بقلم أندرياس كريج
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
تظهر إحدى وثائق البنتاغون التي تم تسريبها مؤخرا أن ضباط المخابرات الروسية تفاخروا بإقناع نظرائهم الإماراتيين بالعمل معًا ضد وكالات المخابرات الأمريكية والبريطانية الحليفتين الوثيقتين للإمارات.
يأتي التسريب في وقت تتعرض فيه علاقة أبو ظبي الحميمة مع الكرملن لكثير من المتابعة من قبل شركائها الغربيين، الذين يتطلعون بعين الريبة إلى دور الإمارات النشط في التهرب من العقوبات المفروضة على روسيا.
وخلال السنوات الأخيرة، ظهرت الكثير من مؤشرات تنامي التعاون الغامض بين الشبكات الإماراتية والروسية، حتى أصبحت أبو ظبي الشريك الاستراتيجي الأهم لنظام بوتين في الشرق الأوسط وفي إفريقيا.
في عهد محمد بن زايد، طورت الإمارات منظومة خاصة بفن الحكم بنت علاقات شخصية مع نخبة الكرملين عبر شبكات تضم تكنوقراط موثوقين ومؤسسات مرتبطة مباشرة بأقوى فرع من أفراد العائلة المالكة في أبو ظبي، بني فاطمة.
وفوضت الإمارات الكثير من عملياتها الاستخباراتية والمعلوماتية إلى شبكة غير رسمية من الوكلاء، توفر لبني فاطمة الإنكار المعقول والسيطرة على الأنشطة الاستراتيجية خارج التسلسل الهرمي لبيروقراطية الدولة.
لا تعتمد الإمارات وروسيا على حد سواء كثيرًا على المؤسسات الاستخباراتية الرسمية، بل تعتمد على المعلومات غير الرسمية وشبكات الاستخبارات، وبالتالي فإن العلاقات الشخصية الاستراتيجية هي التي ساعدت على مزامنة الأنشطة الروسية الإماراتية في الظل إلى جانب العلاقة بين جهازي الاستخبارات الرسميين في البلدين.
تكامل الاستخبارات
بصرف النظر عن العلاقة الوثيقة بين محمد بن زايد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تعتمد العلاقات الثنائية على الروابط الشخصية بين القادة الرئيسيين في كلا البلدين، وتحديداً ميخائيل بوجدانوف، مبعوث بوتين إلى الشرق الأوسط، والذي غالبًا ما يزور الإمارات ويميل إلى التواصل المباشر مع مستشار السياسة الخارجية لمحمد بن زايد، أنور قرقاش.
وقبله كان نيكولاي باتروشيف، رئيس الأمن القومي الروسي الذي تكررت زياراته إلى أبو ظبي، حيث عقد اجتماعات مع نظيره الإماراتي طحنون بن زايد شقيق رئيس الدولة، كما تكررت لقاءاته بعلي الشامسي المسؤول عن عمليات التجسس الإماراتي.
شكلت المحاولة المتزامنة من قبل كل من روسيا والإمارات لتقويض نزاهة الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 أولى مساعي التكامل الاستراتيجي بين البلدين.
وقتها، كان لكل من بوتين ومحمد بن زايد مصلحة خاصة في وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وقد تم تنسيق الأنشطة من قبل جورج نادر، أحد المساعدين المقربين لمحمد بن زايد، الذي حافظ أيضًا على روابط وثيقة مع الكرملين.
قبل أيام قليلة من تنصيب ترامب في يناير / كانون الثاني 2017، عمل محمد بن زايد على إنشاء قناة خلفية سرية بين الكرملين وبيت ترامب الأبيض.
تقويض الغرب
وبعد ذلك بعام، سهّل بن زايد لمجموعة فاغنر الروسية “دخول السوق” في شمال إفريقيا.
وفي أواخر عام 2018 كانت فاغنر التي تخدم قوة مرتزقة سيئة السمعة تحاول توسيع نطاق روسيا الجغرافي الاستراتيجي بما يتجاوز عملياتها المحدودة في أوكرانيا وسوريا.
طلب أمير الحرب الليبي المدعوم من الإمارات خليفة حفتر الدعم من فاغنر، ورأت الشبكات الروسية في ذلك فرصة لتقويض الأهداف الإقليمية للأمم المتحدة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة في ليبيا.
يبدو أن أبو ظبي ساعدت في تمويل عمليات فاغنر في ليبيا ووفرت سبلًا لها لجلب الذهب المستخرج إلى السوق، فقد قدمت الشركات التي تتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقراً لها، مثل كراتول آفييشن، الدعم اللوجستي لمقاتلي فاغنر.
وتعتبر فاغنر عقدة رئيسية في سياسة روسيا الخارجية وشبكة استخباراتها، ولعبت دورا فعالا في عمليات الاستخبارات والمعلومات الروسية في الغرب والقارة الأفريقية.
وتدعم فاغنر مجموعة من عمليات المعلومات الهجومية المتزامنة التي تجريها الشبكات الإماراتية والروسية، فقد نشط القراصنة الروس ذوي الصلات بأجهزة المخابرات الروسية على شواطئ أبو ظبي منذ بداية حرب أوكرانيا، حيث استأجرهم محاربو المعلومات الإماراتيون.
ومن ثم، فإن تفاخر الجواسيس الروس بتعميق العلاقات مع نظرائهم الإماراتيين يتماشى مع التطورات الأخيرة.
نظرًا لأن الإمارات أصبحت أهم حليف لروسيا لكسر العقوبات الغربية، فإن التعاون الاستخباراتي من الدرجة الثانية والتكامل بين النظامين الاستبداديين لا يخالف هذا الاتجاه.
وعلى العكس تمامًا، نظرًا لأن أبو ظبي تتطلع بشغف إلى تعزيز مكانتها كقوة وسطى في عالم متعدد الأقطاب، فإنها ترفض اختيار أي جانب، وتقيم علاقات أوثق مع المنافسين للغرب في المشرق.
ومع ذلك، فقد استخدمت الإمارات بالفعل شبكاتها المشتركة مع روسيا لتقويض أهداف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وليس أقلها في ليبيا.
للإطلاع على النص الأصلي (هنا)