كانت زوجة محمد أحمد تخشى عليه من القصف الإسرائيلي حينما خرج من منزله في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، وبعد 30 دقيقة من إرسال زوجته رسالة له تطمئن عليه فيها، إذ قصفت غارة إسرائيلية المبنى السكني الذي يسكنه، مما أسفر عن مقتل كل عائلته، بمن فيهم زوجته وأطفاله وإخوته وبنات إخوته وأبناء إخوته.
مُسحت كل العائلة!
عاد أحمد، الذي يعمل في إمداد سكان القطاع بمياه الشرب، إلى منزله ليجده قد أصبح ركاماً، أولاده الأربعة قد رحلوا، يقول أحمد “كانت سيدرا خائفة جداً، لقد شعرت بالرعب من أصوات القصف، لكن أختها ليندا كانت تريحها طوال الوقت، وعندما ذهبت إلى العمل، كانت هي وأمها تشعران بالقلق من أن أتعرض للقتل، لكنهم رحلوا قبلي”.
الناجي الوحيد كان ابن أخيه الوحيد الذي يبلغ من العمر شهراً واحداً فقط، فقد وُجد في وضعية الرضاعة الطبيعية في حضن والدته تحت الأنقاض، يقول أحمد “كان يامن يعاني من التهاب السحايا وقد أخذته إلى الطبيب في اليوم السابق، كان عمره شهرًا واحدًا فقط وكان يرضع عندما ضربت الغارة الجوية المنزل، وقد استغرقت طواقم الدفاع المدني ساعات حتى تمكنت من انتشال جثثهم لأن المبنى المكون من ثلاثة طوابق كان فوقهم، وحتى الآن، لا تزال جثة أختي هيفاء تحت الأنقاض”.
ما لا يقل عن 60% من ضحايا القصف الإسرائيلي المستمر للقطاع المحاصر هم من الأطفال والنساء! – وزارة الصحة في غزة
خلال يوم واحد في جباليا، قصفت الطائرات الإسرائيلية عشرات المباني السكنية، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 65 شخصاً وإصابة العشرات، ولذلك يواجه العاملون في مجال الرعاية الصحية عقبات كبيرة في محاولة التعرف على الأطفال الذين يتم انتشالهم من الأنقاض دون أقاربهم او ذويهم.
أيضاً، لقد تم انتشال طفل رضيع يبلغ من العمر 3 أشهر من تحت الأنقاض في جباليا، مع ما يقرب من 100 آخرين بين قتلى وجرحى، وظلت هوية الطفل مجهولة لساعات، حتى أن وزارة الصحة الفلسطينية نشرت مقطع فيديو قام فيه طبيب بحمل الرضيع أمام الكاميرا ومناشدة الأسرة الاتصال بالمستشفى إذا تعرفوا عليه، صرح الطبيب في الفيديو بالقول “عثرنا على هذا المولود الجديد في جباليا، وما زلنا لا نعرف عائلة هذا الطفل، فالغارة قتلت والده وهو بقي تحت الأنقاض، مازلنا نبحث عن أقاربه، من يتعرف عليه الرجاء التواصل مباشرة مع مستشفى الشفاء”، وبعد ساعات، تم جمع الطفل قاسم الكفارنة بأسرته.
قبلة وداع
في مخيم خان يونس جنوبي غزة، أصابت غارة منزلاً لجأت إليه عائلة أبو طير قبل يوم من الغارة، وأسفرت عن مقتل طفلين وإصابة الوالد وولده الثالث، حيث ظهر الطفل الناجي كمال في المستشفى على كرسي متحرك وذراعه مكسورة، في مقطع فيديو وهو يبكي ويتذكر ما حدث.
يقول كمال “كنا نائمين، استيقظت على صوت الضربة، وكان أخي يصرخ باسمي، أقسم بالله أنه كان لا يزال على قيد الحياة، ولكن بسبب دخول الحجارة إلى فمه، لم يتمكن من الصراخ باسمي، لقد كان يقول فقط (هممم هممم، فراس، أرجوك أجبني يا فراس) أريد أن أقبله، أريد أن أقبله”، قبل أن يحمله ممرض إلى جسد أخيه لتقبيله قبلة الوداع.
يذكر أن وزارة الصحة في غزة قد أعلنت أن ما لا يقل عن 60% من ضحايا القصف الإسرائيلي المستمر للقطاع المحاصر هم من الأطفال والنساء!
بقلم مها الحسيني
ترجمة وتحرير مريم الحمد
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)