اقتصاد مصر أمام مرحلة حرجة و الخصخصة “سيئة السمعة” تعود من جديد

بقلم وليد أبو هلال

ترجمة وتحرير نجاح خاطر

في السابع من أيلول/ سبتمبر، حذرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني من خطر زيادة الالتزامات الأجنبية الواقعة على عاتق القطاع المصرفي المصري بسبب تراكم طلبات الاستيراد، ومخاطر مغادرة المحافظ المالية للبلاد وتراجع موجودات العملات الأجنبية.

وفي تقرير آخر صدر في تموز/ يوليو، منحت الوكالة البنك الأهلي المصري تصنيفاً من الدرجة “B”، مع نظرة مستقبلية سلبية.

ويعد البنك الأهلي الذي تأسس قبل 125 عامًا، أقدم بنوك مصر وأكبرها، حيث يحوز نحو 37% من إجمالي أصول البنوك المصرية مجتمعة ويقدم خدماته لنحو 17 مليون عميل.

تم تأميم البنك الأهلي وهو مصرف حكومي في الستينيات وكان يقوم بدور البنك المركزي سابقاً، وهو أهم الدائنين للحكومة وشركات القطاع العام بالجنيه المصري حيث تحصل الدولة على قرابة 80% من قروض البنك .

وفي عام 2023، خفضت شركة خدمات التصنيف الأمريكية ستاندرد آند بورز تصنيفها للاقتصاد المصري من “مستقر” إلى “سلبي”.

وأشارت الشركة إلى أن سياسة السلطات المصرية وإجراءاتها قد لا تكون كافية لتحقيق استقرار سعر الصرف وجذب تدفقات العملات الأجنبية اللازمة لتلبية احتياجات التمويل الخارجية المرتفعة، محذرةً في ذات الوقت من احتمال انخفاض التوقعات في الأشهر المقبلة.

وتلعب التصنيفات الائتمانية دوراً مهماً في أداء الاقتصادات الحديثة، حيث يعتمد المقرضون بشكل كبير على تقييمات هذه الوكالات قبل التوجه للاستثمار في البلد الذي تقوم بتقييم أداء اقتصاده، وتتراوح تقييمات وكالات الائتمان من الأعلى، AAA، إلى الأدنى، D، حيث حصلت مصر على التصنيف B، مما يجعلها “أكثر عرضة للظروف التجارية والمالية والاقتصادية السلبية”، وفقًا لوكالة ستاندرد آند بورز.

وذكر وزير المالية المصري، محمد معيط، إن الضغوط الخارجية على اقتصاد بلاده، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، تقف وراء التخفيض الأخير للتوقعات الاقتصادية التي قدمتها وكالة ستاندرد آند بورز.

لكن تبرير معيط لتخفيض التوقعات حول أداء الاقتصاد المصري يعتبر هشاً وذلك بسبب استقرار أسعار القمح التي كانت قد ارتفعت فعلاً مع بداية الحرب مخلفةً آثارها في ذلك الحين على اقتصاد بلاده.

ويعني التصنيف الائتماني الضعيف لمصر أن تقديم القروض للدولة يتسم بدرجة عالية من المخاطرة، الأمر الذي يسهم في ترك القاهرة تواجه صعوبات كبيرة للحصول على تمويل خارجي، سواء من المنظمات الدولية أو حتى من داعميها الخليجيين.

وبسبب الانخفاض الحاد في احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية، فإن الحكومة تتجه للبحث عن حلول قصيرة الأجل بما فيها الاستمرار في الاقتراض.

وخلال الشهر الماضي، احتفل المسؤولون ووسائل الإعلام المصرية بانضمام البلاد إلى تكتل البريكس، الذي تأمل من خلاله الحصول على مصادر تمويل جديدة عبر بنك التنمية الناشئ عن المجموعة.

المنافسة العادلة

لكن القروض التي من المحتمل أن تنجح مصر في الحصول عليها ستكون، إن وجدت أصلاً، متواضعة مقارنة باحتياجات البلاد التمويلية الكبيرة، وفي حال كانت هناك فرصة جيدة تمكن مصر من جذب المستثمرين من دول البريكس الأخرى مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والصين وحتى روسيا فإن على النظام أولاً ضمان بيئة استثمارية جذابة.

إذ يجب اتخاذ قرارات شجاعة لتحرير الاقتصاد من قبضة الحكومة والجيش، وبالتالي ضمان المنافسة العادلة للمستثمرين المتوقعين.

وتعد الخصخصة حجر الزاوية في التحرر الاقتصادي، والخطوة الأولى لتحقيق ذلك تكمن في طرح الشركات المملوكة للدولة والجيش المصري للبيع دون شروط أو قيود.

ينبغي أن تتم إدارة هذه العملية المعقدة من قبل فريق من التكنوقراطيين المختصين، الذين يمكنهم على الأقل ضمان الشفافية والصفقات الدولية العادلة بالحد الأدنى، مع التأكد أيضًا من عدم دخول الحكومة كمنافس للمستثمرين الجدد في ذات القطاعات. 

هناك وجهان لمناقشة الخصخصة: الأول، بيع الشركات المملوكة للدولة لتمويل احتياطيات مصر من العملات الأجنبية، والثاني، تشجيع الاستثمار في القطاعات التي تميل إلى استنزاف هذه الاحتياطيات بالمليارات من الدولارات مثل استيراد الأدوية والحبوب.

يمكن أن تسهم مثل هذه الاستثمارات في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي المتواضع لمصر، والذي من الممكن أن يرتفع إلى عنان السماء عند أخذ الموارد البشرية والطبيعية للبلاد في عين الاعتبار.

كما يتعين على الحكومة أن تكف عن الإنفاق على مشاريع البنية التحتية، وخاصة المشاريع الضخمة، التي لا تضيف أي قيمة لكنها تستنزف احتياطيات البلاد المتبقية من العملات الأجنبية، ولكم أن تتخيلوا لو تم إعادة توجيه المليارات التي أنفقت على مشاريع فاخرة لا طائل من ورائها نحو مبادرات ذات قيمة اجتماعية أعلى.

هذا لن يقود إلى تعزيز احتياطيات مصر المالية فحسب، بل سيسهم كذلك في توفير وظائف لآلاف الشباب، الذين يصارعون من أجل البقاء في ظل الفشل الاقتصادي المتواصل.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة