قالت مصادر مقربة من حزب الله اللبناني أن الحزب قد ينخرط في الصراع بين إيران ودولة الاحتلال إذا تدخلت الولايات المتحدة عسكرياً بشكل مباشر، أو إذا تم اغتيال المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي.
وأوضحت المصادر لموقع ميدل إيست آي أن هاتين الحالتين تمثلان “خطوطًا حمراء أيديولوجية” بالنسبة لحزب الله، يمكن أن تدفعاه إلى قلب المعادلة والمشاركة في الحرب، رغم أن طبيعة هذا التدخل لم تُحدَّد بعد.
وتأتي هذه التصريحات في أعقاب تصريحات أدلى بها النائب في حزب الله، حسن فضل الله، في 14 يونيو/حزيران الجاري، قال فيها إن “إيران تعرف كيف تدافع عن نفسها”، وهو ما فُسِّر على نطاق واسع في الأوساط السياسية اللبنانية على أنه إشارة إلى عدم نية الحزب خوض مواجهة مباشرة دعماً لطهران.
غير أن المصادر المقربة من الحزب نفت دقة هذه التفسيرات، مشيرة إلى أن تقرير وكالة “رويترز” الذي استندت إليه تلك التحليلات لا يعكس موقف الحزب الحقيقي.
الاحتلال والولايات المتحدة على طاولة التصعيد
ولم يكن الموقف الإيراني الرسمي بعيداً عن هذا التوجه، حيث أكد مسؤول إيراني رفيع المستوى لقناة الجزيرة أن حزب الله سيتدخل إذا أقدمت واشنطن على أي خطوة عسكرية مباشرة ضد إيران.
وفي هذا السياق، نقلت شبكة CBS الأميركية أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وافق على خطط لمهاجمة إيران، دون اتخاذ قرار نهائي بتنفيذها حتى الآن، حيث كان قد أعلن مؤخراً أن بلاده “تعرف مكان المرشد الأعلى”، لكنها “لن تقتله في الوقت الحالي”.
ووصف مصدر ثانٍ مقرب من الحزب ما يجري بأنه “معركة وجودية” بالنسبة لما يُعرف بمحور المقاومة، والذي يضم منظمات مسلحة حليفة لإيران في عدد من دول المنطقة.
ورأى الخبير اللبناني في شؤون حزب الله، علي رزق، أن اغتيال خامنئي وحده لا يشكل بالضرورة تهديداً وجودياً للحزب، لكنه أشار إلى أن “تدمير الجمهورية الإسلامية هو التهديد الحقيقي”، وأضاف: “من المرجّح جداً أن يتدخل حزب الله إذا كان بقاء النظام الإيراني على المحك”.
وأوضح رزق أن العلاقة بين الحزب وإيران تتجاوز البُعد الطائفي، وترتكز على عقيدة “ولاية الفقيه”، التي تمنح القيادة الدينية الشيعية صلاحية الإشراف السياسي والعسكري.
بالتزامن مع ذلك، وجّه توم باراك، المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، تحذيراً واضحاً لحزب الله من مغبة التدخل في الصراع.
وقال خلال زيارة إلى بيروت ولقائه مسؤولين لبنانيين، من بينهم رئيس البرلمان نبيه بري: “أستطيع أن أقول نيابة عن الرئيس ترامب إن ذلك سيكون قراراً سيئاً للغاية”.
ورغم ما يعانيه حزب الله من استنزاف شديد جراء الحرب الأخيرة مع دولة الاحتلال، أكدت المصادر أن حزب الله يحتفظ بقدرته على الانخراط في “جبهة دعم”، كما فعل سابقاً في غزة وسوريا، حيث سبق للحزب أن فتح جبهة مع الاحتلال في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، نصرةً للمقاومة الفلسطينية في غزة.
“الحرس الثوري يعيد بناء الحزب”
وأكدت المصادر أن الحرس الثوري الإيراني يشرف على عملية “إعادة تنظيم هيكلية” لحزب الله منذ نهاية الحرب الأخيرة، مشيرة إلى أن “أي قرار سيتخذه الحزب سيكون بالتنسيق الكامل مع الحرس الثوري”، الذي يعتبر الحرب الحالية “معركة للحفاظ على النظام الإيراني ومنع انهياره”.
وبحسب ما ورد، فقد احتفظ حزب الله بترسانة أسلحته المتطورة، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيّرة، داخل أنفاق عميقة، ما جعلها بعيدة عن الضربات الجوية التي يشنها جيش الاحتلال.
في الأثناء، كشف مسؤول لبناني لموقع ميدل إيست آي النقاب عن أن الحكومة الجديدة، التي شُكّلت في فبراير/شباط بعد عامين من الجمود، أطلقت حواراً مع حزب الله حول مستقبل ترسانته العسكرية، وطلبت من الجيش اللبناني التواصل مع الحزب للحفاظ على لبنان خارج ساحة التصعيد الإقليمي.
وأوضح أن اجتماعات متعددة عُقدت في القصر الجمهوري ضمّت الرئيس جوزيف عون وقادة الأجهزة الأمنية، لمناقشة تداعيات أي تدخل عسكري لحزب الله على الأمن والسياسة في لبنان.
وقال علي رزق إن أي خطوة عسكرية من الحزب قد تضع الدولة اللبنانية في موقف سياسي حرج، و”تؤدي إلى توتر العلاقة مع الرئيس عون، رغم ما يربط الطرفين من علاقات جيدة”.
يُشار إلى أن حزب الله يُعد من أكثر المنظمات المسلحة غير الحكومية تسليحًا في العالم، وهو يمتلك ترسانة صاروخية ضخمة ومتشعبة في مواقع تحت الأرض يصعب استهدافها جوًا.