في ظل استمرار الهجوم الإسرائيلي الشرس على القطاع المحاصر لليوم السابع عشر على التوالي والذي أدى إلى تدمير مجمعات وأحياء سكنية بأكملها إلى حالة من العجز وسط طواقم الدفاع المدني في غزة الذين استنفدوا كامل طاقتهم وأصبحوا غير قادرين على إنقاذ جميع الجرحى أو انتشال كل الجثث من تحت أنقاض المنازل التي قصفت.
وقال نوح لافي، وهو موظف في الدفاع المدني: “يجب الآن ترك القتلى تحت الأنقاض من أجل إعطاء الأولوية للجرحى”.
وأوضح بأن فرق الإنقاذ في غزة ليست مجهزة لانتشال جميع الجثث بسبب طبيعة العدوان الإسرائيلي واسع النطاق، والذي استهدف أيضًا طواقم الدفاع المدني والإسعاف.
وخلال الأسبوعين الماضيين، ارتقى ستة من العاملين في الدفاع المدني وأصيب أكثر من 11 آخرين جراء الغارات الجوية التي نفذتها الطائرات الحربية الإسرائيلية.
وأضاف لافي: “لقد فقد العديد من زملائي عائلاتهم ومنازلهم، لكنهم ما زالوا يقومون بواجبهم”.
ولافي نفسه كان قد أصيب بشظية حديد، ولديه سبع غرز في يده، لكنه ما زال يمارس عمله، حيث قال: “ليس لدي خيار آخر سوى مقاومة الاحتلال من خلال القيام بعملي”.
وأسفرت الغارات الجوية الإسرائيلية عن ارتقاء ما لا يقل عن 4385 فلسطينياً بينهم 1756 طفلاً، وفقاً لآخر إحصاء صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية، حيث استهدفت الهجمات الإسرائيلية في الغالب المباني المدنية، بما في ذلك المنازل والمستشفيات وأماكن العبادة.
وأشار محمد فتحي شرير، رئيس دائرة السلامة والوقاية في مديرية الدفاع المدني، إلى أن الوضع في قطاع غزة أسوأ من الصور التي تعرضها شاشات التلفزيون والهواتف المحمولة.
وقال: “وسط نداءات لا حصر لها للمساعدة في إنقاذ الأفراد المحاصرين تحت الأنقاض، تسعى فرق الدفاع المدني والإسعاف والإنقاذ المخصصة لدينا جاهدة بلا كلل لمساعدة جميع الضحايا، سواء كانوا جرحى أو شهداء”.
لكن شرير نوّه إلى أن فرق الدفاع المدني تواجه قيودا كبيرة، موضحاً: “نظراً للارتفاع الكبير في أعداد الضحايا تحت الأنقاض، فإن تركيزنا الحالي ينصب على إعطاء الأولوية لإنقاذ الجرحى الأحياء، حتى لو أدى ذلك إلى تأجيل انتشال الشهداء من تحت الأنقاض”.
ونوّه إلى أن الكثيرين ما زالوا محاصرين تحت الأنقاض، ما يستلزم استخدام الآليات الثقيلة لانتشالهم، مضيفاً أن تدمير الجيش الإسرائيلي لأحياء بأكملها، يفاقم الأزمة.
وشدد شرير على أن قطاع غزة بحاجة ماسة إلى المساعدات الدولية وفرق الإنقاذ للمساعدة في انتشال الشهداء والجرحى.
وقال: “على الرغم من الاستهداف الصارخ لفروعنا، فإن فرقنا تواصل العمل بكامل طاقتها”، في إشارة إلى الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت عدة مراكز للدفاع المدني في أنحاء قطاع غزة.
وعلاوة على ذلك، فقد أدى نقص الوقود بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع إلى تعقيد جهود الإنقاذ بشكل كبير.
ووفقاً للرائد محمود بصل، الناطق الرسمي باسم الدفاع المدني في غزة، فإن قطع إسرائيل الكامل لإمدادات الكهرباء والوقود مؤخراً قد أثر سلباً على عملهم، حيث تعتمد معداتهم الأساسية على هذه الموارد في التشغيل.
وأضاف: “إن النقص الحاد في الوقود يشكل كارثة وشيكة لأن عملياتنا تعتمد عليه بشكل كبير”.
كما لا يتوفر لطواقم الدفاع المدني ما يكفي من الموارد للتعامل مع حجم الدمار الذي سببته الضربات الجوية.
وأوضح بصل: “إننا نواجه نقصًا في المعدات اللازمة لإدارة الحجم الكبير من الحطام والركام الناتج عن قصف مناطق سكنية بأكملها”.
وقال: “سيأتي وقت لن تكون فيه سيارات الإسعاف أو مركبات الدفاع المدني متاحة للاستجابة للمناطق المتضررة من القصف”، مشيراً إلى أن مركبات الدفاع المدني في غزة هي نماذج قديمة من عام 1988 و1994 يجب استبدالها.
وقال بصل: “منذ سنوات ونحن نناشد المنظمات الدولية كي تهب لمساعدتنا، لكن للأسف مناشداتنا لم تجد نفعاً “.
وتابع: “نحن ملتزمون بتقديم أفضل الخدمات الممكنة لمواطنينا، ولكن الدفاع المدني في قطاع غزة يحتاج إلى دفاع مدني آخر، فهو في حاجة ماسة إلى الدعم، فجميع مركباتنا ومعداتنا في حالة سيئة.”
وقال عامر أبو سيف الذي قصف منزله في الغارات الجوية الإسرائيلية على التي استهدفت العديد من منازل مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة يوم الخميس: “لقد تم استهداف منزلنا في مخيم جباليا في الساعة الواحدة صباحًا، وكان هناك أكثر من 15 شخصًا في المنزل، بمن فيهم النازحون الذين يبحثون عن الأمان”.
وبينما نجا أبو سيف من الغارات الجوية، إلا أن ما لا يقل عن 18 فلسطينيًا قضوا في الهجوم.
وأشار أبو سيف إلى أنه على الرغم من العثور على تسعة شهداء، إلا أن هناك ثمانية آخرون لا يزالون محاصرين تحت الأنقاض بسبب فشل جهود الإنقاذ من قبل فريق الدفاع المدني المحلي وذلك بسبب الدمار الواسع الذي خلفه قصف أربعة مبان سكنية في وقت واحد.
وقال: “حتى لو كانوا أشلاء تحت الأنقاض، علينا الوصول إليهم لدفنهم بشكل لائق، لقد حرمنا من فرصة توديعهم”.