى ترحيل أي طالب دولي في الجامعات الأمريكية عبّر عن مشاعر مؤيدة للفلسطينيين أو شارك في مظاهرات داعمة لهم.

ومن المتوقع أن تنتهي المحاكمة في ماساتشوستس الأسبوع المقبل، وهي تسعى إلى الطعن في سياسة إدارة ترامب المتمثلة في اعتقال واحتجاز وترحيل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس غير الأمريكيين المشاركين في النشاط المؤيد للفلسطينيين.

ورفع معهد نايت الدعوى القضائية ضد إدارة ترامب نيابةً عن الجمعية الأمريكية لأساتذة الجامعات (AAUP)، وفروعها في جامعات هارفارد ونيويورك وروتجرز، وجمعية دراسات الشرق الأوسط.

وتجادل الدعوى القضائية بأن “هذه السياسة تمنع غير الأمريكيين من التحدث، وبالتالي تحرم هذه المنظمات وأعضائها الأمريكيين من وجهات نظر غير الأمريكيين حول قضية نقاش عام مهم”.

وتُعتبر مواقع مثل “كناري ميشن”، التي أُطلقت على مدار العشرين عامًا الماضية، بمثابة قوائم سوداء تُوجّه فيها اتهامات بمعاداة السامية ودعم الإرهاب إلى الطلاب والناشطين والأكاديميين المؤيدين للفلسطينيين أو الذين ينتقدون دولة الاحتلال.

وتقول “كناري ميشن” إنها “توثّق الأفراد والمنظمات التي تُروّج لكراهية الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل واليهود في حرم الجامعات الأمريكية الشمالية وخارجها”. 

لكنّ النقاد والمؤيدين للفلسطينيين يقولون إن الموقع يُستخدم لفرض رقابة على حريتهم في التعبير أو إسكاتها من خلال الخلط بين معاداة السامية وانتقاد دولة الاحتلال، بما في ذلك الأصوات الإسرائيلية واليهودية التي تنتقد السياسات الإسرائيلية.

وصرحت أدينا ماركس-أبادي، المحامية وزميلة العدالة في مركز الحقوق الدستورية، لموقع ميدل إيست آي أن “كناري ميشن” دأبت على “التشهير بالحركة من أجل الحقوق الفلسطينية لسنوات والسعي لمعاقبتها”، حيث وقعت أبادي نفسها ضحية للموقع، الذي استهدفها بسبب عملها القانوني ونشاطها.

وقالت أبادي: “استخدام وزارة الأمن الداخلي لموقع الكناري ميشن كمصدر للمعلومات يُعد تصعيدًا لهذه الأساليب العقابية، ويؤكد ما كنا نشتبه به حول التوافق التام بين هذه الإدارة وهذه المجموعات، بالإضافة إلى التنسيق وتبادل المعلومات فيما بينها”.

كما أشارت أبادي إلى أن هذا الإجراء “يؤكد أن سياسة اعتقال واحتجاز وترحيل غير المواطنين بسبب تضامنهم مع فلسطين كلها إجراءات ذات دوافع أيديولوجية”.

هذا وتستخدم دولة الاحتلال الموقع أيضًا لمنع منتقديها والمدافعين عن حقوق الفلسطينيين من دخول إسرائيل، بمن فيهم الفلسطينيون واليهود، ففي عام 2018 تم منع كاثرين فرانك، أستاذة القانون والتي عملت في جامعة كولومبيا لمدة 25 عامًا، من دخول إسرائيل في رحلة كانت تقود فيها وفدًا للحقوق المدنية.

وقالت فرانك لموقع ميدل إيست آي: “أُوقفت في مطار بن غوريون في تل أبيب، ووُضعت معلومات شخصية هناك، واحتجزت واستُجوبت لمدة 14 ساعة”.

وتابعت: “كان مسؤولو الأمن يستجوبونني وكانت هواتفهم مفتوحة، حيث كانوا يدققون ملفي الشخصي على موقع كناري ميشن”.

وأضافت: “التفتُّ إلى رجل الأمن الذي كان يفعل ذلك، وقلتُ له أنني أخشى على الشعب الإسرائيلي من أنكم استعنتم بموقع تشهير غير موثوق به على الإطلاق، يُعنى بأمنكم القومي، وأنا أُدرك أن إسرائيل تواجه تهديدات أمنية خطيرة، لكن من الصادم بالنسبة لي أن هذا ما تطّلعون عليه”. 

ومضت فرانك تقول: “حين ذلك ضحك الضابط ببساطة، وأنا أعتقد أن هذا يُثبت أن ما يجري هنا هو في الواقع مشروع سياسي لمعاقبة الناس على ممارستهم حرية التعبير التي يحميها الدستور، بدلاً من القلق الفعلي على سلامة الناس في الولايات المتحدة”.

يذكر أن إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية اعتقلت في مارس/آذار الفتاة التركية التي تدرس في جامعة تافتس رميساء أوزترك، التي يُعتقد أنها من بين الطالبات اللواتي استُهدفن بسبب إدراج اسمها على موقع “كناري ميشن” لكتابتها مقال رأي في صحيفة طلابية، حيث يعتقد كلاً من فرانك وماركس-أبادي بأن موقع “كناري ميشن” يقوم بنشر معلومات خاطئة.

ففي يناير/كانون الثاني، أعلنت حركة “بيتار” اليمينية المتطرفة، التي تصف نفسها بأنها “صاخبة، فخورة، عدوانية، وصهيونية بلا اعتذار”، أنها أرسلت قائمة بأسماء 100 طالب مؤيد للفلسطينيين و20 عضوًا من أعضاء هيئة التدريس تعتقد أن على ترامب ترحيلهم من الولايات المتحدة.

ومن غير الواضح ما إذا كانت إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية قد استخدمت هذه القائمة لإعداد قائمة المستهدفين.

لكن دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) استهدفت عددًا من الطلاب، ومنهم أوزتورك، ومحمود خليل، وبدر خان سوري، ومحسن مهداوي، ويونسيو تشونغ، حيث تم احتجازهم جميعًا قبل أن يطلق سراحهم في وقت لاحق.

ويخوض تشونغ وخليل معركة قضائية مستمرة بشأن قضايا ترحيل، حيث يسعى خليل إلى الحصول على تعويضات من خلال رفع دعوى قضائية يوم الخميس بقيمة 20 مليون دولار ضد إدارة ترامب بتهمة الاحتجاز غير القانوني والملاحقة القضائية الكيدية وتشويه سمعته واعتباره معادٍ للسامية.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة