بقلم أمير مخول
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
وجهت إسرائيل هذا الأسبوع ضربة نوعية للجهاد الإسلامي باغتيالها أربعة من قادتها العسكريين باستخدام صواريخ دقيقة بناء على معلومات استخباراتية دقيقة أيضا بحسب الإعلام الإسرائيلي.
لكن هذه التغطية لم تلتفت كثيرا لحقيقة أن العملية أسفرت عن مذبحة مأساوية.
فقد صورت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية خسائر الفلسطينيين بما فيها القتلى من الأطفال والنساء والعاملين في المجال الطبي على أنها حصيلة مقبولة.
وذهب الإعلام الإسرائيلي إلى حد التفاخر بالعدد القليل نسبيًا من الضحايا المدنيين الفلسطينيين وسط شعور بالاحتفال والفخر والشرف في إسرائيل.
ولقيت العملية إجماعاً وطنياً إسرائيلياً، حيث أعرب قادة المعارضة البرلمانية عن دعمهم لتحركات حكومة نتنياهو.
ويقول محللون إن العملية قد تطيل عمر الحكومة المأزومة، التي كانت تواجه صراعًا داخليًا حتى أصبحت على وشك الانهيار.
كان إيتامار بن غفير، الزعيم اليميني المتطرف لحزب القوة اليهودية، يقاطع جلسات الكنيست، ومع ذلك فقد أشاد بالعملية، معتبراً أن ضغوطه آتت أكلها.
في غضون ذلك، فر آلاف الإسرائيليين من منازلهم في التجمعات القريبة من غزة، حيث أشرف الجيش على خطة إخلاء واسعة لهم.
وأشادت إسرائيل بنجاح عملياتها العسكرية، مستشهدة بالتنسيق الاستخباري الناجح بين الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك).
وتفاخرت إسرائيل بإظهار قدرتها على استهداف القادة الفلسطينيين حتى في غرف نومهم معتبرة أن ذلك يهدف إلى إرسال رسالة إلى جميع الفصائل في جنوب لبنان والضفة الغربية المحتلة وغزة عن حجم نفوذها.
تُظهر استراتيجية إسرائيل في الاغتيالات الدقيقة سياستها القاسية في القضاء على قيادة الجهاد الإسلامي، بسبب العمليات للحركة وفلسفتها في مقاومة الاحتلال.
وحث المسؤولون الإسرائيليون حماس مرارًا وتكرارًا على عدم المشاركة في المواجهة الحالية.
لكن التوتر تصاعد بين المؤسسات الأمنية والسياسية والإعلامية الإسرائيلية، حيث انتظرت الدولة لترى ما سيحدث بعد العملية.
فعلى الرغم من إطلاق الصواريخ من غزة ليلة الأربعاء، يبدو أن التأخير في الرد قد بعث برسالة مفادها أن إسرائيل لم تعد تسيطر على كيفية إدارة هذه المواقف.
بل يبدو أن الفصائل الفلسطينية تعمل وفقًا لخططها وجداولها الزمنية، على عكس الإيقاع الذي تمليه إسرائيل.
في الوقت نفسه، فقدت إسرائيل دعم مصر، التي انتقدت بشدة الضربات الأخيرة لحركة الجهاد الإسلامي، على الرغم من جهود الوساطة المستمرة في غزة، قائلة إن المذبحة قوضت الجهود الرامية إلى إرساء استقرار طويل الأمد وانتهكت الالتزامات التي تعهدت بها إسرائيل، خلال المؤتمرات الأخيرة في العقبة بالأردن وشرم الشيخ بمصر.
وتعتقد العديد من الفصائل الفلسطينية والقوى الإقليمية أن القوة الرادعة التي كانت إسرائيل تملكها ذات يوم قد تضاءلت بشكل كبير في الأشهر الخمسة منذ تشكيل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأنها فشلت، استراتيجيًا، في تعزيز نفوذها الإقليمي وتحصين دفاعاتها الوطنية.
وتعاني إسرائيل عيباً آخر يكمن في عدم قدرتها على توقع حدة الرد الفلسطيني على عدوانها.
ففي تل أبيب، اختارت المؤسسة الأمنية هذا الأسبوع فتح الملاجئ العامة وإغلاق المدارس في تكلفة أمنية وسياسية واقتصادية قد تدفع إسرائيل إلى شن هجوم أوسع على جبهات متعددة، في محاولة لاستعادة السيطرة على مسار المواجهة وعواقبها.
تحييد حماس
وعلى الرغم من غياب الدليل على أن العدوان الإسرائيلي الأخير هو نتيجة مباشرة للاضطرابات الداخلية العميقة، يمكن بالتأكيد أن تُعزى قوة الردع المتراجعة للدولة إلى المناخ السياسي الحالي والأزمة الداخلية، وبالتالي، يجب النظر إلى العدوان في هذا السياق.
وإذا أثبتت هذه الاستراتيجية العدوانية أنها مثمرة من وجهة نظر إسرائيلية، فسيكون المستفيد السياسي الأساسي هو نتنياهو، الذي من المتوقع أن ترتفع شعبيته.
لكن تعزيز الشعبية هذا لن يستمر على المدى الطويل، ولن يضمن استمرارية حكومة نتنياهو، بالنظر إلى الصراعات الداخلية عميقة الجذور والمظاهرات العامة المستمرة.
فنتنياهو لن يخرج في نهاية المطاف من تحدياته الأكثر إلحاحًا، وفي الوقت نفسه، أظهرت استطلاعات الرأي أن ثقة الإسرائيليين في زعيم المعارضة بيني غانتس آخذة في الازدياد.
وتراهن إسرائيل على تحييد حماس، وضمان وقف دائم لإطلاق النار مع الحركة التي تحكم غزة فعليًا وتملك القوة العسكرية الأكثر أهمية.
لكن الموقف تأزم أكثر بعد أن هدد وزير الطاقة يسرائيل كاتس هذا الأسبوع باغتيال يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، والقائد العسكري محمد الضيف إذا ردت حماس.
وأصدرت حماس بيانًا يوم الأربعاء أشارت فيه إلى أن قواتها تشارك في إطلاق الصواريخ، على الرغم من عدم التحقق من ذلك.
ويجد جهاز الأمن الإسرائيلي نفسه في حيرة من أمره من الرد الفلسطيني المتأخر وغير المتوقع، بعد أن كان يتحسب لردة فعل فورية بإطلاق صواريخ، تليها وساطة وضغط وهدنة في نهاية المطاف، لكن ثبت أن الواقع أكثر تعقيدًا.
وظهرت مخاوف بشأن احتمال أن تمتد حالة الطوارئ الإسرائيلية إلى أجل غير مسمى، مع احتمال أن تتجاوز التكاليف المرتبطة بها تكاليف عملية عسكرية محدودة، كما يسود تخوف من احتمال استهداف الفلسطينيين لمسيرات المستوطنين في القدس الشرقية المحتلة.
يبدو أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، ويبدو أن الهدنة غير مرجحة، كما يبدو أن الفصائل الفلسطينية تعمل وفقًا لخططها وجداولها الزمنية الخاصة، على عكس الإيقاع الذي تمليه إسرائيل.
ويخلق انتقال الفصائل الفلسطينية من حالة رد الفعل إلى مسار عمل أكثر تعمدًا ديناميكية جديدة لكنه لا يغير جوهر الصراع بشكل أساسي.
للإطلاع على النص كاملاً من (هنا)