4 غارات على مستشفى الشفاء في غزة جعلت منه منطقة خطر!

بقلم محمد الحجار وندى عثمان

ترجمة وتحرير مريم الحمد

هناك نحو 30 ألف فلسطيني يقبعون تحت الحصار حالياً في مستشفى الشفاء في مدينة غزة، وذلك بعد غارة ليلية مفاجئة، حيث تقدمت الدبابات نحو المستشفى وقصفته، بينما كان الفلسطينيون الذين يحتمون بالمبنى على وشك تناول وجبة السحور!

تقول التقارير الأولية أن عدة أشخاص قتلوا وجرحوا في الغارة الأخيرة، وأنه تم اعتقال ما لا يقل عن 80 شخصًا خلال المداهمة الليلية في الموقع الذي ظل مركزًا للأحداث والهجمات منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة.

سرعان ما أصبحت المنطقة مرة أخرى منطقة خطر، حيث قام الجيش الإسرائيلي بإلقاء منشورات تأمر سكان حي الرمال بالمغادرة باتجاه الجنوب

يقع مستشفى الشفاء في مدينة غزة، ويتكون من مجمع من المباني والأفنية، على بعد أقل من نصف ميل من ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهو المكان الذي أُجبر عدد كبير من الفلسطينيين النازحين على اللجوء إليه بعد ترك منازلهم في مخيم الشاطئ وحي الرمال الواقعين على جانبي المجمع الطبي.

ورغم اتفاقيات جنيف التي تحظر العمليات العسكرية ضد المستشفيات “ما لم يتم استخدامها لارتكاب أعمال تضر بالعدو، خارج نطاق واجباتها الإنسانية”، فإن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها مداهمة المستشفى!

كيف هي الأوضاع الحالية؟

لقد تم بالفعل وصف الوضع في المستشفى بأنه “كارثي” حتى من قبل الغارة الأخيرة، حيث لجأ آلاف الأشخاص، الذين ليس لديهم منازل يعودون إليها، إلى داخل المستشفى، فالعدد يتزايد كل يوم بسبب الهجمات التي تؤدي إلى نزوح الناس يوميًا من المناطق المجاورة.

لقد أدت الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على المناطق المجاورة، بما في ذلك شارع الرشيد وشارع صلاح الدين ودوار الكويت، حيث قُتل 118 شخصاً وأصيب مئات آخرون أثناء انتظارهم المساعدات الأسبوع الماضي، إلى زيادة عدد النازحين الفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة نحو الشفاء.

“تمت مداهمة حي الشفاء والمناطق المحيطة به 4 مرات على الأقل منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر” – وزارة الصحة الفلسطينية

اليوم، بات المستشفى بالكاد يعمل كمركز طبي، ولا يوجد سوى القليل من الأدوية أو المعدات، في وقت يعتمد فيه المستشفى حاليًا على الأطباء المتدربين، فلا يمكن استخدام العديد من الأدوات مثل الأشعة السينية والموجات فوق الصوتية بسبب نقص الكهرباء.

في حديثها لموقع ميدل إيست آي، تقول الصحفية بيان سلطان، التي تعيش في المستشفى، أنه في حوالي الساعة 1 ظهراً من يوم السبت سمع الناس أصواتاً خارج المبنى وافترضوا أنها شاحنات مساعدات يتم تسليمها، وبعد نصف ساعة، أمر الجيش الإسرائيلي الأشخاص الذين لجأوا إلى المستشفى بالمغادرة، بينما قصفت القوات الإسرائيلية المنطقة حتى الساعة 5 مساءً تقريبًا، وقد أدى القصف الذي وقع نهاية الأسبوع إلى تدمير عدد من المنازل في حي الرمال القريب من المستشفى. 

خلال المداهمة، اعتقل الجيش الإسرائيلي عدداً من الصحفيين، من بينهم مراسل الجزيرة إسماعيل الغول، فضلاً عن تدمير سيارات البث الخاصة بالطواقم الصحفية في الموقع، وسرعان ما أصبحت المنطقة مرة أخرى منطقة خطر، حيث قام الجيش الإسرائيلي بإلقاء منشورات تأمر سكان حي الرمال بالمغادرة باتجاه الجنوب.

هل هذه أول هجمة إسرائيلية على المستشفى؟

لقد تمت مداهمة حي الشفاء والمناطق المحيطة به 4 مرات على الأقل منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، حيث كانت الغارة الأولى على المستشفى في أوائل نوفمبر، تلتها غارة أخرى بعد بضعة أيام، حيث زعم الجيش الإسرائيلي أنه يضم مركز قيادة لحماس تحته.

وفي 11 نوفمبر، قصفت الطائرات المقاتلة والدبابات الإسرائيلية الجزء الخارجي من المستشفى، مما أدى إلى توقف أقسام الجراحة والعناية المركزة وطب الأطفال عن العمل، وحاصرت القوات الإسرائيلية المستشفى وما زال بداخله المرضى والطاقم الطبي ونحو 15,000 نازح فلسطيني، ومن بين الموجودين في المستشفى كان هناك  36 من أطفال الخدج و 22 مريضًا في العناية المركزة.

