رفض الفلسطينيون مغادرة منازلهم في شمال قطاع غزة بعد مطالبات الجيش الإسرائيلي لهم يوم الجمعة بإخلائها والتوجه إلى جنوب القطاع المحاصر خلال 24 ساعة.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان له إنه يتوجب على المدنيين، البالغ عددهم مليون نسمة، مغادرة مدينة غزة، مضيفاً أنه لن يسمح لهم بالعودة إلى حين “إصدار بيان يعلن عبره السماح بذلك.
وأضاف بيان الجيش:” أيها المدنيون في مدينة غزة، انسحبوا إلى الجنوب حفاظاً على سلامتكم وسلامة عائلاتكم، وابتعدوا عن إرهابيي حماس الذين يستخدمونكم كدروع بشرية”.
وتابع البيان بالقول أن “إرهابيي حماس يختبئون في مدينة غزة داخل أنفاق تحت المنازل وداخل المباني المأهولة بالمدنيين الأبرياء”.
غير أن العديد من الأهالي يرفضون مغادرة منازلهم، خشية تكرار نكبة عام 1948، عندما طُرد مئات الآلاف من الفلسطينيين من أراضيهم، وظلوا لاجئين إلى اليوم بعد أكثر من سبعة عقود.
وبحسب سليم أيوب، البالغ من العمر 65 عامًا من غزة، فإن “ما يحدث الآن هو تكرار لما حدث عام 1948″.
وقال:” جلست وناقشت هذا الأمر مع أطفالي، وقررنا عدم المغادرة، لن نغادر شمال غزة ولن نذهب إلى الجنوب لأننا لا نريد أن نصبح بلا مأوى مرة أخرى”.
أما نعمة حازم، 20 عاماً، والتي تقيم مع عائلتها في حي الدرج بمدينة غزة، فقالت:” يسكن أكثر من 20 شخصًا في هذا المبنى، جدي يرفض الخروج ويقول إنه يفضل الموت في منزله”.
وأضافت:” لقد اتخذنا قرارًا بعدم الانفصال، حتى لو كان ذلك يعني أن نموت معًا، حتى لو فكرنا في المغادرة، فلن يكون هناك مكان نذهب إليه وليس لدينا أقارب في الجنوب”.
ووجهت الأمم المتحدة دعوات لإسرائيل للتراجع عن أمر الإخلاء، وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن “الأمم المتحدة ترى أنه من المستحيل أن تتم مثل هذه الحركة دون عواقب إنسانية مدمرة”.
وجدد دوجاريك دعوة الأمم المتحدة “إلى إلغاء أي أمر من هذا القبيل، لتجنب ما يمكن أن يحول المأساة الحقيقية إلى وضع كارثي”.
بدورها أكدت منظمة الصحة العالمية أن إجبار إسرائيل للفلسطينيين المصابين بأمراض خطيرة في غزة بمن فيهم الذين يعيشون على أجهزة دعم الحياة، على الانتقال هو بمثابة “حكم بالإعدام”.
“النكبة الثانية”
وشنت حماس هجوماً مفاجئاً متعدد الجبهات على القواعد الإسرائيلية في غلاف غزة يوم السبت قتل فيه أكثر من 1300 إسرائيلي، وأسر حوالي 130 آخرون نقلوا إلى غزة.
وردت القوات الإسرائيلية بشن وابل من الغارات الجوية على قطاع غزة هذا الأسبوع، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1500 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال.
وتأتي دعوات الإخلاء القسري في الوقت الذي حشدت فيه إسرائيل دباباتها بالقرب من الحدود مع غزة قبل غزو بري متوقع للقطاع، يعتبر الأول من نوعه منذ أكثر من تسع سنوات.
ويسود اعتقاد بين الفلسطينيين بأن إسرائيل تنفذ خطة لنقل سكان القطاع إلى الجنوب تمهيداً لإخراجهم من غزة تماماً والعبور إلى مصر كلاجئين.
وذكر فلسطينيون من غزة يوم الخميس إن خطط فتح ممر بشري للمدنيين للفرار إلى منطقة سيناء في مصر ستكون بمثابة “النكبة الثانية”.
يذكر أن أكثر من 700 ألف فلسطيني هجّروا إلى المنفى في نكبة عام 1948، ولم يُسمح لهم ولا لأحفادهم بالعودة مطلقًا.
وتعيد الأوامر الحالية بالمغادرة للفلسطينيين في غزة ذكريات تاريخية عن التطهير العرقي الذي وقعوا ضحية له عام 1948، سيما وأن أكثر من 60% من سكان غزة هم بالفعل لاجئون من أجزاء أخرى من فلسطين.
وأوضح علي عبد الوهاب، محلل البيانات والباحث المقيم في غزة المحاصرة، أنه لا يؤيد فكرة إعادة التوطين في سيناء، مضيفاً:” الفلسطينيون الذين عاشوا الحروب وذكريات النكبة يأملون ألا تتكرر مرة أخرى”.