حذر المحلل السياسي حسام شاكر، من إمكانية أن تؤدي الحرب في غزة إلى موجة جديدة من الهجرة إلى أوروبا ما لم توقف إسرائيل عدوانها المتواصل على القطاع والطرد القسري للفلسطينيين من منازلهم.
ولم يستبعد شاكر وهو مؤلف وباحث في شؤون الهجرة يقيم في فيينا أن تنافس أعداد اللاجئين تلك التي سجلت في عام 2015 عندما وصل ما يقرب من مليون لاجئ ومهاجر إلى الشواطئ الأوروبية.
وأضاف: “هذا قد يجعل أوروبا تواجه ضغوطاً لاستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين الفارين من غزة، وربما أيضاً الفلسطينيين من لبنان، إذا اشتدت الحرب والأزمة الاقتصادية بشكل أكبر”.
وكان أكثر من 70% من الفلسطينيين في غزة قد نزحوا منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية.
وقد تم تدمير أكثر من 200.000 منزل جزئيًا أو كليًا، أي ما يقرب من نصف الوحدات السكنية في المنطقة، كما تعرض ما لا يقل عن 42 مبنى تابع للأونروا لأضرار بالغة.
ورفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مراراً فكرة السماح للفلسطينيين بدخول سيناء المصرية، معتبراً أن مثل هذه الخطوة ستحول شبه الجزيرة إلى قاعدة لتنفيذ هجمات ضد إسرائيل.
ورغم أن قبول تدفق اللاجئين قد يكون مربحًا للحكومة المصرية التي تعاني من ضائقة مالية، إلا أن العديد من الفلسطينيين في غزة رفضوا الخطة رفضًا قاطعًا قائلين إنها ستكون بمثابة نكبة ثانية.
“من المحير أن بعض الدول الأوروبية قامت بتسويق سياسات التطهير العرقي الإسرائيلية من خلال محاولة دفع القاهرة لاستيعاب الفلسطينيين المهجرين قسراً من غزة” – حسام شاكر
كما رفضت السلطات في الأردن خططًا لإعادة توطين الفلسطينيين في البلاد.
وقال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الشهر الماضي “لن يكون هناك لاجئون في الأردن ولن يكون هناك لاجئون في مصر”، معتبرا أن القضية “خط أحمر” لن يتم تجاوزه.
وفيما لا يتوفر حتى الآن أي دليل على وقوع عمليات نزوح جماعي من غزة، مع وجود عدد قليل جداً من المدنيين الفلسطينيين القادرين على مغادرة القطاع فعليا، قال شاكر إن هناك دلائل على أن الفلسطينيين من غزة وأماكن أخرى يمكنهم استخدام البلدان المجاورة كنقاط عبور للتوجه إلى أوروبا إذا استمر الصراع.
وأضاف أن “موجة اللاجئين الضخمة هذه سيكون لها تأثير الدومينو، حيث ستلهم عدداً كبيراً من الساخطين على الظروف في المنطقة، خاصة في البلدان التي تغمرها اللاجئين من دول متعددة، للقيام بالرحلة إلى أوروبا بأي ثمن”.
وأضاف أن “حكومات الدول المحيطة بهذه النقاط الساخنة ستجد أن من مصلحتها تخفيف الأعباء الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي ستغض الطرف عن موجة اللاجئين الجديدة المتوجهة إلى أوروبا، بل وربما تشجعها”.
وفي حديثه في مؤتمر حول الهجرة أواخر الشهر الماضي، قال مارجريتيس شيناس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية: “من أجل تعزيز أسلوب حياتنا الأوروبي يتعين على الاتحاد الأوروبي العمل بشكل وثيق مع مصر لتجنب تدفق اللاجئين إذا ما تدهور الصراع”.
وذكر: “إن الحاجة إلى التعامل مع مصر أصبحت أكثر إلحاحا وقد بدأنا بالفعل في التعامل بشكل إيجابي وبناء مع تركيا”.
وقام الاتحاد الأوروبي بالفعل بتسريع حزمة المساعدات المالية لمصر التي تهدف إلى منع تدفق المهاجرين من الدولة الواقعة في شمال إفريقيا في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية متفاقمة.
ووفقا لأرقام الأمم المتحدة في العام الماضي، شكل الفلسطينيون أكثر من 22% من الوافدين بالقوارب إلى اليونان، وهي النسبة الأعلى بين مجموعات المهاجرين، وأظهرت بيانات الاتحاد الأوروبي من العام الماضي أيضا ارتفاعا حادا في طلبات اللجوء المقدمة من الفلسطينيين في اليونان، نقطة الدخول الرئيسية إلى أوروبا.
ولم يتضح ما إذا كان الفلسطينيون الذين وصلوا إلى اليونان هم من غزة، أو الضفة الغربية، أو لبنان، أو سوريا، أو دول أخرى استقبلت أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين في العقود الأخيرة.
رد محير من أوروبا
وقال شاكر أنه في حين أن العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا والنمسا وإيطاليا والمجر، تطالب بسياسات أكثر صرامة للاتحاد الأوروبي بشأن استقبال اللاجئين، إلا أنها تعارض بشدة اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وفي ألمانيا، عارض كل من الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) وحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف (AfD) الدعوات لوقف إطلاق النار وأعربا عن دعمهما القوي للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة.
ورفض فريدريش ميرز، زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، فكرة قبول اللاجئين القادمين من غزة، فيما شرع حزب البديل من أجل ألمانيا بخطوات لقطع المساعدات الألمانية للأونروا.
وقال شاكر: “من المحير أن بعض هذه الدول قامت بتسويق سياسات التطهير العرقي الإسرائيلية من خلال محاولة دفع القاهرة لاستيعاب الفلسطينيين النازحين قسراً من غزة، وهذا يهدد بإثارة أزمة هجرة أوسع يمكن أن تصل إلى عتبة أوروبا”.
وأضاف أن “الشعب الفلسطيني يرفض مغادرة غزة، لكن الدعم الأوروبي والأميركي للحرب الإسرائيلية عليه يشجع على حملة تطهير عرقي”.
وحتى الآن، نزح ما يقدر بنحو 1.4 مليون فلسطيني من منازلهم، وقتل أكثر من 10,500 شخص، من بينهم أكثر من 4,500 طفل، في حين اعتبر حوالي 2,500 شخص في عداد المفقودين.
وتتضاءل إمدادات الغذاء والوقود والمياه بسرعة في القطاع وسط حصار إسرائيلي كامل.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من خطر انتشار الأمراض بسبب الاكتظاظ الشديد في المخيمات، والغارات الجوية الإسرائيلية التي تدمر أنظمة الصحة والمياه والصرف الصحي.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)