وفقاً لرئيسة الأنشطة الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود في غزة، أوريلي جودار، فقد وصلت شحنات قليلة من الوقود إلى غزة في قافلة مساعدات في يناير، مما أبقى المستشفى قائماً على قدميه، وأضافت أن المستشفى تعرض لأضرار بالغة وبالكاد يعمل، مع تهشم الأسقف وتعليق أكياس الوريد مباشرة على جدران المستشفى

لاحقاً، أظهرت عدة تقارير وتحقيقات أعقبت الغارة أن الأدلة التي قدمها الجيش الإسرائيلي لم ترقَ إلى مستوى ادعاءاته بأن حماس كانت تعمل من المستشفى، ومن بينها تحقيق أجرته بي بي سي وخلص إلى أن مقاطع الفيديو التي تظهر الجيش الإسرائيلي وهو يعثر على أسلحة في المستشفى كانت ممنتجة، كما أن لقطات للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أظهرت اكتشاف حقيبة تحتوي على مسدس في المستشفى تم تصويرها قبل ساعات من وصول الصحفيين الذين كان يعرضها لهم.

توصلت العديد من التحقيقات التي أعقبت غارة نوفمبر إلى أن الروايات الإسرائيلية والأمريكية لم تكن دليلاً قاطعاً على أن حماس كانت تستخدم المستشفى، مما دفع المفوض السامي للأمم المتحدة فولكر تورك إلى الدعوة إلى إجراء تحقيق مستقل.

من جانبه، أكد مدير عام وزارة الصحة الطبيب منير البرش، أن جنود الاحتلال استخدموا خلال المداهمة مكبرات الصوت لأمر الناس بالخروج من الشفاء، وتم نقل نحو 30 شخصاً إلى الفناء، وتم تجريدهم من ملابسهم وعصب أعينهم، كما تم تفجير مستودع للأدوية والمعدات الطبية.

كيف استمر تشغيل المستشفى؟

توقف مستشفى الشفاء عن العمل بعد غارة نوفمبر، وتحول تدريجياً إلى ملجأ للنازحين الفلسطينيين، فمنذ أن قطعت إسرائيل جميع خدمات الكهرباء والمساعدات والوقود والمياه والغذاء منذ 9 أكتوبر، أصبح المستشفى يعمل بعدد محدود من المولدات.

وفقاً لرئيسة الأنشطة الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود في غزة، أوريلي جودار، فقد وصلت شحنات قليلة من الوقود إلى غزة في قافلة مساعدات في يناير، مما أبقى المستشفى قائماً على قدميه، وأضافت أن المستشفى تعرض لأضرار بالغة وبالكاد يعمل، مع تهشم الأسقف وتعليق أكياس الوريد مباشرة على جدران المستشفى.

لقد تمكنت الفرق الطبية من إنقاذ المعدات والحفاظ على تشغيل غرفة الطوارئ بمعدات محدودة، ومع ذلك، لم يتمكن الطاقم، والعديد منهم من المتطوعين، من إعادة فتح وحدة العناية المركزة، كما أن هناك نقصاً حاداً في أسرة المستشفيات، مما اضطر البعض إلى تقاسم الأسرة، بينما ينام البعض الآخر على الأرض.

ماذا وراء الغارة الأخيرة؟

كان هناك الكثير من التقارير غير المؤكدة حول التوقيت والأسباب وراء الغارة الأخيرة على المستشفى، فقد جاءت الغارة في نفس الوقت الذي كان من المتوقع أن يصل فيه وفد إسرائيلي إلى قطر لمراجعة اقتراح حماس لوقف إطلاق النار.

وفي الوقت نفسه، فقد قتلت القوات الإسرائيلية في الغارة أيضًا ضابطاً في الشرطة الفلسطينية كان مسؤولاً عن تأمين دخول شاحنات المساعدات إلى شمال غزة كما نقلت الجزيرة.

أما الشبكة القطرية فقد نقلت عن مصادر لم تسمها، أن مدير عام عمليات الشرطة في غزة، فائق المبحوح، كان له الفضل في التنسيق الأخير بين زعماء العشائر والأونروا لتأمين وتوزيع المساعدات القادمة من الجنوب، كما أسفرت جهوده عن تأمين دخول آمن لشاحنات المساعدات لمدة ليلتين متتاليتين، بعد أسابيع من استهداف إسرائيل للقوافل وطالبي المساعدات.

ويأتي مقتل المبحوح بعد أيام مما نقلته تقارير عن أن القبائل المدنية في غزة، والتي رفضت أي تعاون مع إسرائيل فيما يتعلق بتوزيع المساعدات، كانت قد اجتمعت في باحة المستشفى بالمبحوح مؤخرًا، حيث أعربت خلال اللقاء عن استعدادها للتعاون في توزيع المساعدات على أن يتم ذلك بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والمسؤولين الحكوميين في غزة.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة