إنَّ كنتَ قد خرجتَ من الحرب بذات القلبِ الذي دخلتها فيه فأنتَ تحت الأنقاض وإن بدا لكَ عكس ذلك! وإن لم تكن غيرَّت فيكَ الحربُ شيئاً من قناعاتك فقد دفنوكَ وأهالوا عليكَ التراب من حيث لا تدري!
هذا العالم كذَّاب أَشِر، سخيفٌ ومتناقض، يُخفي عفناً تحت إنسانيَّةٍ مُدَّعاة!
سيخبرونك أنَّ الدَّببة القطبيّة في خطر وأن عليكَ أن تقلق وإلا فأنتَ منقوص الإنسانيّة!
وسيحدثونك أن فرقة من جيشً أشقرٍ ما قد لازمن الشاطئ تحرسه حتى تفرغ السَّلاحف من وضع بيوضها، وعليكَ أن تُصفَّقَ لهذه الرَّحمة الباردة وإلا فأنتَ قاسٍ!
وسيحدثونكَ أن طبقة الأوزون ما زالت مثقوبة وأنَّ عليكَ أن تُساهم برتأ ثقبها ولو كلّفكَ الأمر أن تأخذ إبرة أمك وخيطها وتستأجر صاروخاً فضائياً وتتوجه لخياطته وإلا فأنتَ تُعاني نقصاً في التضامن مع إخوتك البشر، ولا تحفل بمستقبل الأجيال القادمة!
فإن حدث هذا فابصِقْ في وجوههم وأخبرهم أنهم كذَّابون!
أخبرهم أنَّ حياة أطفال غزّة أهم من حياة الدَّببة القطبيّة، وأنهم منافقون حين سكتوا عن طائرات الاحتلال الحربيَّة وهي تبيدهم، بل هو من شجَّعه وأطلق العنان لجرائمه!
وحين يحدثونك عن حقوق الطفل إخلَعْ حذاءكَ وارمهم به، من لم يكترث بحياة الأطفال من الأساس فليس له أن يُحاضر في حقوقهم!
وإن حدَّثوكَ عن حرّية المرأة وحقوقها فاصفعهم على وجوههم، الكذابون كان يتفرَّجون على نساء غزّة وهُنَّ يتطايرنَ أشلاءً!
أرجو أن تكون قد فهمتَ أنهم لا يعنيهم من حرية المرأة إلا ما تعلّق بخلع الحجاب، وأفكار النسويَّة المريضة، هذه هي قضيتهم، وما عدا ذلكَ فالمرأة هدفٌ مشروع للقذائف!
وإن حدَّثوك عن حُريّةِ التعبير فقل لهم إخرسوا!
ألم يقطعوا الانترنت عن غزّة لتُباد بلا شهود عيان؟! ألم يحذفوا منشوراتنا، ويُغلقوا حساباتنا في مواقع التواصل؟!
إنَّ حرّية التعبير عندهم هي أن تُعَّبرَ عمَّا يُؤمنون به، أما ما خالف أهواءهم فهو صوت نشاز يجب أن يتمَّ إسكاته،
وإن حَّدثوكَ عن تغيير المناهج لأنَّ بعض آيات القرآن فيها تُحرِّض على العنف، فاتلُ عليهم سورة الأنفال، وأخبرهم أنه لا يفلُّ الحديد إلا الحديد، وأن القرآن لا يحضُ على العنف. ما يحضُّ عليه هو كل هذا القتل الذي أعملوه فينا، إنَّ لكل واحدٍ منها له بعد اليوم عندهم ثأر!
أدهم شرقاوي / مدونة العرب