أصيب عشرات الفلسطينيين، مساء السبت، خلال عمليات اقتحام عسكرية إسرائيلية للبلدات الواقعة جنوب نابلس بالضفة الغربية المحتلة، على خلفية البحث عن منفذ الهجوم الذي أدى لمقتل مستوطنين اثنين بالرصاص بالقرب من بلدة حوارة.
كما نفذت مجموعات المستوطنين اعتداءات انتقامية استهدفت منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم في عدة بلدات وقرى في مختلف أنحاء الضفة الغربية.
واندلعت مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في بيتا، وهي أقرب بلدة لحوارة جنوب نابلس، حيث أطلق الجنود الأعيرة المطاطية والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية باتجاه المواطنين، ما أدى إلى إصابة أكثر من 100 شخص بإصابات مختلفة معظمها بالاختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع.
وقال المصور الصحفي وهاج بني مفلح من بيتا إن جنودًا أطلقوا عليه عبوة غاز مسيل للدموع بشكل مباشر بينما كان يوثق الاقتحام من بعيد، مما تسبب له بإصابة في ساقه نُقل على إثرها إلى مركز طبي لتلقي العلاج.
وأوضح:” كنا نغطي الاقتحام وتعمدنا التواجد في منطقة محايدة لم يكن فيها فلسطينيون يرشقون الحجارة أو جنود يطلقون القنابل، إلا أننا فوجئنا عندما استهدفونا بقنابل الغاز التي تسببت لي بالإصابة”.
وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إصابة 112 فلسطينياً بجراح خلال اقتحام بيتا الذي استمر لساعات، موضحةً أن ثلاثة منهم أصيبوا بقنابل الغاز المسيل للدموع، كما تم إجلاء عائلة من منزلها بعد استهدافها بالغاز المسيل للدموع أيضاً.
إغلاق القرى
وشمل الاقتحام عدة قرى وبلدات أخرى مجاورة حيث تم تفتيشها وإغلاق مداخلها الرئيسية، مما خلف أزمة سير خانقة بسبب الحواجز العسكرية التي أقيمت في جميع أنحاء مدينة نابلس.
وقال سعد عواد، رئيس مجلس قرية عورتا، جنوب نابلس، إن الحواجز المحيطة بحوارة أجبرت سائقي السيارات الفلسطينيين على القيادة في طرق بديلة ضيقة من أجل الوصول إلى قراهم، حيث تعطلت حركة السير بالكامل مما اضطر مئات الفلسطينيين للانتظار في سياراتهم العالقة من الساعة 8 مساءً حتى الساعة 1 صباحًا.
وعرضت عدة عائلات فلسطينية المساعدة على المحاصرين في سياراتهم عبر استضافتهم في منازلها حتى إعادة فتح الحواجز.
وذكر عواد أن جنود الاحتلال أطلقوا أيضا قنابل غازية في منطقة عورتا الجنوبية، ما أدى إلى اشتعال النار في عدد من الأشجار.
وأضاف:” أغلق جنود الاحتلال الطريق بين عورتا وبيتا بأكوام ترابية، ما أعاق وصول ثمانية معلمين في اليوم الأول من العام الدراسي الجديد”.
وفي بلدة عقربا المجاورة، اقتحمت قوات إسرائيلية يقدر قوامها بأكثر من 150 جندياً عدة منازل بعد تفجير أبوابها، واعتقل الجنود رجلاً يبلغ من العمر 60 عاماً، وابنه البالغ من العمر 35 عاماً خلال اقتحامها لأحد المنازل.
وقال صلاح خليل، رئيس مجلس عقربا، إن الجنود فجروا أيضًا أبواب عدد من المتاجر وصادروا تسجيلات أجهزة المراقبة قبل انسحابهم من البلدة في الساعات الأولى من صباح الأحد.
وحتى بعد انسحاب الجنود، واصلت الآليات العسكرية إغلاق الطريق بين عقربا وبلدة يانون المجاورة، مانعة الفلسطينيين من المرور.
وأوضح خليل أن “الهدف الأساسي من إقامة الحواجز وإغلاق المداخل هو فصل القرى الواقعة جنوب نابلس عن بعضها البعض، لجعل تنقل الفلسطينيين بينها صعبًا”.
هجمات المستوطنين
وفي ظل استمرار المداهمات، شن مستوطنون تحت حماية الجيش الإسرائيلي عدة هجمات استمرت من ليل السبت لصباح الأحد، على منازل وسيارات الفلسطينيين.
ووقعت أبرز الاعتداءات في محيط مدينة نابلس، حيث ألقى المستوطنون الحجارة على المركبات الفلسطينية وهاجموا المباني السكنية بعد أن نشروا ملصقات تحث على “إحراق حوارة”.
وأفاد بشار عيد، من سكان قرية بورين، جنوب نابلس، بأن المستوطنين رشقوا منزله بالحجارة، الأمر الذي أدى لشعور أطفاله بالذعر.
وقال: “كنا نجلس في المنزل في المساء عندما سمعنا مستوطنين يصرخون علينا، ثم أخذوا يرشقون المنزل بالحجارة، فبدأت بناتي الصغيرات في البكاء، وحاولت تهدئتهن، ثم أخذت بالصراخ على المستوطنين لإبعادهم عن المنزل “.
وخلال العام الماضي، أصيب عيد برصاصة في ساقه عندما استهدف المستوطنون منزله أثناء هجوم على عدة بلدات في الضفة الغربية، مشيراً إلى أنه ظل هذه المرة داخل منزله أثناء هجوم المستوطنين الذي استمر نصف ساعة.
وعمد عيد إلى التواصل مع أهالي القرية لحثهم على حماية منزله وسط بكاء أبنائه وهيجان المستوطنين الذين رحلوا تاركين البيت في نهاية المطاف.
وأوضح عيد أن المستوطنين لم يتمكنوا من تحطيم نوافذ منزله المحمية بشبك حديدي مثل الذي يغطي نوافذ السجون، مضيفاً:” نحن نعيش في سجن، ولا يمكنني حتى الذهاب إلى العمل خوفًا من تعرض عائلتي للهجمات”.
وهاجم المستوطنون بالحجارة عدة سيارات فلسطينية قرب بلدتي أم صفا وبيتين في رام الله موقعين بها أضراراً، في حين تعرضت ممتلكات فلسطينية في مسافر يطا جنوب الخليل لهجمات المستوطنين أيضاً.