هل سيموت أهل غزة عطشاً؟! رحلة العذاب تحت القصف بحثاً عن الماء!

بعد أسابيع من تنفيذ إسرائيل لقطع إمدادات المياه عن غزة، أصبح الفلسطينيون الذين يعيشون في القطاع المحاصر يكافحون من أجل البقاء في ظل الحاجة الماسة للحصول على الضروريات الأساسية.

لقد أصبح الحصول على المياه محنة يومية بالنسبة للفلسطينيين العالقين في قطاع غزة الذي يتعرض لغارات الطائرات الحربية الإسرائيلية بشكل متواصل ، في ظل تخوفات من تفشي الأمراض حيث يعاني عدد من السكان من أمراض عديدة ،خاصة أمراض المعدة.

سارعت إسرائيل إلى قطع إمدادات المياه عن غزة كعقاب جماعي ضد الفلسطينيين العالقين في غزة عقب الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وهاجمت قوات الاحتلال الوسائل الأخرى لتوصيل المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي في المنطقة، مثل محطات تحلية المياه، مشترطة استئناف إمدادات المياه إلى القطاع بعودة الرهائن المحتجزين لدى المقاومة في غزة.

وقال أسامة الباز، وهو فلسطيني مهجر في غزة: “لقد تضاءلت فرص حصولنا على المياه بشكل كبير، سواء مياه الشرب أو التنظيف، فالبحث عن كمية متواضعة من المياه العذبة أصبح محنة يومية”.

واضطرت عائلة الباز إلى مغادرة منزلها في شمال غزة في 13 تشرين الأول/ أكتوبر بعد أن أمرت إسرائيل سكان الشمال بإخلاء منازلهم والتوجه نحو الجنوب.

وتسكن العائلة الآن في بيت لأحد الأصدقاء جنوب القطاع، يحتوي مجموعة مكونة من 20 شخصًا، بينهم العديد من كبار السن وستة أطفال صغار.

ووصف الباز السياسات الإسرائيلية بأنها شكل من أشكال “العقاب الجماعي” المخالف للقانون الدولي، وقال إن الحصول على “الضروريات الأساسية مثل الماء والغذاء أصبح مهمة شاقة في غزة”.

وأضاف: “في المناسبات القليلة التي تتوفر فيها المياه، نسرع بالدلاء والحاويات، على أمل الحصول على أكبر كمية ممكنة، حيث تبدو كل فرصة للحصول على الماء وكأنها الأخيرة”.

وقال: “في المناسبات النادرة التي نحصل فيها على المياه، نعطي الأولوية للفئات الأكثر حاجة للماء ككبار السن والعجزة والأطفال، وفي بعض الأحيان، بسبب اليأس المطلق، نضطر، ولأيام عدة، لاستهلاك مياه غير صالحة للشرب .”

وأوضح الباز أن المخاطرة باستهلاك المياه الملوثة تعرض مجموعته للإصابة بالجفاف وأمراض المعدة والإسهال.

وقال: “لقد أصبح الاستحمام “ترفاً”، كما أنه لا تكاد توجد مياه كافية لتنظيف الحمامات”.

‘تفشي المرض’

وبرغم توجه عشرات الآلاف من المناطق الشمالية من غزة جنوباً امتثالا لأوامر الجيش الإسرائيلي، إلا أن جنوب القطاع لا يزال منطقة غير آمنة في ظل الهجمات الإسرائيلية المتكررة على المنطقة.

إن القصف المتواصل وما يترتب عليه من أضرار في البنية التحتية، إلى جانب الضغط على الموارد نتيجة التهجير الجماعي للفلسطينيين من شمال غزة،  ينذر بكارثة إنسانية في ظل النقص الكبير في الموارد، ما يجعل من المستحيل تقريبًا القيام بالوظائف الأساسية للحياة.

وقال وسام، وهو أحد سكان غزة، إنه انتقل في البداية من مدينة غزة إلى مخيم المغازي للاجئين في الجنوب بحثًا عن ملجأ لدى أقاربه، مضيفاً أنه “لم تكن هناك مياه متوفرة، لدرجة أن الذهاب إلى الحمام أصبح محنة، حتى أننا أصبحنا نجبر أنفسنا على تجنب الذهاب إلى الحمام قدر المستطاع واستخدام القليل جداً من المياه لاستحمام الأطفال”.

 

وأوضح وسام أن عائلته عادت بعد ذلك إلى مدينة غزة وتحديداً إلى مستشفى القدس الذي أمرت إسرائيل بإخلائه مراراً ، قائلاً: “لم يكن المشهد هناك أقل ترويعاً، حيث ندرة المياه النظيفة، في ظل تكدس مئات الأشخاص في مساحات ضيقة، والاضطرار لاستخدام حمامات مشتركة لا تتوافر فيها مرافق كافية للصرف الصحي “.

وتابع: “أخشى أن يتحول المستشفى إلى بؤرة لتفشي الأمراض، نظراً لضيق الأوضاع وتضاؤل الإمدادات”.

وذكر الصحفي محمد الحجار أن الهجمات الإسرائيلية على مضخات المياه أدت إلى تلويث المياه التي تمر عبر تلك المضخات، لكن سكان غزة كانوا قد قاموا في السابق بتركيب مرشحات في هذه المضخات بحيث تتم إزالة غالبية الشوائب.

وأوضح الحجار أن “هذه المياه كانت مناسبة للاستحمام أو غسل الأطباق، أو حتى يمكن استخدامها للوضوء، لكنها لم تكن صالحة للشرب أبداً”.

وقال: “الآن، مع توقف تشغيل المرشحات حيث المضخات بالكاد تعمل، عادت المياه القذرة إلى منازلنا.”

وأضاف: “بدأت تظهر الالتهابات على بشرتي، خاصة عندما أغتسل أو أتوضأ، وكذلك أطفالي لديهم نفس رد الفعل. يبدو الأمر كما لو كان نتيجة للدغات البعوض، ولكنه ليس كذلك. إن غسل الشعر بهذا الماء يؤدي إلى حكة شديدة، خاصة في فروة الرأس واليدين.”

وأردف: “لقد استخدمت كريم مرطب مع مخدر لأطفالي لمنعهم من الحك المستمر. زوجتي أيضاً لديها نفس المشكلة. في الواقع، جميع أفراد عائلتي تقريباً، أي 14 فرداً، يعانون من هذا الأمر”.

وقال الحجار إن زوجته ظهرت عليها علامات المرض، حيث “تعاني من الحمى واصفرار البشرة. ومع ذلك، لم يكن طلب المساعدة الطبية أمراً وارداً، فالمستشفيات والعيادات تعمل بأقصى طاقتها من أجل إنقاذ ضحايا العدوان الإسرائيلي. نحاول علاج أنفسنا بأنفسنا، وها نحن نبذل قصارى جهدنا في ذلك”.

مقالات ذات صلة