دعا فريق مكون من خبراء من الأمم المتحدة قوات خليفة حفتر، إلى التوقف عن إجلاء الناس وهدم منازلهم في مدينة بنغازي، حيث جاء في بيان نشره الفريق أنه منذ مارس الماضي، قام الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر بإخراج أكثر من 20 ألف ساكن من منازلهم ” بعد مهلة قصيرة للغاية” على حد وصف البيان، الذي أكد فيه الخبراء على أنه لم تكن هناك مشاورات مسبقة مع السكان المعنيين.
جاء في البيان على لسان الخبراء أيضاً “إننا نشعر بالقلق إزاء المعاناة التي يتعرض لها أولئك الذين تم إجلاؤهم قسراً، والذين عاد بعضهم مؤخراً وقاموا بتجديد منازلهم بعد أن نزحوا داخلياً، بعد أن تضررت منازلهم عام 2014، وهذا أمر قاسٍ جداً”.
أشار التقرير الأممي كذلك إلى أن أياً من السكان الذين تم إجلاؤهم من منازلهم لم يتلق أي مساعدة لتأمين “مساكن جديدة ذات قيمة متساوية”، موضحين أنه لا يوجد في الوقت الحالي أي هيكل يمكنه تعويض هؤلاء النازحين.
من جانب آخر، لفت الخبراء في بيانهم إلى أن عمليات الإخلاء التي ينفذها الجيش أو القوات المسلحة الأخرى “مشكوك في شرعيتها”، دون تقديم أسباب محددة وراء تصرفات الجيش الوطني الليبي، إلا ما تدعيه التقارير المحلية من “إفساح المجال أمام مشاريع التنمية”.
“النمط الحالي من التدمير ينتشر بطريقة مثيرة للقلق، ويحرم المجتمعات المحلية من المواقع والمباني الأثرية والاستعمارية والدينية التي تشهد على التاريخ الطويل والمستمر للوجود البشري في المدينة” – تقرير صادر عن الأمم المتحدة
علاوة على ذلك، فقد تم إجبار السكان الذين احتجوا على عملية الإخلاء على الامتثال والخضوع من خلال المضايقة والعنف، حيث أشار البيان إلى أن “إن عمليات الهدم المتعمد، بما في ذلك الأحياء التاريخية والمواقع التراثية المحمية والعديد من الوحدات السكنية، تسببت بالفعل في ضرر لا يمكن إصلاحه للهندسة المعمارية الحضرية والتراث الحي للمدينة”.
يذكر أنه في مايو الماضي، قام جنود تابعون لجماعة طارق بن زياد المسلحة، بقيادة صدام نجل حفتر، بهدم العديد من العقارات التي بُنيت خلال الاحتلال الإيطالي للبلاد في أوائل القرن 20، في البلدة القديمة وتحديداً على طول شارع عمر المختار، بالإضافة إلى مسرح برنيس، الذي صممه المهندس المعماري مارسيليو بياسنتيني، في عشرينات القرن الماضي، والمقر السابق لبانكو دي روما.
وقد أظهر مقطع فيديو، سجله أحد السكان المحليين، الجرافات وهي تهدم المعالم الأثرية في الحي الإيطالي القديم في بنغازي،ورغم ذلك فقد علق القنصل الإيطالي في بنغازي، فرانشيسكو سافيريو دي لويجي، على الأمر بقوله أنه لم تكن هناك حملة هدم حقيقية، بل كان الجيش يزيل بقايا المباني المتضررة خلال الحرب الأهلية في البلاد، استعداداً لإعادة الإعمار!
يذكر أن بنغازي تعرضت لأضرار جسيمة خلال المعارك التي استمرت عدة أشهر عام 2014، عندما قام حفتر بعملية عسكرية لاستعادة المدينة من الجماعات المسلحة، عندها تلقى سكان بنغازي تعليمات بالإخلاء من الجيش، وبحلول يوليو عام 2017، أعلن حفتر تحرير المدينة، إلا أن العديد من المباني تُركت على حال خرابها.
في حديث سابق له مع موقع ميدل إيست آي البريطاني، أشار مدير المشروع في بنغازي، أسامة الكزة، إلا أن هناك مشاريع جارية لإعادة بناء آثار الحقبة الاستعمارية في المدينة، إلا أن خبراء الأمم المتحدة حذروا من أن “النمط الحالي من التدمير ينتشر بطريقة مثيرة للقلق”، و”يحرم المجتمعات المحلية من المواقع والمباني الأثرية والاستعمارية والدينية التي تشهد على التاريخ الطويل والمستمر للوجود البشري في المدينة”.
في ختام البيان، دعا الخبراء السلطات الليبية إلى توضيح الوضع “بشفافية أكبر” فيما يتعلق بعمليات الهدم، مشيرين إلى أنه “من واجب السلطات توضيح الوضع ومنع المزيد من التدمير التعسفي وانتهاكات حقوق الإنسان”.