حذر عدد من الأكاديميين في الجامعات البريطانية من انتشار “ثقافة الخوف” في الأوساط الأكاديمية في الجامعات، حيث عمدت مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، التي تستهدف بشكل غير متناسب أعضاء هيئة التدريس المتهمين بالعنصرية والطلاب الذين يدعمون فلسطين، إلى تقديم تقارير إلى الشرطة واستراتيجية مكافحة الإرهاب واللجان التأديبية بالجامعات.
وقال نيفي جوردون، رئيس لجنة الحرية الأكاديمية لدى الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط وبروفيسور حقوق الإنسان في جامعة كوين ماري: “مباشرة بعد 7 أكتوبر، شهدنا نوعًا من المراقبة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد أي أصوات مؤيدة للفلسطينيين، ولكن بشكل خاص ضد الفلسطينيين وغيرهم من الأشخاص الملونين”.
كما انتشر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كسلاح لمراقبة الأكاديميين والطلاب في الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية، حيث تم إيقاف عشرات الطلاب عن العمل بتهمة “دعم الإرهاب” أو “التحريض على الإرهاب” بناءً على نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكان مركز الدعم القانوني الأوروبي، وهو منظمة مستقلة تدافع عن حركة التضامن مع فلسطين في أوروبا وتمكينها من خلال الوسائل القانونية، قد قام بتوثيق 87 حادثة قمع ضد المناصرة الفلسطينية في المملكة المتحدة منذ بدء العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وهذا يشمل 24 حالة في الأوساط الأكاديمية.
ووفقًا لمركز الدعم القانوني فإن النساء اللاتي يعانين من العنصرية ممثلات بشكل زائد بين الأفراد في هذه الحالات الـ 24، حيث قالت أليس جارسيا، مسؤولة المناصرة والاتصال لدى المركز، “يمكن للقمع أن يتخذ أشكالًا خطيرة للغاية، [بما في ذلك] عنف الشرطة والتهديدات باتخاذ إجراءات قانونية”.
وأضافت جارسيا: “لقد سمعنا أيضًا قصة أحد الأكاديميين الذي تلقى تهديدات بالقتل من إحدى المنشورات على الإنترنت”.
وفي إحدى الحالات، تم الإبلاغ عن طالبة بسبب منشور على وسائل التواصل الاجتماعي لم تقم بنشره، لكنها احتجزت لمدة 15 ساعة في زنزانة الشرطة تحت المراقبة.
وقالت الطالبة إن ضابط شرطة كان يرافقها طوال فترة احتجازها، في تجربة قاسية وصادمة جعلتها تعاني من قلق شديد واكتئاب نتيجة ذلك.
وسجل المركز 17 حالة اعتقال تتعلق بقضية المناصرة الفلسطينية منذ 7 أكتوبر، وتعليقاً على ذلك تقول جارسيا: “هذا نوع جديد من قمع الدولة لم نشهده كثيرًا في الماضي”.
ثقافة الخوف
إن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كسلاح لمراقبة تعبيرات الأكاديميين والطلاب عن المناصرة الفلسطينية ليس بالأمر الجديد، كما أن سياسات البيئة العدائية منعت الموظفين والطلاب المهاجرين لفترة طويلة من الانخراط في النشاط المؤيد لفلسطين.
وهذا بدوره يحد من قدرتهم على ممارسة صوتهم السياسي داخل وخارج الحرم الجامعي بسبب الخوف المبرر من أن كل ما يقولونه أو يكتبونه يمكن أن يؤثر على وضعهم غير المستقر كمهاجرين، وقد يؤدي إلى إبعادهم من المملكة المتحدة.
في 13 تشرين الأول/ أكتوبر، ذكرت صحيفة ديلي ميل أن وزير الهجرة البريطاني، روبرت جينريك، قال إن الأجانب في المملكة المتحدة الذين يظهرون سلوكًا معاديًا للسامية أو يشيدون بحماس قد يواجهون الترحيل.
وقالت راجي: “يستخدم المحافظون حماس للخلط بين النشاط من أجل تحرير الفلسطينيين والإرهاب، وهو أمر خاطئ وخطير بطبيعته، الموظفون والطلاب المهاجرون الذين أتحدث إليهم يشعرون بالقلق إزاء هذا الأمر”.
تعبئة جماهيرية
ويقول البروفيسور جوردون: “كانت هناك تعبئة جماهيرية ضد هذا النوع من إسكات الأصوات، أشعر أن الضغط بدأ يؤتي ثماره، لأن ما نشهده مؤخرًا هو أنه على الرغم من استمرار الشكاوى، فإن الجامعات لا تبدأ التحقيق تلقائيًا.”
وفي تشرين الأول/ أكتوبر، علقت هيئة تمويل البحوث المستقلة في المملكة المتحدة مجموعتها الاستشارية للمساواة والتنوع والشمول في أعقاب رسالة مفتوحة من ميشيل دونيلان، وزيرة الدولة للعلوم والتكنولوجيا، تطالب فيها المجموعة بقطع علاقاتها مع اثنين من الأكاديميين من اللجنة، الذين اتهمها دونيلان بالترويج لـ “وجهات نظر متطرفة” بشأن الحرب في غزة.
وردًا على ذلك، أعلن 20 أكاديميًا استقالاتهم من اللجنة، بينما وقع آلاف آخرون على رسالة مفتوحة تندد بالقرار.
وفي يوم الجمعة، نظم طلاب في 28 جامعة في جميع أنحاء المملكة المتحدة إضرابًا جماعيًا للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.
وفي بيان مشترك، قالت 30 جمعية فلسطينية من الجامعات في جميع أنحاء المملكة المتحدة إن “البيئة العدائية التي تشجعها إدارات الجامعات قد منعت الفلسطينيين فعليًا من حقهم في الحزن علنًا على الكارثة التي حلت بشعبهم في غزة”.