صادق العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمس السبت على قانون مثير للجدل بشأن الجرائم الإلكترونية، بعدما أقر مجلسا البرلمان مشروع القانون يوم الثلاثاء.
وانتقدت جماعات حقوقية وصحفيون القانون واعتبروه اعتداء على حرية التعبير، في وقت شنت فيه السلطات حملة قمع للصحفيين والكتّاب على خلفية منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
نشر #قانون_الجرائم_الإلكترونية رقم 17 لسنة 2023 في الجريدة الرسمية اليوم، ممّا يعني أنه سيدخل حيّز التنفيذ خلال ثلاثين يومًا. #الأردن https://t.co/PhjQRGQ6Oa pic.twitter.com/oCdGdqBtq9
— Hazem Zureiqat (@hazem) August 13, 2023
وأدانت المجموعات الحقوقية مشروع القانون قائلة أنه يقوم على تجريم مصطلحات “غير دقيقة وغامضة وغير محددة” مثل “الأخبار الكاذبة” و “الترويج أو التحريض أو المساعدة على الفجور” و “اغتيال الشخصية عبر الإنترنت” و “إثارة الفتنة”، و”تقويض الوحدة الوطنية” و” ازدراء الأديان “.
وينضوي القانون على مجموعة من اللوائح الصارمة التي يمكن أن تصل عقوبة منتهكيها إلى السجن أو دفع غرامات مالية كبيرة.
ويدخل في إطار القانون الجديد ارتكاب انتهاكات تتمثل باستخدام تقنيات (VPNs) لتجاوز قيود الحجب وإخفاء المستخدمين لهوياتهم الشخصية، والتي تصل عقوبتها إلى السجن لستة أشهر.
وتضمن القانون 41 تعديلاً على قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2015، وتمنح السلطات خيار حظر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وعرقلة وظائف مواقع الويب، وتمكين الدولة من طلب إزالة منشورات بعينها.
وجاء تمرير القانون على خلفية عدة محاكمات للصحفيين والكتاب، بمن فيهم الكاتب الأردني الساخر أحمد حسن الزعبي، الذي أكدت محكمة الاستئناف الأربعاء اعتقاله بسبب منشور له على فيسبوك العام الماضي انتقد فيه تقاعس الحكومة عن التعامل مع ارتفاع أسعار الوقود.
“قانون الجرائم الإلكترونية الجديد، سيؤدي إلى مذبحة لحرية التعبير”- أحمد حسن الزعبي، كاتب أردني ساخر.
وقال لؤي عبيدات محامي الزعبي أن موكله يواجه دعوى قضائية رغم استخدامه “أسلوبًا أدبيًا للتعبير بشكل ساخر عن الرفض الواسع النطاق للخيارات الحكومية، وهو دور الصحفيين الذين يعكسون مشاعر العامة ضمن وظائفهم”.
لكن مصدراً رسمياً أردنياً أوضح إن قضية الزعبي “لا علاقة لها بقانون الجرائم الإلكترونية الجديد” لأنه لم يكن قيد التطبيق وقت صدور الحكم عليه”.
إلى ذلك، تم توقيف الصحفية هبة أبو طه لفترة وجيزة يوم الثلاثاء بتهمة “التشهير بمؤسسة رسمية”، بناءً على المادة 191 من قانون العقوبات والمادة 15 من قانون الجرائم الإلكترونية، وذلك بعد نشرها منشوراً على الإنترنت ضد الملك عبد الله.
وقالت أبو طه التي حُكم عليها بالحبس ثلاثة أشهر وغرامة أيضًا أن الحكم عليها صدر أن الملك ليس مؤسسة وفقًا للمادة 191.
كما تم اعتقال ناشر الموقع الإخباري “ألوف الأردن” خالد المجالي في 26 تموز / يوليو بتهمة التشهير بجهة رسمية بموجب المادة 191 من قانون العقوبات.
وأشار محاميه زيد المجالي إلى أن الحُكم بالسجن ثلاثة أشهر صدر بحق المجالي لأنه قدّم بثًا مباشرًا استخدم فيه كلمة مهينة تعني “الحكومة غير جادة”.
هذا وأكدت محكمة الاستئناف الأردنية، الأربعاء، قرار حبس الدكتور إبراهيم المنسي منسق الحملة الشعبية لحماية القرآن الكريم لمدة أربعة أشهر على خلفية شكوى من وزير الأوقاف بعد انتقاد منسي لقيام الوزارة بإغلاقها مراكز تحفيظ القرآن الكريم عام 2022.
وقبيل مصادقته على القانون، توجهت 14 من منظمات المجتمع المدني بنداء لتذكير الملك بإعلانه أن “السماء هي حدود حرية الصحافة”، وحثته على عدم المصادقة على القانون المعدل، لكن دون جدوى.
“ابق صامتاً”
ارتبطت المصطلحات الغامضة وغير الدقيقة التي احتواها القانون باعتقال العديد من النشطاء السياسيين والصحفيين، الذين جرى احتجازهم على خلفية تعبيرهم عن آرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي أو مشاركتهم في اعتصامات سلمية.
فقد أدخل قانون الجرائم الإلكترونية المعدل أحكامًا تسمح باحتجاز الأفراد قبل العرض على القضاء، كما وضع المسؤولية القانونية عن التعليقات على منصات وسائل التواصل الاجتماعي على عاتق أصحابها.
خلال مناقشة البرلمان للقانون المثير للجدل في 27 يوليو / تموز، أكد رئيس الوزراء بشر الخصاونة أن القانون “يدعم بشكل قاطع حق التعبير المكفول دستوريًا”.
ورأى النائب المستقل عمر عياصرة أن القانون لا يستهدف الصحفيين، بل يسعى إلى “تنظيم” وسائل التواصل الاجتماعي، وهو رأي عارضه النائب الإسلامي ينال فريحات الذي قال أن “الهدف من القانون هو خلق مناخ من سيطرة الشرطة”.
وأضاف فريحات:” يبدو أننا نتجه إلى تقييد أي تعبير لا يتماشى مع تفضيلات السلطة، الاعتقالات الأخيرة تنقل رسالة لا لبس فيها للشعب الأردني: اصمتوا”.