وُصف بالغامض والقمعي! جرس إنذار حول مشروع قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن

في الأيام الأخيرة، طالت قانون الجرائم الإلكترونية المقترح في الأردن انتقادات وغضب واسع النطاق، من قبل النشطاء والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان، الذين يرون بأن هذا التشريع الجديد سوف يحد من حرية الرأي والتعبير!

ويحدد مشروع القانون المقترح عدداً من القيود التي قد تؤدي إلى السجن أو غرامات باهظة، ويستهدف استخدام الشبكات الخاصة الافتراضية أو ما تُعرف بالـ (VPN)، وهي الأجهزة التي تسمح للمستخدمين بتجاوز القيود وإخفاء هويتهم على الانترنت، وقد يؤدي استخدامها إلى سجن قد يصل إلى 6 أشهر.

“القانون نطاق واسع جداً يمكن تطبيقه حتى على مجموعات واتس آب، مما يجعل كل مستخدم مراقباً بالفعل”. عيسى محاسنة- جمعية المصادر المفتوحة الأردنية

وينص القانون المقترح أيضاً على إقرار تهم جنائية فيما يتعلق بتهم تتمحور حول “تقويض الوحدة الوطنية” و”اغتيال الشخصيات عبر الانترنت”، وهي بحسب المنتقدين مصطلحات فضفاضة وغامضة بشكل كبير، كما أن هناك 41 تعديلاً مقترحاً على القانون، ما في ذلك صلاحيات حجب منصات التواصل الاجتماعي وإبطاء مواقع الويب، بالإضافة إلى منح الدولة سلطة حذف أي منشور.

يذكر أن مشروع القانون الجديد المقترح جاء ليحل محل قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2015 في الأردن، فيما أشار المدير التنفيذي لجمعية المصادر المفتوحة الأردنية، عيسى محاسنة، إلى أن القانون المقترح سوف يؤثر سلباً على حرية التعبير، حتى أنه تم بالفعل اعتقال عدد من الصحفيين والنشطاء بموجب القانون مؤخراً، وأضاف “نتوقع المزيد من الاعتقالات إذا تم تمرير القانون، ولن يتمكن مستخدمو الانترنت بعد الآن من معرفة إذا ما كان سلوكهم سوف يعتبر جريمة أم لا”!

بموجب القانون أيضاً، سوف تواجه الشركات التي لا تلتزم بمتطلبات وجود مكتب على أرض الواقع داخل الدولة حظراً من الإعلانات على منصاتها، مما يقلل الحركة وزيارة الموقع بشكل كبير، ويرى محاسنة أن القانون يمهد الطريق لمزيد من القضايا مثل تحميل مديري صفحات الويب المسؤولية عن التعليقات التي ينشرها الآخرون في الصفحة، فهو “نطاق واسع جداً يمكن تطبيقه حتى على مجموعات واتس آب، مما يجعل كل مستخدم مراقباً بالفعل”!

تقييد حرية التعبير

في مقطع فيديو شاركته منظمة SMEX، التي تبحث في قضايا حرية التعبير عن الذات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ظهر الناس في العاصمة الأردنية عمان وهم يرفعون الشعارات غضباً في وجه القانون.

“القانون يمثل انتقال الأردن إلى مرحلة متقدمة من القمع، حيث يصبح الانترنت حقل ألغام قد يقتل النافذة الأخيرة المتبقية أمام انتقاد شخصيات عامة في الأردن” ريم المصري -باحثة سياسية

من جهتها، قامت منظمات حقوقية، على رأسها هيومن رايتس ووتش، بحث الحكومة الأردنية على سحب القانون، ففي بيان مشترك أشارت تلك المنظمات إلى أن “مشروع القانون سوف يعرض الحقوق الرقمية للخطر، بما في ذلك حرية التعبير والبحث عن المعلومات، وسوف يفشل في نهاية المطاف في تحقيق أهداف الحكومة الأردنية في معالجة المعلومات المضللة أو خطاب الكراهية أو التشهير عبر الانترنت”.

كما أثار الصحفيون الاردنيون مخاوف حول كيفية انتهاك القانون لعملهم، خاصة مع شيوع  استخدام الشبكات الافتراضية الخاصة للحفاظ على سرية هويتهم، والمساعدة في حمايتهم والسماح لهم بتجاوز الحظر على مواقع معينة، ولذلك فإن السماح للمدعي العام بحظر أو إزالة المحتوى عبر الإنترنت وتقديم بيانات شخصية للسلطات، قد يعرض حياة الصحفيين والنشطاء للخطر. 

يستخدم الفيسبوك من قبل العديد من المعارضين السياسيين، فهم يجدون أن البث المباشر في المنصات أداة مفيدة لانتقاد السلطات وأحياناً الملك رغم أنه أمر محظور

في المقابل، احتج عدد من الصحفيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي على القانون عبر نشر صور لهم مع تغطية أفواههم، وذلك ضمن حملة الكترونية، داعين إلى حماية حرية التعبير في البلاد، فالخوف من القانون بحسب تغريدة الباحثة السياسية، ريم المصري، هي من “انتقال الأردن إلى مرحلة متقدمة من القمع، حيث يصبح الانترنت حقل ألغام قد يقتل النافذة الأخيرة المتبقية أمام انتقاد شخصيات عامة في الأردن”.

احتجاج في الفضاء الإلكتروني

بعض البنود في القانون الجديد بدت غامضة بدت فيما يتعلق بأن هناك عواقب على جرائم مثل “إثارة الفتنة” و”تعزيز الأخلاق أو التحريض عليها أو المساعدة في التحريض عليها” و”إزدراء الأديان”، حيث يرى النشطاء أنه في ظل عدم وجود تفاصيل محددة حول ماهية الجرائم، فإن الباب سيكون مفتوحاً لأن يعتبر أي شخص مخالفاً للقانون دون أن يعرف ذلك! 

على وسائل التواصل الاجتماعي، استخدم المئات هاشتاغ “دولة لا سجن” للتعبير عن احتجاجهم، فقد كتب أحدهم مع الهاشتاغ مشجعاً على استخدامه، “إذا تم تمرير هذا القانون، فسوف يكون انتهاكاً لحقوق 9:95 مليون مستخدم للإنترنت في الأردن، وتهديداً للمصالح الاقتصادية لكل شخص يعد الإنترنت ومنصات التواصل مصدراً لدخله”!

يذكر أنه في عام 2021، أعلنت الحكومة الأردنية عن بدء ما أسمته “دوريات على الانترنت” لمتابعة ما يُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تتكون الدوريات من أفراد الأمن الذين يراقبون ما تتم كتابته على المواقع، ثم يتابعون من قام بالكتابة عند الاشتباه بارتكاب “جريمة”.

ويستخدم الفيسبوك، على وجه الخصوص، من قبل العديد من المعارضين السياسيين للحكومة في الأردن، فهم يجدون أن البث المباشر في المنصات أداة مفيدة لانتقاد السلطات وأحياناً الملك، رغم أنه أمر محظور، حتى أن الحكومة قامت قبل أسابيع، بحجب موقع الأخبار الساخرة الشهير “الحدود”، في خطوة اعتبرت جرس إنذار في حق حرية التعبير.

مقالات ذات صلة