على الرغم من تلقيها مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية الأمريكية، رفضت مصر عدة طلبات من الولايات المتحدة لإرسال أسلحة إلى أوكرانيا، لتوضح بذلك لأي مدى يمكن للقاهرة أن تصل من أجل الحفاظ على موقف محايد من الحرب في أوروبا.
وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الجمعة تلقي وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن رداً “غير ملزم” في آذار/ مارس عندما طلب من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إرسال أسلحة إلى أوكرانيا.
💥 تقرير: لماذا ترفض #مصر طلبات أمريكية لتسليح #أوكرانيا!؟
تفـاصـــيـــل هُنــا 👇https://t.co/1MXvaVeAex
— وطن. يغرد خارج السرب (@watanserb_news) August 12, 2023
وفي نيسان/ أبريل، كشفت مجموعة من الوثائق الأمريكية السرية المنشورة على Discord، وهو تطبيق دردشة يستخدمه اللاعبون، أن السيسي خطط لصفقة سرية في بداية الحرب لتزويد خصم أوكرانيا سراً، أي روسيا، بـ 40 ألف صاروخ، وطلب من المسؤولين إبقاء الصفقة سرية “لتجنب المشاكل مع الغرب”.
كما كشفت مجموعة أخرى من الوثائق المسربة أن مصر تراجعت لاحقًا عن تلك الخطة وسط ضغوط أمريكية ووافقت على إنتاج ذخيرة مدفعية لأوكرانيا، وفقًا لصحيفة واشنطن بوست.
وأوضحت وول ستريت جورنال أن واشنطن طلبت من مصر إعطاء أوكرانيا قذائف مدفعية وصواريخ مضادة للدبابات وأنظمة دفاع جوي وأسلحة صغيرة.
وأوضحت تلك الوثائق أن كبار المسؤولين الأمريكيين قاموا، منذ اجتماع أوستن مع السيسي، بتقديم طلبات متعددة للقاهرة لمتابعة الطلب دون جدوى.
ووفقًا لـ وول ستريت جورنال، فإن المسؤولين المصريين يصرحون سراً أنهم لا يعتزمون إرسال أسلحة إلى أوكرانيا.
ولم تكن مصر الدولة الوحيدة بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي رفضت النداءات الأمريكية بقطع العلاقات مع روسيا ومساعدة أوكرانيا، فقد قامت تركيا، التي حاولت وضع نفسها كوسيط في الصراع، بأعمال نشطة مع روسيا وسط العقوبات الأمريكية، كما رحبت الإمارات العربية المتحدة بتجار النفط الروس في إمارة دبي اللامعة.
ومع ذلك، فقد جاء رفض مصر بشكل لافت لأن القاهرة تعتمد بشدة على الولايات المتحدة في المساعدات العسكرية، حيث تتلقى حوالي 1.3 مليار دولار سنويًا، مما يجعلها ثاني أكبر متلقٍ للدعم الأمريكي، بعد إسرائيل.
تتلقى مصر الجزء الأكبر من هذا الدعم عبر برنامج يسمى التمويل العسكري الأجنبي حيث تخصص الولايات المتحدة أموالاً لمصر في البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، وتقوم وزارة الدفاع الامريكية بالتعاون مع مسؤولي الدفاع في القاهرة بعمليات شراء من مقاولي الدفاع الأمريكيين نيابة عن مصر باستخدام تلك الأموال.
قام السيسي باستثمار مبالغ كبيرة في مشتريات الأسلحة منذ وصوله إلى السلطة في انقلاب 2013 الذي أطاح بسلفه المنتخب ديمقراطياً، محمد مرسي، واستمرت عمليات الشراء بالرغم من معاناة مصر من أزمة اقتصادية خانقة أدت إلى انخفاض حاد في العملة الأجنبية وتضخم مضاعف دفع المصريين من الطبقة الوسطى إلى خط الفقر.
في وقت سابق من هذا العام، منحت الولايات المتحدة شركة بوينج عقدًا بقيمة 426 مليون دولار لإنتاج 12 طائرة هليكوبتر جديدة من طراز شينوك مخصصة للقوات الجوية المصرية.
وفي آذار/ مارس، أخبر الجنرال فرانك ماكنزي، القائد الأعلى السابق للقوات في الشرق الأوسط، الكونغرس الأمريكي أن الولايات المتحدة تخطط للموافقة على بيع طائرات مقاتلة من طراز F-15 إلى مصر.
وبرغم أن الولايات المتحدة ومصر شريكان أمنيان رئيسيان، إلا أن السيسي سعى إلى تنويع شبكة القاهرة، وعقد صفقات مع فرنسا وروسيا، ففي الفترة الواقعة بين عامي 2017 و 2021، كانت موسكو أكبر مزود للأسلحة إلى مصر، حيث كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتطلع إلى التحوط من الاعتماد على الولايات المتحدة.
وعقب اندلاع الحرب في أوكرانيا وفي ظل اضطراب صناعة الأسلحة الروسية، اقترح كبار المسؤولين الأمريكيين أن هناك فرصة للتدخل في غزوات الكرملين.
لكن السيسي أظهر القليل من الرغبة في قطع العلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعليه، فقد حضر قمة القادة الأفارقة في سان بطرسبرج في تموز/ يوليو، بينما كانت مصر تواصل شراء غالبية قمحها من روسيا، في ظل ارتفاع الواردات الروسية وسط الحرب الأوكرانية.