ترجمة وتحرير موقع بالعربية
كان من المفترض أن يكون الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة مصدر راحة لكثير من الغزيين ومنهم الصحفي معتصم دلول، إلا أنه كان بداية لمرحلة ألم واستحضار لذكريات فقد زوجته وطفليه في الهجمات الإسرائيلية العام الماضي، كما أن معتصم قد اكتشف بأن ابناً آخر من أبنائه قُتل أثناء محاولته العثور على الطعام.
يقول معتصم لميدل إيست آي: “علمت باستشهاد ابني إبراهيم بعد ساعات قليلة من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف إطلاق النار، وهذا ابني الثالث الذي تقتله إسرائيل منذ بداية الإبادة الجماعية في غزة”.
لقد ظل معتصم صامداً في مدينة غزة، رافضاً الإخلاء إلى الجنوب طوال فترة الحرب التي استمرت عامين، حتى عندما هددت إسرائيل السكان واجتاحت المدينة، وقد نزح وعائلته 13 مرة، وكانوا حتى وقت قريب يعيشون في خيمة في حي الرمال.
قبل يوم واحد من إعلان وقف إطلاق النار، انطلق إبراهيم، ابن معتصم، والبالغ من العمر 21 عاماً وأصدقاؤه إلى الجنوب بحثاً عن الطعام، كما كان يأمل، بحسب والده، في جلب بعض البضائع لبيعها في الشمال وكسب بعض الأموال، لأن سحب الأموال من البنوك أصبح شبه مستحيل.
“نعم، لقد توقف القتل، لكن معاناتنا مستمرة، فنحن فقدنا الكثير من أحبائنا في هذه الإبادة الجماعية، وليس لدينا منازل لنعود إليها، ونحن نكافح من أجل الحصول حتى على الضروريات الأساسية، والوضع في غزة كارثي، فالبنية التحتية والطرق والمستشفيات والمدارس تم تدميرها جميعاً” – معتصم دلول- صحفي من غزة
يروي معتصم: “في طريقهم إلى جنوب غزة وقرب دوار النابلسي، فتحت القوات الإسرائيلية النار عليهم، وما زلنا لا نعرف ما إذا كانت مصدر النيران قذيفة دبابة أم إطلاق نار من طائرة كواد كبتر أم صاروخ”.
فقد معتصم الاتصال بإبراهيم، وقضى “ساعات في العذاب” وهو يبحث عن أخبار عنه، وفي اليوم التالي، وبعد ساعات قليلة فقط من إعلان ترامب انتهاء الحرب، اتصل صديق بمعتصم ليخبره باستشهاد ابنه وأصدقائه.
قال: “لقد تحطمت فرحتي بوقف إطلاق النار، فقد كنت أتمنى أن أرى ابني عريساً إلى جانب خطيبته، وهذا هو الابن الثالث الذي فقدته في هذه الإبادة الجماعية”.
“جرح عميق في القلب”
في العام الماضي، وفي ذروة المجاعة في شمال غزة، اضطر معتصم وعائلته إلى تناول علف الحيوانات، والتي وصفها بأنها كانت تجربة مدمرة جسدياً وعقلياً.
في 28 فبراير من عام 2024، أبلغته زوجته ريهام بأنها تتضور جوعاً، فتوجه هو وإبراهيم إلى دوار النابلسي لانتظار شاحنات الدقيق، يقول معتصم: “بمعجزة تمكنا من الحصول على كيس واحد من الدقيق، فعدت عدت إلى ملجأنا وأنا أشعر بسعادة غامرة لأنني تمكنت أخيراً من خبز الخبز لأطفالي، وبعد لحظات، تلقيت مكالمة تفيد بأن ملجأنا قد تعرض للقصف”.
هرع الصحفي إلى المستشفى ليجد أن زوجته وابنه أبو بكر البالغ من العمر عامين قد استشهدا، فقال: “فقدان زوجتي ترك جرحاً عميقاً في قلبي لن أشفى منه أبداً مهما حاولت التحلي بالصبر، فإسرائيل قتلت زوجتي وهي جائعة”.
وبعد ثلاثة أشهر، فقد دلول ابنه يحيى، ففي ذلك اليوم من شهر مايو، عاد الصحفي وأطفاله إلى منزلهم المدمر في حي الزيتون للبحث تحت الأنقاض عن أي شيء يمكنهم إنقاذه من الملابس والطعام وغيرهما.
فجأة، فتحت دبابة إسرائيلية النار عليهم، فقتلت ابنه البالغ من العمر 21 عاماً، واستطاع معتصم الفرار ببقية أبنائه من المنطقة، فقال: “بعد أسبوع، عندما عدت، وجدت أن الدبابات الإسرائيلية قد سحقت وشوهت رفات ابني يحيى”.
“صورة وجهه الجميل”
لم يتمكن معتصم من دفن إبراهيم إلا بعد 3 أيام من استشهاده، ولا تزال خطيبته البالغة من العمر 19 عاماً تعاني من صدمة عميقة، فقال: “لقد كان طموحاً ولطيفاً وكريماً، وكثيراً ما كان يدعو أصدقاءه لتناول طعام الغداء أو العشاء في منزلنا”.
قبل الحرب، كان معتصم قد افتتح سوبر ماركت كبير لأبنائه، على أمل توفير مستقبل جيد لهم، لكن إسرائيل قصفت منزلهم ومتجرهم، يقول معتصم: “ألم الخسارة لا يطاق، لا تزال خطيبته غير قادرة على استيعاب ما حصل، فقد كان دائماً لطيفاً، وقد طلبت رؤية جثته للمرة الأخيرة، لكن عندما وصلنا به إلى الخيمة، رفضت فتح الكفن وقالت (أريد أن أحتفظ بصورة وجهه الجميل في ذاكرتي) وودعته من بعيد”.
مع انتهاء الحرب، بدأ الناس في محاولة استيعاب الخسائر الفادحة التي تكبدوها، وفي هذا يقول معتصم: “نعم، لقد توقف القتل، لكن معاناتنا مستمرة، فنحن فقدنا الكثير من أحبائنا في هذه الإبادة الجماعية، وليس لدينا منازل لنعود إليها، ونحن نكافح من أجل الحصول حتى على الضروريات الأساسية، والوضع في غزة كارثي، فالبنية التحتية والطرق والمستشفيات والمدارس تم تدميرها جميعاً”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)