بقلم ماندي تيرنر
ترجمة وتحرير مريم الحمد
في 31 يوليو الماضي، كنت على متن رحلة جوية من لندن إلى تل أبيب عندما علمت بنبأ قيام إسرائيل باغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران.
لقد كان اغتيال هنية، أحد المحاورين الرئيسيين في محادثات وقف إطلاق النار، دليلاً آخر على أن إسرائيل لم تكن مهتمة بإنهاء قصفها على غزة، وإلا فلماذا تقتل الشخص الذي تتفاوض معه؟!
الموجود الآن هو مسخ من شكل الدولة الواحدة العنصرية ممتدة من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط وهذا هو نتاج الدولة الاستعمارية الاستيطانية التي تفرض حكمها على السكان الأصليين
ومع ذلك، فتصرفات إسرائيل تبدو منطقية تماماً إذا تم النظر إلى الوضع من منظور فلسطيني، حتى أن زيارتي للضفة الغربية لمدة 15 أسبوعاً بعد الاغتيال زادت من تعزيز وجهة نظري بأن الطرق التقليدية لحل الصراعات غير قادرة على معالجة ما يجري في فلسطين.
لقد مر عام الآن على أول إبادة جماعية يتم بثها بشكل حي ومباشر، وتصفها وسائل الإعلام بأنها حرب بين إسرائيل وغزة أو حرب بين إسرائيل وحماس أو تصعيد في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ولكن الحقيقة أن أياً من هذه المصطلحات لا يعبر بشكل كافٍ عن حقيقة الوضع بالنسبة للفلسطينيين، الذين حرموا من حقهم في تقرير المصير لأكثر من مائة عام،على يد البريطانيين أولاً والآن على يد الإسرائيليين!
نكبة مستمرة
إن ما نشهده حالياً هو المرحلة الأخيرة، رغم عنفها وحجم الدمار الذي خلفته، من النكبة الفلسطينية، بالنسبة للفلسطينيين الذين ما زالوا في وطنهم، تريد إسرائيل جعلهم يقتنعون أن المقاومة لا طائل من ورائها، فهي إما سوف تنهي حياتك كفلسطيني أو تمكث في السجون لعقود من الزمن.
ومن هذ الرسالة الإسرائيلية يمكننا أن نفهم حجم العنف العسكري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك الاعتقالات الجماعية والقتل وهدم المنازل وقصف البلدات ومخيمات اللاجئين وحظر التجول والحصار؟
ومن نفس الرسالة يمكننا أن نفهم السبب وراء قيام إسرائيل بتسريع وتيرة استيلائها غير القانوني على الأراضي وبناء المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية، كما يمكننا أن نفهم لماذا لن تسمح إسرائيل بنشوء دولة فلسطينية أصلاً.
لقد بذلت إسرائيل كل ما في وسعها لمنع إقامة الدولة الفلسطينية، بما في ذلك خلال العقود الثلاثة الماضية من “عملية السلام” التي يفترض أنها تؤدي إلى حل الدولتين، ومن يقول لك غير ذلك فهو مراوغ، فالموجود الآن هو مسخ من شكل الدولة الواحدة العنصرية ممتدة من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط وهذا هو نتاج الدولة الاستعمارية الاستيطانية التي تفرض حكمها على السكان الأصليين.
لقد ظل الفلسطينيون يقولون ذلك منذ عقود، ولم تدرك ذلك منظمات حقوق الإنسان وخبراء حقوق الإنسان والدول أيضاً إلا متأخراً، والواقع يقول أنه إلى أن ينتهي حكم الفصل العنصري الاستعماري الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، فسوف تستمر أعمال العنف المتوسطة إلى العالية الحدة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
منهجية سخيفة
لقد دعمت معظم الدول الغربية تصرفات إسرائيل في فلسطين وفي جميع أنحاء المنطقة، حتى أن بعضها متورط عسكرياً، كما تواصل هذه الدول نفسها عرقلة قرارات الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار والاعتراف بالدولة الفلسطينية.
المفارقة أنه هذه الدول تصر على أن على الفلسطينيين التفاوض على حريتهم مع إسرائيل، الدولة التي تصر على أنها لن تنهي حكمها الاستعماري العنصري، وهذه منهجية سخيفة، فما يطلبه الفلسطينيون هو الدعم الدولي لعملية إنهاء الاستعمار، ولن ينجح أي حل آخر!
في 19 سبتمبر الماضي، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً تاريخياً، حيث طالبت الدول الأعضاء بأغلبية الثلثين إسرائيل “بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة” في غضون 12 شهراً، وذلك استناداً إلى فتوى أصدرتها محكمة العدل الدولية في شهر يوليو الماضي بأن إسرائيل تحتل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة بشكل غير قانوني، وأن نظام الفصل العنصري الذي تمارسه يشكل جريمة ضد الإنسانية.
رغم كون قرار الأمم المتحدة رمزياً إلى حد كبير، إلا أن هذه الخطوة كانت مهمة للغاية، فالقرار والإجراءات القانونية التي يمكن أن تنجم عنه، بالإضافة إلى نشاط المجتمع المدني من أجل المقاطعة، هو الإطار الوحيد لحل الصراع الذي سيؤدي إلى السلام والعدالة في المنطقة.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)