واصل الفلسطينيون مغادرة شمال قطاع غزة لليوم الثالث على التوالي في الوقت الذي تواصلت فيه الغارات الجوية الإسرائيلية على القطاع المحاصر وكثفت فيه إسرائيل تحذيراتها من غزو بري وشيك.
وتوجه آلاف الفلسطينيين إلى جنوب القطاع بعد أن أمرت إسرائيل نحو 1.1 مليون فلسطيني بمغادرة منازلهم الجمعة دون تقديم أي ضمانات لعودتهم إليها.
وكانت إسرائيل قد شنت أعنف هجوم على الإطلاق على قطاع غزة الفقير، وهو أحد أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم فيما يتوقع أن تحمل الأيام المقبلة الأسوأ.
وذكرت رائدة الأشقر، 45 عامًا، أنها غادرت شمال غزة مع أطفالها الأربعة إلى بيت ابنها في الجنوب، مؤكدةً أن بعض معارفها الذين نزحوا من منازلهم “يضطرون للنوم على الكراسي بسبب محدودية المساحات في المنازل التي لجأوا إليها.
من جهتها قالت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن “للحروب قواعد من ضمنها عدم استهداف المدنيين والمستشفيات والمدارس والعيادات ومباني الأمم المتحدة”.
وأوضحت الأونروا في بيان أنها “لا تدخر أي جهد لدعوة أطراف النزاع للوفاء بالتزاماتهم بالقانون الدولي لحماية المدنيين”.
وبين عدنان أبو حسنة، المتحدث باسم الأونروا في غزة، آن مئات الآلاف من الأهالي لجأوا الآن إلى المدارس في الجنوب، مما خلق اكتظاظاً كبيراً داخلها.
وبالعودة لرائدة الأشقر، فقد أكدت أن الحصول على المياه الصالحة للشرب كان مشكلة يتعين على العائلة مواجهتها إلى جانب التعامل مع تحديات تجنب القصف والنزوح.
وأضافت:” ليس لدينا ماء للشرب أو للتنظيف، لقد نفد وأنا قلقة للغاية بشأن صحة أطفالي.”
وتتصاعد المخاوف من إمكانية ارتفاع أعداد القتلى المدنيين بعد قرار إسرائيل بقطع الغذاء والوقود والمياه والكهرباء عن القطاع الذي يسكنه أكثر من مليوني نسمة.
وحذرت الأونروا من نفاد المياه النظيفة في مدارسها، مع اضطرار الفلسطينيين إلى استخدام المياه الملوثة من الآبار، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه.
وقال فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا:” لقد أصبحت المسألة مسألة حياة أو موت”، مضيفاً “إنه أمر لا بد منه، يجب توصيل الوقود الآن إلى غزة لتوفير المياه لمليوني شخص.”
وقال وزير الطاقة الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنه “لن يتم تشغيل أي مفتاح كهربائي، ولن يتم فتح صنبور مياه، ولن تدخل أي شاحنة وقود” حتى يتم إطلاق سراح “المختطفين”.
وأدان خبراء الأمم المتحدة القصف الإسرائيلي ووصفوه بأنه “عقاب جماعي” وجريمة حرب.
ويوم الجمعة، قُتل ما لا يقل عن 70 فلسطينيًا وأصيب 200 آخرون عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية عدة مركبات تقل نازحين فلسطينيين، وفقًا لوزارة الصحة.
وقال إبراهيم عابد، البالغ من العمر 22 عاماً، وهو من سكان مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة، إنه وعائلته رفضوا الامتثال للتوجيهات الإسرائيلية لأنهم لا يعتقدون أن إسرائيل ستضمن سلامتهم.
وأضاف عابد:” بناءً على تجاربنا السابقة مع العدو الإسرائيلي، فإننا نفهم أن سلامتنا ليست أولوية بالنسبة لهم”، مضيفاً “بعد رؤية الصور ومقاطع الفيديو للفلسطينيين السبعين الذين قتلوا أفضّل أن أقتل في منزلي وألا أتشرّد، ولا حتى لدقيقة واحدة”.
ورأى العديد من سكان غزة أن من غير المرجح أن تفتح مصر حدودها أمام النازحين نحو الجنوب ما يعني أنهم سيظلون يواجهون القصف الإسرائيلي.
واختارت سهام سليم (43 عاماً) البقاء في منزلها بمدينة غزة بعد نقاش مع زوجها، بعدما اعتقدوا أنه يمكن، على الأقل، التعرف عليهم بسهولة إذا قُتلوا في منزلهم.
وقالت سليم إنها تستضيف عائلة زوجها الذين هُدم منزلهم في اليوم الأول للهجمات، مضيفة:” نحن نكافح من أجل توفير الطعام والماء لكل فرد في المنزل، أقوم بطهي الطعام كل يوم، لكن هذا يعني أن غاز الطهي سوف ينفد قريبًا”.
وتقول سليم أيضًا إن مشهد جيرانها وهم يحملون دلاء فارغة بحثاً عن الماء سيظل محفورًا في ذاكرتها إلى الأبد، مضيفة:” هذا المشهد ذكرني بكل الحروب الرهيبة التي شاهدناها على شاشة التلفزيون من قبل، لا توجد كلمات يمكن أن تصف مدى صعوبة ما يحدث الآن.”