يؤكد الصمت الذي قابلت إدارة بايدن به استخدام إسرائيل المتزايد للمعدات العسكرية المتطورة في الضفة الغربية المحتلة افتقار واشنطن إلى الخطوط الحمراء تجاه العنف الإسرائيلي المتصاعد ضد الفلسطينيين.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي الدامي على مخيم جنين يوم الإثنين عن مقتل 12 فلسطينياً ونزوح أكثر من 3000 فلسطيني من منازلهم بعد أسابيع من تكثيف نشر إسرائيل لأسلحتها الثقيلة في الضفة الغربية المحتلة.
بالفيديو.. دمار كبير يصيب مخيم جنين في فلسطين
مقطع فيديو يوثق حجم الدمار الكبير الذي حل بمخيم جنين في فلسطين المحـ،ـتلة نتيجة العدوان المتواصل من قبل قوات الاحــ،،ـتلال الإســ،،ـرائيلية.#يني_شفق #فلسطين pic.twitter.com/P3a0D3LtvX
— يني شفق العربية (@YeniSafakArabic) July 4, 2023
وقالت مروة مزيد، الخبيرة في العلاقات الأمريكية العربية الإسرائيلية في جامعة ميريلاند:” من الواضح أن الولايات المتحدة لا تملك خطوطاً حمراء عندما يتعلق الأمر باستخدام إسرائيل للقوة”.
في حزيران \ يونيو، تم استخدام طائرات هليكوبتر حربية إلى الضفة الغربية المحتلة لأول مرة منذ ما يقرب من 20 عامًا بعد إصابة ناقلة جنود إسرائيلية بما وصفه الجيش بعبوة ناسفة بدائية الصنع “متطورة جدًا” (IED).
وبعد يومين فقط، قتلت إسرائيل عضوين في الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وقائد عسكري من فتح في غارة بطائرة بدون طيار بالقرب من جنين.
وأعرب متحدث باسم مجلس الأمن القومي يوم الاثنين عن دعم الولايات المتحدة “لأمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن شعبها ضد حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني والجماعات الإرهابية الأخرى”.
وقالت مزيد “الولايات المتحدة تواكب بشكل كامل سيولة الأحداث في إسرائيل”.
ولم يهدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي فرصة للتفاخر بالدعم الأمريكي في مواجهة المعارضين المحليين الذين يقولون إن حكومته اليمينية المتطرفة عرّضت العلاقات مع أقرب حليف لإسرائيل للخطر.
ويتعرض نتنياهو لضغوط من أعضاء متشددين في حكومته لاتخاذ موقف أكثر صرامة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
فقد دعا بتسلئيل سموتريتش، العضو اليميني المتطرف في حكومة نتنياهو والذي يشغل منصب وزير الدفاع، الحكومة إلى القيام “بعملية واسعة” في الضفة الغربية المحتلة.
ورغم عدم قبول الإدارة الأمريكية استقبال نتنياهو، إلا أن هذا الرفض مرتبطٌ بالقضايا الإسرائيلية الداخلية، ولا علاقة له بعمليات إسرائيل ضد الفلسطينيين.
وقال آرون ديفيد ميللر، المستشار السابق للشرق الأوسط في وزارة الخارجية:” إذا قال نتنياهو غدًا إن الإصلاح القضائي قد مات، فإن إدارة بايدن ستحدد له زيارة”، موضحاً أن “سبب عدم قدومه ليس مرتبطا بالفلسطينيين على وجه التحديد”.
ودعمت إدارة بايدن إسرائيل، عندما كان البعض يأمل أن تبدي دعماً أكبر للفلسطينيين.
ويوم الاثنين، غردت عضوة الكونغرس الديمقراطية رشيدة طليب على مقطع فيديو من جنين قائلة:” القوات الإسرائيلية تمنع الآن سيارات الإسعاف من الوصول إلى عشرات الجرحى الفلسطينيين … يجب على الكونغرس التوقف عن تمويل نظام الفصل العنصري الإسرائيلي العنيف”.
لكن المشرعين الديمقراطيين الآخرين، الذين حثوا إدارة بايدن في السابق على اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد إسرائيل، التزموا الصمت خلال العملية في جنين.
ويقول ميلر إنه من غير المرجح أن تفكر إدارة بايدن في حجب الأنظمة العسكرية الأمريكية عن إسرائيل، حتى مع النشر الجديد للأسلحة الثقيلة.
“الانتخابات وولي العهد”
وتزيد الانتخابات الرئاسية لعام 2024 من تعقيد استجابة إدارة بايدن للتوترات المتصاعدة، إذ وبحسب ميللر، فإن “الإدارة غير معنية بمنح الجمهوريين أي ميزة في خلق الانطباع بأنها تنتهج سياسة معادية لإسرائيل، سيما فيما يتعلق بجمع الأموال”.
وبالمقارنة مع الغزو الروسي لأوكرانيا وتصاعد التوترات مع الصين، فإن التوترات في الضفة الغربية المحتلة تبدو ذات أهمية أقل للبيت الأبيض الذي يصب تركيزه على كيفية تأثير هذا التوتر على جهود الوساطة في صفقة التطبيع بين السعودية وإسرائيل.
ويبدو المحللون السياسيون أيضاً منقسمين حول مدى تأثير العنف المتصاعد في الضفة الغربية المحتلة على حسابات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ففي مقابل تطبيع العلاقات، تريد المملكة العربية السعودية ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، وتطلب العون في تطوير برنامج نووي مدني وقيود أقل على مبيعات الأسلحة.
ويقول ميللر إن “عتبة” ولي العهد بشأن التطورات في الضفة الغربية المحتلة ستكون منخفضة إذا تمت تلبية مطالبه الأخرى.
لكن مزيد قالت إن الرياض لن تهتم بالتطبيع مع تعمق هذه التوترات، لا سيما أنها تستفيد بالفعل من التعاون الأمني الهادئ مع إسرائيل.
وقالت:” سيكون من الغباء اعتقاد الولايات المتحدة أنها تستطيع تنحية الصراع جانبًا “.
من جهتها تعتقد زها حسن، محامية حقوق الإنسان والزميلة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أن الصمت الأمريكي سيؤدي إلى “استمرار نزيف مصداقية واشنطن عند الحديث عن حقوق الإنسان واحترام المعايير الدولية”.