خلال مؤتمر في لندن، حذر المؤرخ الإسرائيلي البريطاني وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة أكسفورد، آفي شلايم، من أن القوى الغربية هي من أعطت إسرائيل ضوءاً أخضر بارتكاب إبادة جماعية في غزة.
وأشار شلايم، خلال الفعالية التي أقامها المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين في لندن، أن دعم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لإسرائيل، بما في ذلك الدعم العسكري، كشف عن تواطئهم بشكل فعلي في “المذبحة الجماعية”.
وأضاف شلايم أن ” رد الغرب على الأزمة ما هو إلا النفاق المعتاد والمعايير المزدوجة من طرفهم، ولكن هذه المرة تم نقله إلى مستوى جديد، بعد أن كان الحب الغربي لإسرائيل مصحوباً دائماً بسردية تاريخية مضللة مبنية على محو التاريخ الفلسطيني والإنسانية”، مشيراً إلى “القلق العميق الذي يكرره القادة الغربيون حول أمن إسرائيل فقط دون الحديث عن أي أمن للفلسطينيين”.
بالإضافة إلى حضور شلايم، فقد حضر الندوة التي حملت عنوان “الحرب على غزة: ما هي الخطوة التالية بالنسبة للفلسطينيين؟”، كل من دانييل ليفي، أحد المفاوضين الإسرائيليين في اتفاقيات أوسلو، ووضاح خنفر، رئيس منتدى الشرق، وياسمين أحمد، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في لندن، بإدارة محمد حسن ممثلاً لموقع ميدل إيست آي.
يذكر أن شلايم ولد عام 1945 في بغداد من الأقلية اليهودية في العراق منذ آلاف السنين، وفي سن الخامسة، اضطر شلايم إلى الفرار مع عائلته عقب تفجيرات استهدفت اليهود في العاصمة العراقية، وباعتباره أحد “المؤرخين الجدد” في إسرائيل، فقد كان جزءًا من مجموعة باحثين عملوا على إعادة تقييم تاريخ البلاد وتسليط الضوء في كثير من الأحيان على قمع الفلسطينيين.
في كلمته في الندوة، أشار شلايم إلى أن المقاومة الفلسطينية “تم إخراجها من سياقها وتاريخها”، وأن التغطية الإعلامية والسياسية للعنف المستمر في غزة قد تجاهلت إلى حد كبير ما كان عليه الوضع قبل عملية حماس في جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر، فهو يرى أن “الصراع بين إسرائيل وحماس لم يبدأ في 7 أكتوبر، ففي يونيو عام 1967، لم تحتل إسرائيل غزة فحسب، بل احتلت الضفة الغربية والقدس، وهذا هو الاحتلال العسكري الأطول والأكثر وحشية في العصر الحديث”.
وأضاف شلايم أن “الجنرالات الإسرائيليين لديهم عبارة “جز العشب”، وهي استعارة تقشعر لها الأبدان، فهي تعني أنه ليس لديهم حل للمشكلة إلا بأحدث الأسلحة التي يدمرون بها المكان والبيئة، ولذلك ليس هناك نهاية لإراقة الدماء والحرب القادمة دائماً ما تكون قاب قوسين أو أدنى”.
منذ 7 أكتوبر، قُتل ما لا يقل عن 8000 فلسطيني في القصف الإسرائيلي، 70% منهم من النساء والأطفال، فيما أشار المدير العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، خلال اجتماع لمجلس الأمن مؤخراً، أن الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر يواجهون التهجير القسري والعقاب الجماعي، فيما أوضحت المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين راسل، في نفس الاجتماع، أن أكثر من 420 طفلاً يقتلون أو يصابون في غزة كل يوم.
الرئيس الأمريكي جو بايدن ما زال يقوم وقف إطلاق النار، فبحسب ما جاء على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي أن “وقف إطلاق النار في الوقت الحالي لا يفيد سوى حماس”
وأشارت راسل أيضاً إلى أن الوضع في غزة “على وشك أن يصبح كارثي” بسبب نقص المياه النظيفة والصرف الصحي الآمن، مضيفة أن الناس معرضون لخطر الجفاف والأمراض التي تنقلها المياه، كما أنه لا يوجد سوى محطة واحدة لتحلية المياه في غزة وتعمل بقدرة 5% فقط!
لقد وصلت المستشفيات في غزة إلى نقطة الانهيار خاصة مع اكتظاظها الشديد، فقد أصبح الآن ما يقرب من 1.4 مليون شخص في غزة نازحين داخلياً، ولجأ الآلاف إلى المستشفيات، فمنذ أن قطعت إسرائيل كل الكهرباء والوقود والمياه عن القطاع المحاصر في 9 أكتوبر، أصبحت المستشفيات تعاني نقصاً حاداً في الموارد المنقذة للحياة، وسط عدد كبير من المرضى المصابين بجروح خطيرة، وآلاف الأشخاص الذين يبحثون عن مأوى، كما تنازع المستشفيات في ظل مولدات كهربائية قاربت على نفاد وقودها!
وفي ظل كل ذلك، فالرئيس الأمريكي جو بايدن ما زال يقوم وقف إطلاق النار، فبحسب ما جاء على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي أن “وقف إطلاق النار في الوقت الحالي لا يفيد سوى حماس”.
خلال فعالية الاثنين في لندن، أشار مدير منتدى الشرق الذي ينحدر من جنين في الضفة الغربية، وضاح خنفر، إلى أنه لم يتمكن من العودة إلى وطنه منذ 30 عاماً، معرباً عن أمله في انتهاء العنف والتوصل إلى حل طويل الأمد، وأضاف “نحن بحاجة إلى تصور جديد حيث يمكن للناس أن يعيشوا في سلام، وحيث يمكن للناس أن يكونوا متساوين ويمكن أن يكون لهم الحق في الكرامة والحق في أن يُحترموا كبشر في تلك الأرض، فمن هذه اللحظة السوداء، يمكننا أن نبدأ التفكير في شيء جديد”.